خبراء: خادم الحرمين يتطلع لمزيد من الالتزام الأمريكي في أزمات المنطقة
مراقبون: علاقات مميزة مع واشنطن في عهد خادم الحرمين الملك سلمان
الوفد الأمريكي للرياض يتألف من 29 مسؤولاً كبيراً بينهم جمهوريون
عواصم - (وكالات): وصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الرياض مع وفد رفيع لتقديم التعزية لخادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في وفاة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ولبحث مجموعة من الأزمات الشائكة في المنطقة خلال قمة عقدت بين الزعيمين تناولت الحملة الدولية ضد تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، والتطورات في اليمن، فضلاً عن تطورات الملف النووي الإيراني. واستقبل الملك سلمان الرئيس الأمريكي لدى نزوله من الطائرة برفقة زوجته ميشيل. وحضر عدد كبير من الأمراء والوزراء إلى أرض المطار لاستقبال أوباما الذي أجرى زيارته الأخيرة إلى المملكة في مارس الماضي.
ومن أبرز الذين شاركوا في الاستقبال ولي العهد الأمير مقرن بن عبدالعزيز وولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز الذي يشغل أيضاً منصب وزير الداخلية. وصافح أوباما بعد ذلك كبار المسؤولين السعوديين السياسيين والعسكريين. وحطت الطائرة الرئاسية الأمريكية «اير فورس وان» في مطار الرياض بعد أن غادرت نيودلهي في وقت سابق أمس. وشددت السلطات في العاصمة السعودية التدابير الأمنية بشكل كبير.
وانتشرت مئات المركبات الأمنية بما في ذلك المركبات المصفحة وسيارات الشرطة وأجهزة الاستشعار على طول الطريق بين مطار الرياض ووسط المدينة. كما انتشرت القوى الأمنية بشكل واضح في المدينة.
واختصر أوباما برنامجه المقرر في الهند وألغى زيارته لتاج محل ليزور الحليف السعودي البالغ الأهمية بالنسبة لواشنطن منذ 70 سنة.
وقال بيان صادر عن الديوان الملكي السعودي، بثته وكالة الأنباء الرسمية في وقت سابق إن «الرئيس أوباما سوف يعقد خلال هذه الزيارة مباحثات رسمية مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، تشمل العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها».
وأوضح البيان أن الجانبين سيبحثان خلال اللقاء الأول للملك سلمان مع الرئيس الأمريكي، «القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك». ورافق أوباما وفد رفيع من الحكومة والحزبين الجمهوري والديمقراطي إضافة إلى زوجته ميشيل. ويضم الوفد وزير الخارجية جون كيري وعضو مجلس الشيوخ الجمهوري جون ماكين ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية جون برينن وقائد القيادة الأمريكية الوسطى الجنرال لويد اوستن. ويتألف الوفد الأمريكي من 29 شخصاً بينهم مسؤولون من عهد الرئيسين السابقين جورج بوش وجورج دبليو بوش مثل وزيري الخارجية السابقين جيمس بايكر وكوندوليزا رايس.
وبحسب محللين، يسعى الملك سلمان وأوباما لإعادة تنشيط العلاقات الثنائية التي تضررت خلال السنوات الأخيرة بالرغم من استمرار الشراكة الاستراتيجية بين البلدين مع وجود مصالح مشتركة ضخمة. وقد تقاربت واشنطن نسبياً خلال الفترة الأخيرة مع إيران في وقت تزداد فيه احتمالات التوصل إلى اتفاق نووي مع طهران. وذكر خبراء أن الملك سلمان يتطلع إلى مزيد من الالتزام الأمريكي في أزمات المنطقة. وقال رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية في جدة انور عشقي «هناك ملفات لابد أن يكون هناك تفاهم حولها بين الملك سلمان وأوباما، لأن المملكة تتفق مع واشنطن على كثير من الأهداف، لكن الاختلاف واضح حول عدد كبير من المسائل». وبحسب عشقي، فإن السعودية تختلف مع واشنطن في الاستراتيجيات حول ملفات متنوعة وتتطلع إلى مزيد من الالتزام من جانبها في الملفات السوري واليمني والليبي والعراقي إضافة إلى ضرورة ألا تكون مقاربة الملف النووي مرتكزة فقط على الملف النووي بل أيضاً على ما تعتبره الرياض تدخلاً إيرانياً في المنطقة. وصرح نائب مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض بن رودس للصحافيين أن زيارة أوباما «تشكل فرصة للتشاور في بعض المسائل التي نعمل عليها مع السعوديين» مشيراً بشكل خاص إلى الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، واليمن والمفاوضات النووية مع إيران والعلاقات السعودية الأمريكية عموماً.
