عواصم - (وكالات): نجح المقاتلون الأكراد في طرد تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» من مدينة عين العرب السورية الحدودية مع تركيا، في إنجاز ذي رمزية كبيرة صار ممكناً نتيجة الدعم الجوي للتحالف الدولي بقيادة أمريكية، فيما أعلن الفريق الركن عبد الأمير الزيدي قائد عمليات دجلة «تحرير» محافظة ديالى ، شمال شرق بغداد، من تنظيم التنظيم المتطرف، ومقتل أكثر من 50 مسلحاً من المتطرفين. وفي موسكو، بدأ ممثلون عن المعارضة السورية اجتماعاً يمهد للقاء آخر غداً الأربعاء بينهم وبين ممثلين لنظام الأسد، بناء على مبادرة من روسيا تهدف إلى إقامة حوار بين الطرفين حول إمكان حل الأزمة السورية المستمرة منذ 4 سنوات والتي قتل فيها أكثر من 200 ألف شخص.
وتشكل خسارة المعركة الطويلة في مدينة عين العرب الحدودية مع تركيا الصفعة العسكرية الأقوى التي يتلقاها تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا منذ توسعه وسيطرته على مساحات واسعة فيها وفي العراق المجاور الصيف الماضي. وتزامنت هذه الهزيمة مع نجاح القوات الحكومية العراقية في إخراجه بشكل كامل من محافظة ديالى في شرق العراق. ولكن على الرغم من الهزائم التي مني بها التنظيم، قال المتحدث باسمه ابو محمد العدناني في تسجيل صوتي نشر على الانترنت إن «الدولة الإسلامية تقوى وتشتد»، داعياً المسلمين عموماً إلى شن هجمات جديدة في الغرب مماثلة لاعتداءات فرنسا الأخيرة.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن وحدات حماية الشعب سيطرت «بشكل شبه كامل على مدينة عين العرب «كوباني» بعد أن طردت عناصر تنظيم الدولة الإسلامية منها».
وأشار عبد الرحمن إلى أن مقاتلي التنظيم المتطرف انسحبوا إلى ريف عين العرب من الجهة الشرقية، موضحاً أنه «لم يعد هناك مقاتلون للتنظيم في المدينة» حيث تواصل القوات الكردية «عمليات التمشيط». وأكد الصحافي الكردي مصطف عبدي الموجود في منطقة تركية حدودية مع سوريا والمتابع لملف كوباني عن قرب، الخبر.
وقال إن عين العرب ستعلن «مدينة محررة خلال ساعات»، وإن مقاتلي وحدات حماية الشعب يتقدمون في الحي الأخير الذي دخلوه شرق المدينة، وهو حي مقتلة، «ببطء خوفاً من وجود الغام أو سيارات مفخخة أو أحزمة ناسفة أو مفاجآت».
وأكد انسحاب عناصر تنظيم الدولة الإسلامية من الحي، مشيراً إلى أن «بعضهم شوهدوا يفرون على دراجات نارية». إلا أن عبدي قال «إن داعش لا يزال موجوداً في 400 قرية وبلدة في محيط كوباني، وهذا أمر خطير».
وبدا تنظيم الدولة الإسلامية هجومه في اتجاه عين العرب في 16 سبتمبر الماضي، وسيطر على مساحة واسعة من القرى والبلدات في محيطها، قبل أن يدخل المدينة في أكتوبر الماضي. وكادت المدينة تسقط في أيديهم، إلا أن المقاتلين الأكراد استعادوا زمام المبادرة نهاية أكتوبر الماضي. ويعود الفضل في تغير ميزان القوى على الأرض إلى الضربات الجوية التي وجهها التحالف الدولي لمواقع التنظيم، بالإضافة إلى تسهيل تركيا دخول أسلحة ومقاتلين لمساندة المقاتلين الأكراد إلى المدينة.
وبحسب المرصد السوري، تسببت معارك عين العرب بمقتل 1737 شخصاً، بينهم 1196 مقاتلاً من تنظيم الدولة الإسلامية.
وعلى الرغم من ذلك، تساءل الأسد في مقابلة مع مجلة «فورين افيرز» الأمريكية عن مدى فعالية حملة التحالف الدولي. ومنذ 23 سبتمبر الماضي، تشن الولايات المتحدة وحلفاؤها غارات على مواقع للمسلحين المتطرفين في سوريا، بعد نحو شهر ونصف على بدء ضربات جوية مماثلة في العراق. وقتل في هذه الغارات أكثر من 1400 شخص في سوريا معظمهم من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، بحسب المرصد السوري. دبلوماسياً، اجتمع في موسكو ممثلون عن المعارضة السورية المقبولة من النظام في محادثات تمهد للقاء غداً مع وفد سوري حكومي. وأعلن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية رفضه المشاركة في هذه اللقاءات، إذ اعتبر أن روسيا، حليفة دمشق، ليست بلداً «محايداً».
