عواصم - (وكالات): سمع دوي إطلاق نار أمس في صنعاء التي تجوبها دوريات الميليشيات الشيعية التابعة للحوثيين في ظل اشتداد الأزمة في البلاد، حيث قدم الرئيس والحكومة استقالتهما. وإمعاناً في الاضطراب، أرجىء مجدداً اجتماع للبرلمان كان مقرراً أمس بعد استقالة الرئيس عبدربه منصور هادي. وأفاد محيطون بالرئيس أن البرلمان رفض الاستقالة، فيما أكد محللون أن اليمن يواجه خطر التفكك بعد رفض قطاعات كبيرة في البلاد الانقلاب العسكري واستيلاء الشيعة على السلطة.وقالت محافظات في مختلف أنحاء اليمن الذي تربط أجزاءه شبكة معقدة من التحالفات القبلية والدينية إنها لن تقبل أي أوامر عسكرية من صنعاء بعد أن حاصرت جماعة الحوثي المتخحالفة مع إيران بيت الرئيس هادي وقصره الأسبوع الماضي. وأثارت احتمالات تفكك اليمن مخاوف من تحوله إلى صومال آخر حيث يوجد فيه فرع نشط من تنظيم القاعدة. وبالنسبة لواشنطن سيجعل تقسيم اليمن من الصعب تنفيذ استراتيجية مكافحة الإرهاب التي تنتهجها لمحاربة مقاتلي تنظيم القاعدة الذين يستهدفونها ويستهدفون الدول المجاورة كما أنهم أعلنوا مسؤوليتهم عن الهجوم على صحيفة «شارلي ابدو» في باريس في 7 يناير الجاري.وكان اليمن في ظل رئاسة هادي - الذي يؤيد الضربات الجوية الامريكية التي تستهدف القاعدة - حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة في حربها على التشدد. أما بالنسبة لجيران اليمن فإن صعود نجم الحوثيين يمثل سقوط عاصمة جديدة في أيدي حلفاء ايران، بعد أن أصبح أنصار طهران يتولون السلطة في كل من دمشق وبيروت وبغداد.وبسط الحوثيون سيطرتهم على العاصمة صنعاء في سبتمبر الماضي. ومنذ ذلك الوقت استطاع الحوثيون التعايش مع الرئيس هادي وحكومته حتى الأسبوع الماضي عندما هزم مقاتلو الجماعة الحرس الجمهوري ونشروا قواتهم خارج بيت الرئيس. ورغم أن هادي وقع اتفاقا سلم فيه بكثير من مطالب الحوثيين فقد فشلت تلك المحاولة لنزع فتيل الأزمة واستقال الرئيس فجأة من منصبه عقب ذلك.وأثارت خطوة الاستقالة سلسلة من ردود الفعل من الأقاليم - ويوجدفي بعضها وحدات قوية من القوات المسلحة - التي نأت بنفسها عن العاصمة التي يسيطر عليها الحوثيون حتى وإن كانوا لم يتوصلوا حتى الآن إلى طريقة للحكم. وقال مصدر دبلوماسي «الناس غاضبون وخائفون، أسوأ ما في الأمر أنها يمكن أن تتحول إلى حرب أهلية». ووصف دبلوماسي آخر الوضع بأنه حالة من الفوضى.وفي مدينة عدن الجنوبية، قالت اللجنة الأمنية المحلية إنها لن تتلق أوامر من العاصمة صنعاء.وفي عتق عاصمة محافظة شبوة ذكرت تقارير إعلامية محلية أن دوريات مشتركة تسيرها مجموعة انفصالية وقوى الأمن المحلية تولت مهمة الأمن في المنطقة. وفي محافظة مأرب الشرقية الغنية بالنفط والتي برزت كنقطة ساخنة بين الحوثيين والقبائل السنية في الأشهر الأخيرة ندد مسؤولون سياسيون وأمنيون بأحداث 19 يناير ووصفوها بأنها انقلاب وقالوا إنهم لن ينفذوا أي أوامر صادرة من صنعاء. وفي تعز وإب خرج الاف المحتجين المعادين للحوثيين إلى الشوارع ورددوا هتافات تعبر عن رفضهم «الانقلاب» في مظاهرت أعادت إلى الأذهان ذكرى مظاهرات ما يعرف بـ «الربيع العربي» عام 2011 التي أسفرت عن إسقاط الرئيس السابق صالح. في غضون ذلك، سمع دوي إطلاق نار في صنعاء التي تجوبها دوريات الميليشيا الشيعية التابعة للحوثيين في ظل اشتداد الأزمة في البلاد.وإمعاناً في الاضطراب، أرجىء مجدداً اجتماع للبرلمان كان مقرراً أمس بعد استقالة الرئيس هادي. وأفاد محيطون بالرئيس بان البرلمان رفض الاستقالة.