وأضاف «أعتقد أنه من الواضح جداً بالنسبة لنا بان الملك سلمان قد أعطى إشارات واضحة عن الاستمرارية» مشيراً بالتحديد إلى «الاستمرارية في المصالح السعودية وفي العلاقات السعودية الأمريكية». وخلص إلى القول «نحن نعتقد أن السياسة السعودية ستظل مطابقة لما كانت عليه في عهد الملك عبدالله». إلا أن التغيير على راس الهرم في السعودية قد يشكل فرصة لتقدم العلاقات بعد أن تزعزت ثقة الرياض بواشنطن بحسب عدة محللين. وقال المحلل المتخصص في شؤون سياسات الشرق الأوسط فريديريك ويري ان «الخلافات بين السعودية والولايات المتحدة يمكن ان تبقى تحت السيطرة لكن السعوديين يريدون المزيد من التعاون والتنسيق معهم».
ورغم التحالف القديم بين البلدين والذي كان حجر زاوية في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط فقد عبرت الرياض عن نفاد صبرها من عدم إقدام إدارة أوباما على بذل المزيد للإطاحة بالرئيس بشار الأسد وقلقها من السعي الأمريكي لإبرام اتفاق نووي مع إيران. وتحسنت العلاقات السعودية الأمريكية حين زار أوباما الرياض في مارس الماضي لرأب الصدع. وفي هذا الصدد، ويرجح كثير من المراقبين أن تتواصل العلاقات المتميزة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة في عهد خادم الحرمين الشريفين، بذات الطابع الذي تميزت به على مدى تاريخ العلاقة بين البلدين. وهذا التميز لما يتسم به الملك سلمان من علاقات طيبة مع العديد من المسؤولين الأمريكيين، إضافة إلى حرصه على إقامة علاقات دولية إيجابية مع دول ذات تأثير إقليمي ودولي. وحفلت حياة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، بمراحل سياسية متعددة، انتقل فيها من نجاح إلى آخر، ما يعكس وعياً متقدماً وإدراكاً عميقاً لتنفيذ مهام القيادة على الوجه الكامل.
وشارك الملك سلمان في العديد من المهام الخارجية منذ مطلع شبابه، كما تم تكليفه بتمثيل المملكة في عدد من المؤتمرات والاجتماعات الدولية، ما أكسبه حنكة ودراية عميقة في قراءة الأوضاع الدولية وتحديد مصلحة المملكة من خلالها. واتسمت علاقة الرياض مع واشنطن عبر عشرات السنين بالصداقة والمصالح المشتركة، وظلت راسخة ووثيقة لم تعترها أية منغصات.
وتميزت العلاقة بالرؤى المشتركة في العديد من القضايا الإقليمية والدولية مع الحفاظ الكامل على استقلالية القرار. وينظر كثير من المراقبين إلى أن العلاقة بين الطرفين في ظل عهد الملك سلمان، ستسير على ذات النهج الذي كانت عليه، وذلك لما للملك سلمان من علاقات متميزة مع المسؤولين والسياسيين الأمريكيين، إضافة إلى رؤية الملك سلمان في إقامة علاقات دولية إيجابية للمملكة مع دول ذات تأثير إقليمي ودولي كبير، وقد ظهر ذلك من خلال جولاته لدول اختارها بعناية لتوطيد صلتها بالمملكة كما هي تلك الجولة الآسيوية التي قادته العام الماضي لزيارة اليابان والصين والهند وباكستان. وهذه الخبرة الثرية في العلاقات الدولية، جعلت الملك سلمان يتقلد أرفع الأوسمة الدولية التي نالها لمساهماته البناءة في دعم السلم والأمن الدوليين.