ويرأس وفد النظام مندوب سوريا الدائم إلى الأمم المتحدة بشار الجعفري. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن لا جدول أعمال للمحادثات ولن يتم توقيع أي وثيقة.
وتعليقاً على لقاءات روسيا، قال الأسد «ما يجري في موسكو ليس مفاوضات حول الحل، إنها مجرد تحضيرات لعقد مؤتمر، أي كيفية التحضير للمحادثات»، مضيفاً «مع من نتفاوض؟ لدينا مؤسسات وجيش وتأثير، والأشخاص الذين سنتفاوض معهم يمثلون أي جهة؟».
وأجرى وفدان من النظام والمعارضة مفاوضات مباشرة برعاية الأمم المتحدة في يناير وفبراير 2014، من دون تحقيق أي تقدم على صعيد إيجاد حل للنزاع الدامي والمتشعب. وتمسك الوفد الحكومي في حينه بوجوب القضاء على الإرهاب أولاً في سوريا، رافضاً البحث في مصير الأسد، بينما أصرت المعارضة على تشكيل حكومة انتقالية من دون الأسد وأركان نظامه.
وفي باريس، صرح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن سوريا الغد يجب أن تبنى من دون بشار الأسد.
وقال «لا يمكن لأحد عاقل أن يفكر أن رجلاً مسؤولاً عن مقتل 200 الف شخص سيكون موجوداً في مستقبل شعبه»، مضيفاً أن إبقاء الأسد في مكانه «يشكل هدية مطلقة» لتنظيم الدولة الاسلامية. وتابع «لا بد من حل يضم عناصر من المعارصة وآخرين من النظام، من دون بشار» الأسد. وفي العراق، اعلن قائد عمليات دجلة الفريق الركن عبد الامير الزيدي «تحرير» محافظة ديالى، شمال شرق بغداد، من تنظيم «داعش» الذي كان يسيطر على بعض مناطقها، ومقتل اكثر من 50 مسلحا من المتطرفين.
وقال الزيدي «نعلن تحرير محافظة ديالى من تنظيم داعش بمشاركة قوات الجيش والحشد الشعبي وأبناء العشائر، وقتل أكثر من 50 إرهابياً» من المتطرفين.
وأكد أن «القوات العراقية تفرض سيطرتها على جميع مدن واقضية ونواحي محافظة ديالى».
ونفذت القوات العراقية بمساندة قوات موالية للحكومة «الحشد الشعبي» وأخرى من أبناء العشائر، خلال الأيام الثلاثة الماضية، عمليات متلاحقة في مناطق متفرقة كانت تخضع لسيطرة المتطرفين. وتعد محافظة ديالى، كبرى مدنها بعقوبة شمال شرق بغداد، من المناطق المتوترة بحيث تشهد أحداث عنف شبه يومية.وشهدت المناطق الواقعة إلى الشمال من قضاء المقدادية، شمال شرق بعقوبة، عمليات متلاحقة منذ الجمعة الماضي لاستهداف معاقل تنظيم الدولة الدولة الإسلامية. وأعلن الزيدي «مقتل 58 مقاتلاً وإصابة 248 مقاتلاً من القوات العراقية والقوات الأخرى التي قاتلت إلى جانبها» خلال الأيام الماضية. وأكد رئيس مجلس بلدي قضاء المقدادية عدنان التميمي «تطهير جميع مناطق المقدادية بالكامل وانطلاق فرق فنية من دائرة الكهرباء والبلدية لإصلاح الأضرار التي تعرضت لها المنطقة استعداداً لعودة الأهالي».
وأشار الزيدي إلى أن القوات العراقية باشرت بتطهير المنطقة من «العبوات الناسفة التي زرعها مسلحو داعش» في الطرق والمنازل المفخخة والبساتين للإسراع في إعادة الأهالي إلى مناطقهم.
وتواصل قوات حكومية وأخرى من البشمركة الكردية إضافة إلى الحشد الشعبي من المقاتلين الشيعة، وغيرهم من أبناء العشائر عمليات مطاردة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في مناطق متفرقة في العراق.
وفرض تنظيم «الدولة الإسلامية» بعد هجوم شرس في يونيو العام الماضي، سيطرته على مدن مهمة بينها الموصل ثاني مدن البلاد، ومناطق واسعة في شمال وغرب ووسط العراق.