ومن المحتمل أن تؤثر الاستقالة في الجهود التي يبذلها الحليف الأمريكي الكبير في مكافحة تنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» الذي تعتبره واشنطن أخطر الشبكات التي تدين بالولاء للقاعدة.وفي هذا السياق، أكد الرئيس الأمريكي باراك اوباما أن الحرب على القاعدة في اليمن تبقى أولوية للولايات المتحدة رغم الفوضى السائدة في البلاد، مضيفاً «نعمل مع دول الخليج بشأن اليمن ويجب احترام العملية الدستورية لحل الوضع سلمياً». وقال اوباما في مؤتمر صحافي مشترك في نيودلهي مع رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي إن «اولويتنا هي الابقاء على الضغط على القاعدة في اليمن وهذا ما نقوم به».واضاف «قرأت مقالات تفيد أن أنشطتنا في مكافحة الإرهاب تم تعليقها: هذا غير صحيح». وقال أيضاً «سنواصل ضرب أهداف مهمة داخل اليمن وسنبقي على الضغط الضروري لضمان أمن الأمريكيين».ومنذ 2009، شنت الولايات المتحدة أكثر من 110 ضربات جوية في اليمن، والقسم الأكبر منها بواسطة طائرات من دون طيار، بحسب تعداد نشرته مؤسسة نيو أمريكا. وفي 2011، قضى الأمريكيون على الإمام الأمريكي اليمني أنور العولقي المسؤول عن تنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» الذي نشأ من دمج فرعي القاعدة في السعودية واليمن. وكررت الولايات المتحدة القول إنها ستبقي سفارتها مفتوحة في صنعاء مع خفض عدد أفراد طاقمها في الوقت نفسه. وإذ أشار إلى قلقه حيال «ما كان على الدوام حكومة مركزية هشة»، دعا الرئيس الأمريكي كافة الأطراف المعنية إلى احترام العملية الدستورية و»اللجوء إلى وسائل سياسية بدلاً من العسكرية لحل خلافاتهم». إلى ذلك، قال شهود في صنعاء إن مسلحين من الحوثيين أطلقوا النار في الهواء لتفريق بداية تظاهرة مناهضة أمام جامعة صنعاء غداة مسيرة احتجاجية كبيرة ضد وجودهم في العاصمة.وقال شهود إن المسلحين هاجموا صحافيين ومنعوهم من تصوير فرار عشرات المتظاهرين.وأعلنت نقابة الصحافيين أن الميليشيا الشيعية اعتقلت اثنين من الصحافيين خلال تفريق بداية التظاهرة.وقال محمد السياغي المصور الصحافي العامل مع وكالة رويترز إنه اعتقل مع الصحافيين ثم أطلق سراحه بعد ساعة من الاستجواب. وأكد الأمين العام لنقابة الصحافيين اليمينين مروان دمج أن المعتقلين يعملان في وسائل إعلام محلية وهما صامد السامعي، محرر الشؤون السياسية في صحيفة «الأولى» ويحيى القباطي، الصحافي في موقع الاشتراكي نت الإخباري. وأكد دمج أن عناصر الميليشيا «اعتدوا بالضرب» على الصحافية المستقلة هدى الذبحاني.وقد أكد السياغي أن «الحوثيين تصرفوا بجنون ضد المتظاهرين وضد الصحافيين وأطلقوا الرصاص الحي بشكل عشوائي وتم الاعتداء علينا وعلى المتظاهرين بالضرب بأعقاب البنادق».وعزز الحوثيون وجودهم المسلح في قطاع جامعة صنعاء لمنع أي محاولة للتجمع، حسب الشهود. وتظاهر آلاف اليمنيين في شوارع صنعاء أمس الأول في أكبر تجمع ضد الحوثيين منذ سيطرتهم على العاصمة في سبتمبر 2014. وبعيداً عن العنف والفوضى السياسية، يخشى سكان العاصمة إصابة الإدارة بالشلل فلا أحد يعرف ما إذا كانت رواتب موظفي الدولة ستدفع آخر الشهر الحالي أو ما إذا كان تقديم الخدمات العامة سيستمر. كما بات اليمن على شفير كارثة إنسانية مع إعلان منظمة اوكسفام عن وجود 16 مليون نسمة، أي أكثر من نصف عدد السكان، بحاجة إلى مساعدات.وأضافت في بيان أن «أزمة إنسانية واسعة النطاق تهدد هذا البلد في حال استمرت حالة عدم الاستقرار».
970x90
970x90