تحقيق - يوسف المقهوي: تقول الإحصاءات الرسمية إن حالات الطلاق ازدادت في الآونة الأخيرة، وتعددت أسباب هذه الحالات، فبعضهم يرى أن الزواج المبكر هو السبب الرئيس، وآخرون يذهبون إلى أن عدم التوافق والفارق في المستوى التعليمي له دور كبير في خلق الفجوة بين الطرفين، بينما ركز آخرون على أن للناحية المادية أثر بالغ ومهم أيضاً في ازدياد هذه الحالات، لكن للمطلقات رأى آخر، والأسباب التي يطرحنها أبعد من ذلك وأعمق بكثير، والقصص والحكايات أكثر من الخيال. فتعالوا نخوض في هذه الحالة الاجتماعية التي عدها الدين أبغض الحلال. تزايد حالات الطلاق جعلت النائب عبدالحليم مراد عضو كتلة الأصالة يسأل وزير العدل عن حالات الطلاق في البحرين في أبريل 2010م، وقال مراد إن “السؤال يهدف إلى التعرف على أعداد الطلاق خلال الثماني السنوات الماضية، وحصر الأسباب الرئيسة التي تقف وراء هذه الحالات، من أجل الاقتراب من المشكلة والتعرف على الدور الحكومي في علاجها، وكذلك وضع الحلول العملية لها لغرض الحفاظ على كيان الأسرة”. وكان نص السؤال: كم بلغت حالات الطلاق في البحرين منذ العام 2002م وحتى تاريخه مصنفاً بحسب السنوات وأسباب الطلاق؟ مع توضيح النسبة المئوية مقارنة بعدد حالات الزواج لكل سنة، وما هي جهود الوزارة لتقليص هذه الأعداد والحد من حالات الطلاق، وما الدراسات والبرامج التي أعدتها الجهات المختصة لتفادي ذلك وتجنب ازدياد الحالات في المستقبل؟. أم علي مطلقة وتتحدث عن تجربتها مع الزواج وكيف أنها وصلت إلى أبواب موصدة في التعامل مع الزوج، وذلك لأسباب عدة، وتقول: ما من بيت يخلو من المشكلات ولكن طبيعة المشكلة والحل لها دور في خلق التوازن بين الطرفين، المشكلة الأولى التي واجهتها مع طليقي كانت المكياج، فهو دائماً ما يسألني لماذا تضعين الماكياج؟ وإلى أين أنت ذاهبة؟ مع من جلست؟ علماً أنني لست من النوع الذي يحب الظهور بالمكياج أمام الجميع، فقط في الأوساط النسائية، ولكن يظل الطلب والإلحاح بعدم وضع المساحيق على الوجه، حتى في البيت عندما يعود من العمل يسألني دائماً لماذا تضعين هذه الألوان في وجهك، أجيبه حتى أظهر دائماً أجمل في نظرك، ولكنه يرجع ويعيد الأسئلة نفسها... لماذا؟ هل ذهبت إلى أي مكان اليوم، هل استقبلت أحداً في غيابي؟ وتبدأ المشكلة، بالطبع كان الحل الأسرع بالنسبة إليّ لتفادي أي تطور هو ترك المساحيق لراحة البال، على الرغم من أنه لم يتدخل أحد لحل هذه المشكلة؟. الشك.. السبب وتروي أم علي المشكلة الأخرى التي كانت تعاني منها مع طليقها وهي الشك، إذ تقول: إن التحدث مع أفراد العائلة كان دائماً ما يخلق مشكلة، لماذا تتحدثين وتضحكين مع أخي؟ لماذا تطلبين خدمات من أخي؟.. وغيرها، كنت أتعامل مع أفراد عائلته بنحو عادي وطبيعي، وكأنهم أفراد عائلتي، جميعهم بمنزلة إخواني، وأبوه بمنزلة أبي، ولكنه كان يرفض هذه العلاقة، كان عليّ أن أتعامل معهم وكأنهم أغراب، الحديث بالقطارة والتعامل أيضاً بالقطارة، كان الأمر صعباً للغاية لسبب بسيط هو أننا نسكن في بيت واحد نطبخ ونأكل جميعاً من قدر واحد، بل كانت المشكلة أكبر من ذلك، إذ إنني الأخت الكبيرة لإخواني، كان يتحسس من أحاديثنا الجانبية في بعض الأحيان، فكان يتساءل عن نوع الحديث الذي بيننا وسببه، على الرغم من تدخل أبيه وأمه إلا أن المشكلة تتكرر وتتفاقم. العصبية والشد ثم الصمت ولم تكن تلك المشكلات هي الوحيدة التي كانت السبب وراء انفصالها، ولكن هناك أيضاً أكثر من مشكلة، إذ تقول أم علي: المشكلة الرابعة هي العصبية، هو يريد وأنا أريد، هو يصر وأنا أصر أيضاً، وكلانا