وصول عربات لمسلحي القبائل لصنعاء لإخلاء مسؤولين محاصرين
انفصاليون يسيطرون على مراكز شرطة جنوب اليمن
مسؤولون أمريكيون: تجميد بعض جهود مكافحة الإرهاب باليمن
محللون: الفوضى باليمن تنعكس سلباً على حملة واشنطن ضد «القاعدة»
عواصم - (وكالات): تظاهر آلاف اليمنيين في شوارع صنعاء أمس في أكبر تجمع ضد الحوثيين منذ سيطرتهم على العاصمة في سبتمبر الماضي، مرددين «يسقط يسقط حكم الحوثي»، فيما وصلت إلى العاصمة قافلة مكونة من عشرات العربات التي تنقل مسلحين قبليين في مسعى لإخلاء مسؤولين محاصرين منذ عدة أيام في إقاماتهم من قبل ميليشيات الحوثيين، وفي جنوب البلاد سيطر انفصاليون على حواجز للشرطة في عتق كبرى مدن محافظة شبوة تحسباً لهجمات المتمردين الشيعة. ولا يوجد في اليمن منذ الخميس الماضي رئيس ولا حكومة بعد استقالة رئيسي الجمهورية والحكومة تحت ضغط الميليشيات الحوثية التي استولت على القصر الرئاسي وتحاصر العديد من المباني الحكومية. ودخل الحوثيون الشيعة العاصمة اليمنية في 21 سبتمبر الماضي ووسعوا منذ ذلك التاريخ سيطرتهم على مناطق في وسط البلاد وغربها.
وهتف المتظاهرون الذين تجمعوا تلبية لدعوة من حركة «رفض» التي أعلنت مؤخراً في عدد من المحافظات اليمنية ضد الميليشيا الشيعية «يسقط يسقط حكم الحوثي» و«لا حوثي بعد اليوم» و«حرية حرية نريد دولة مدنية».
وتابع عناصر مليشيات الحوثيين المنتشرين على طول شارع الستين حيث يقيم الرئيس، المتظاهرين دون أن يتدخلوا.
في المقابل حاول عشرات من أنصار الحوثيين وقف التظاهرة مما أدى إلى مناوشات لفترة وجيزة قبل أن يغادروا المكان بعد تزايد عدد المشاركين في التجمع.
كما نظمت تظاهرات كبيرة أيضاً في مدن تعز وإب والحديدة.
وفي صنعاء توجه المتظاهرون إلى مقر الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي للتعبير عن «رفضهم لاستقالته» التي قدمها الخميس الماضي بعيد تقديم رئيس الحكومة خالد بحاح استقالة حكومته.
وجاءت استقالة رأسي السلطة التنفيذية بعد أيام من خطف مدير مكتب الرئيس أحمد عوض بن مبارك بأيدي الحوثيين الذين لا يزالون يحتجزونه.
ومن المقرر أن ينظر البرلمان اليوم في استقالة الرئيس في جلسة طارئة لكن انعقاده لايزال غير مؤكد بالنظر إلى الانتشار الكبير لمسلحي الحوثيين في صنعاء.
وانتخب هادي في 2012 بعد رحيل علي عبد الله صالح تحت ضغط الشارع وفي خضم ما عرف بـ «الربيع العربي».
ويشتبه في تقارب صالح مع الحوثيين الذين يحتجون على مشروع دستور جديد ينص على جعل اليمن دولة فيدرالية من 6 اقاليم.
وفي حال الحصول على تنازلات في مشروع الدستور وعد الحوثيون بمغادرة القصر الرئاسي والإفراج عن مبارك.
ورغم سيطرة الحوثيين على العديد من المباني في العاصمة فإنهم يبدون مترددين حسب مختصين، في تولي أمر البلاد بالنظر إلى قلة خبرتهم السياسية وردود الفعل العنيفة التي ستنجم عن ذلك في صفوف الأغلبية السنية في اليمن وخصوصاً جناحها المتشدد ومتطرفي القاعدة.
وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر دعا الخميس الماضي إلى تطبيق اتفاق 21 سبتمبر 2014 الذي نص على انسحاب الميليشيات الشيعية من صنعاء.
وكان ذلك الاتفاق أدى الى وقف المعارك بالعاصمة كما نص على تشكيل حكومة لكنه في الواقع بقي حبراً على ورق.
