الرياض - (أ ف ب): تتطلع القيادة السعودية الجديدة التي يزورها الرئيس باراك أوباما اليوم، إلى التزام أمريكي متجدد في المنطقة.
ويصل أوباما مع زوجته اليوم إلى الرياض لتقديم العزاء بوفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، ولقاء خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
وأعلن البيت الأبيض أن من المتوقع أن يبحث الرئيس الأمريكي مع العاهل السعودي الجديد الحملة العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» والأزمة في اليمن.
وصرح نائب مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض بن رودس في نيودلهي «أنا متأكد أنه أثناء وجوده هناك، فإنهما سيبحثان عدداً من القضايا الرئيسة التي نتعاون فيها بشكل وثيق مع السعودية».
وأضاف «من الواضح أن ذلك سيشمل الحملة المستمرة ضد داعش التي يشارك فيها السعوديون الذين انضموا إلينا في العمليات العسكرية».
وقال رودس إن بين القضايا «بالطبع الوضع في اليمن حيث ننسق بشكل وثيق جداً مع السعودية وغيرها من الدول». من جهته، قال الخبير المتخصص في شؤون الشرق الأوسط فريديريك ويري «هناك اعتقاد بأنه لم يكن هناك علاقة شخصية جيدة بين الملك عبدالله رحمه الله، وأوباما، ومن هنا فإن التغيير يمكن أن يكون صفحة جديدة على هذا المستوى».
لكنه أضاف «على المستوى التنفيذي، ليس هناك أي تغيير من الجانب السعودي لأن أشخاصاً مثل وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف «الذي يمسك بالملف الأمني وأصبح ولياً لولي العهد» مازالوا موجودين لا بل تعزز موقعهم».
وفيما يستمر التحالف الاستراتيجي بين البلدين والقائم على مصالح مشتركة ضخمة، إلا أن السنوات الأخيرة طبعت باستياء سعودي إزاء ما اعتبرته الرياض نقصاً في التزام واشنطن إزاء قضايا المنطقة بحسب خبراء.
وفي المقابل، تقاربت واشنطن نسبياً مع إيران في وقت تزداد فيه احتمالات التوصل إلى اتفاق نووي مع طهران.
ومن موقف واشنطن إزاء الاحتجاجات في العالم العربي، إلى انفلات الوضع العراقي وانهيار اليمن والتأزم في ليبيا وعدم التدخل في سوريا وصولاً إلى استراتيجية محاربة الإرهاب وعدم ممارسة ضغوط كافية على إسرائيل، تبدو سنوات أوباما سيئة بالنسبة لحكام السعودية مقارنة مثلاً بعهد جورج بوش.
وقال رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية في جدة أنور عشقي «هناك ملفات لا بد أن يكون هناك تفاهم حولها بين الملك سلمان وأوباما، لأن المملكة تتفق مع واشنطن على كثير من الأهداف، لكن الاختلاف واضح حول عدد كبير من المسائل».
وبحسب عشقي، فإن السعودية تختلف مع واشنطن في الاستراتيجيات حول ملفات متنوعة.
وقال «في التعامل مع الإرهاب وتنظيم الدولة الإسلامية، ترى السعودية إنه يجب زوال السبب وهو غياب العدالة في العراق والعنف في سوريا الذي يشكل حاضنة للإرهاب، وليس فقط التعامل مع الظاهرة».
وفي الموضوع الإيراني، ترى السعودية بحسب عشقي أن الولايات المتحدة «تركز فقط على مسألة السلاح النووي لكن المملكة تريد منها أن تواجه سياسة زعزعة الاستقرار في المنطقة».
وتتهم السعودية إيران بالتدخل في شؤون الدول العربية في المنطقة، خاصة في البحرين واليمن وسوريا والعراق ولبنان.
كما تتطلع السعودية إلى التزام أمريكي أكبر في ليبيا وفي اليمن «لإجبار الجميع على العودة إلى العملية السياسية» بعد أن سيطر المتمردون الحوثيون الشيعة على صنعاء وما تلاها من استقالة الرئيس عبدربه منصور هادي.
ورغم جهود بذلها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، لم تحقق عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين أي تقدم فيما تتمسك المملكة بالمبادرة العربية للسلام التي أطلقتها في 2002 وعرضت بموجبها سلاماً شاملاً مع إسرائيل مقابل الانسحاب من الأراضي المحتلة في عام 1967.
وقد قرر أوباما أن يختصر زيارته إلى الهند والتخلي عن زيارة تاج محل في اغرا ليتوقف مع زوجته في الرياض لدى عودتهما إلى واشنطن.
وقال أوباما بعيد وفاة الملك عبدالله رحمه الله الذي التقاه مرتين «لقد تأكد أن العلاقة السعودية الأمريكية مهمة من أجل الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط وأبعد من ذلك» مشدداً على أن «قوة شراكتنا بين بلدينا تشكل جزءاً من إرث الملك عبدالله».
لكن الواقع أن العلاقات الأمريكية السعودية لم تكن في أفضل أوضاعها في عهد أوباما بحسب الخبير في الشؤون النفطية والاستراتيجية جان فرانسوا سيزنيك.
وقال سيزنيك إن «السعوديين على كل المستويات يرون بأن الأمريكيين لم يعودوا محل ثقة».
وعما إذا كان السعوديون قلقون إزاء إمكانية توصل مجموعة الدول الكبرى وألمانيا إلى اتفاق نووي مع إيران، قال سيزنيك «إن السعوديين ينظرون في الواقع إلى هذا الاتفاق بشكل إيجابي».
وبحسب المحلل، فإن السعوديين يرون أن «الأمريكيين سينسحبون استراتيجياً من المنطقة بكل الأحوال، وبإمكانهم أن يتوصلوا بدورهم إلى اتفاق مع إيران بعد اتفاقها مع القوى الكبرى، وبإمكانهم بموجب هذا الاتفاق أن ينسقوا مع الإيرانيين لترتيب شؤون المنطقة من سوريا إلى اليمن».
وخلص سيزنيك إلى القول قد يكون هناك مناسبة الآن للتلاقي بين واشنطن والرياض، لكن «السعوديين فقدوا ثقتهم بالأمريكيين على المدى الطويل».