في غضون ذلك، وصلت إلى العاصمة قافلة مكونة من عشرات العربات التي تنقل مسلحين قبليين في مسعى لإخلاء مسؤولين محاصرين منذ عدة أيام في إقاماتهم من قبل ميليشيا الحوثيين. وحتى الآن يقف المعسكران اللذان دعا كل منهما إلى تعزيزات، متقابلين. وتجري مفاوضات للتمكن من إخلاء المسؤولين وتفادي حدوث مواجهة. ووصل ممثلون لقبائل سنية من محافظتي مارب والجوف قرب منزل وزير الدفاع محمود صبيحي المحاصر من الحوثيين. وقال أحدهم إنه سيتم استخدام القوة إذا لم يفرج الحوثيون عن الوزير.
وتوجه مسلحون آخرون ناحية منزل قائد الاستخبارات اللواء علي الأحمدي المحاصر منذ الخميس الماضي من ميليشيا الحوثيين.
وفي جنوب البلاد استولى انفصاليون مسلحون على 6 نقاط مراقبة في مدينة عتق مركز محافظة شبوة، دون مقاومة من قوات الأمن، بحسب شهود.
وترفض 4 محافظات يمنية منذ الخميس الماضي أوامر العاصمة إلى وحدات الجيش والأمن وقررت هذه المحافظات عدم الطاعة إلا للمسؤولين الموالين للرئيس عبد ربه منصور هادي.
وانتشر مسلحو «اللجان الشعبية» التي شكلت خصوصاً من أفراد القبائل للتصدي سابقاً لتنظيم القاعدة في الجنوب، في العديد من مناطق جنوب اليمن. وقال قائدهم حسين الوحيشي «أقمنا نقاط مراقبة لحماية المدينة من هجمات الحوثيين أو القاعدة».
ومما يزيد من تعقيد الوضع في اليمن أن الحوثيين يشيرون في خطابهم إلى التصدي للقاعدة لتبرير توسيع رقعة سيطرتهم في البلاد.
واليمن في الواقع معقل للفرع الذي تعتبره واشنطن الأخطر بين فروع القاعدة.
ويرى محللون ومسؤولون أمريكيون أن الفراغ في رأس السلطة في اليمن يمكن أن يحرم الولايات المتحدة من شريك مميز في التصدي للقاعدة.
وقال مسؤول في وزارة الدفاع أن صنعاء «كانت تعطي موافقتها» على الغارات الجوية الأمريكية في أراضيها على تنظيم القاعدة «وتساهم أيضاً في الجهود الميدانية» بقواتها الخاصة.
ويضيف المسؤول الأمريكي «لا أحد يعرف ما سيحصل الآن».
في الوقت ذاته، قال مسؤولون أمريكيون إن الولايات المتحدة أوقفت بعض عمليات مكافحة الإرهاب ضد متشددي تنظيم القاعدة في أعقاب سيطرة المقاتلين الحوثيين الذين تدعمهم إيران على اليمن.
وقال مسؤولان أمنيان أمريكيان إن انهيار الحكومة اليمنية المدعومة من الولايات المتحدة أصاب حملة الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب «بالشلل» كما منيت مكافحة واشنطن لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب بنكسة كبيرة.
وقال 3 مسؤولين أمريكيين إن توقف العملية يتضمن الهجمات التي تشنها طائرات بلا طيار بشكل مؤقت على الأقل في أعقاب الاستقالة المفاجئة للرئيس اليمني ورئيس الوزراء ومجلس الوزراء وسط مخاوف متزايدة من انزلاق اليمن نحو حرب أهلية.
وتسلط الخطوة الأمريكية الضوء على نكسة أخرى لسياسة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في الشرق الأوسط وتثير شكوكاً حول استراتيجية مكافحة الإرهاب التي اعتمدت على الهجمات التي تشن بطائرات بلا طيار وشركاء أجانب متقلبين غالباً لتفادي إرسال قوات أمريكية برية ضخمة لمحاربة تهديدات المتشددين بعيداً عن الشواطئ الأمريكية. ويعمل أمريكيون كثيرون مع القوات اليمنية في قاعدة العند الجوية الجنوبية وهي مركز مخابرات لمراقبة تنظيم القاعدة الذي أعلن مسؤوليته عن هجمات وقعت في باريس هذا الشهر وأودت بحياة 17 شخصا.
وقال مسؤولون أمريكيون آخرون إن الوضع على الأرض مائع ووصفوا توقف العمليات بالإجراء المؤقت لتقييم الأوضاع الفوضوية على الأرض.