يشد، هنا مع كل ما ذكرت يتولد جو من التوتر والشد والعصبية ويظل الأمر مستمراً لأيام عدة على هذا المنوال، وأنا هنا أعترف بأنني عصبية وسريعة الانفعال، وهذا ما لم يقبل به زوجي، وهو يتصف أيضاً بهذه الصفات، ولكني تعلمت في آخر سنتين من حياتنا التعامل معه بهدوء أعصاب طبقاً للمثل السائد “طنش تعش تنتعش” إذ ينفعل هو ويكسر الحاجيات وأنا لا أنطق بكلمة، وهذا ما لم يتحمله على الإطلاق وكان سبباً أيضاً في انفصالنا. وتضيف أم علي: المشكلة الأخرى كانت مشكلة البيئة والتربية، إذ إنني تربيت في وسط عائلة متدينة وملتزمة، ولكن الدين الحق والالتزام الشرعي من دون تشدد، الحلال حلال، والواجب واجب، والمستحب مستحب، والحرام حرام، وكل شيء في حدود المعقول، ولكن هو تربى على أن كل شيء لا يجوز وعيب وحرام، عيب أن يقبلني والدي أو أخي، إظهار الوجه حرام، الحديث مع الغرباء لا يجوز، المكياج في الأوساط النسائية إشكال، خروج المرأة من دون إذن زوجها حرام من دون تحديد الوجهة، بينما أنا تربيت على أن قبلة الوالد والأخ محبة وحنان، وإظهار الوجه حلال، الحديث مع الغرباء يجوز في حدود المعقول، المكياج في الوسط النسائي لا إشكال فيه. الاختلاف في تربية الأبناء المشكلة السادسة والتي ربما ليست بذاك المستوى التي يمكن أن تكون سبباً أساساً للانفصال هي الاختلاف والمشكلات اليومية في طريقة تربية الأولاد، فحينما تقول أم علي يمين يقول هو يسار والعكس أيضاً، ولكن هناك مشكلة سابعة ترويها أم علي هي نظرة زوجها إلى المرأة، وتقول: كان دائماً يعتقد أن المرأة خراب المجتمع ودماره وفساده، وليس لديه أدنى ثقة بالمرأة، حب أهلي وإخوانه وأعمامه مشكلة، عملي وسياقتي وجمالي وشخصيتي وقوة شخصيتي.. هذه الأمور كلها كانت بالنسبة إليه مشكلة، ابتعد أبوه ووالدي عن الموضوع، أدخلنا رجل دين ليحل المشكلة ولكن من دون فائدة، حاولت إقناعه بتدخل أحد المختصين في هذه الأمور ولكنه رفض ذلك. وتضيف أم علي: تحملت العيش معه 12 سنة ولكن في نهاية المطاف قال لي مع السلامة لا أريدك زوجة لي، علماً بأنه طيلة هذه السنوات كان يهددني بالطلاق فكان ينتابني الخوف لسبب أنني لا أعمل خوفاً على أبنائي من التشرد والضياع، ولكن عندما حصــلت على عمـــل وقـــرر هو الانفصال لم يشعرني هذا الأمر بالخوف، وفعلاً طلقني وها أنا أعيش مع أبنائي في شقة مستقلة وأصرف عليهم من دون الحاجة إلى أحد. وتختم أم علي قصتها بحلول ربما تكون لها مخرجاً أو لتفادي حالات الطلاق التي تتزايد وتيرتها في الفترة الأخيرة، وتقول : اقترح إنشاء مركز متخصص بحل المشكلات الزوجية يتكون من فريق متكامل : عالم دين وأخصائيون اجتماعيون ونفسيون وتكون هناك برامج وندوات ومحاضرات تثقيفية، كما أقترح أن يكون للقضاء دور في ترشيد الزوج والزوجة وتوجيههما قبل الشروع بعملية الطلاق. شخصية غريبة ومعقدة المطلقة أم عبدالله تروي هي أيضاً مأساتها مع زوجين ورحلة من المشكلات والتعب والإهمال؛ إذ كانت فترة زواجها الأول 5 سنوات بما فيها مدة الخطوبة، وتقول : زواجي الأول كان من رجل ذي شخصية غير طبيعية، يخاف أن يكون أباً، ويخاف أيضاً من تحمل المسؤولية، وهذا ناتج عن تربيته في بيئة غير مستقرة (انفصال الأبوين)، وابتعاده عن والدته لمدة اثنتي عشر سنة، ورفض زوج الأم له، كما إنه طيلة مدة الخطوبة التي دامت 11 شهراً لم تكن لديه ممارسة جنسية، و6 شهور من بعد الزواج أيضاً من دون ممارسة جنسية، وبعد الولادة سنة ونصف السنة من دون ممارسة جنسية، وهذا راجع إلى عدم وجود ثقافة جنسية لديه، وانعدام الحب أساساً. والمشكلة الأخرى التي كانت تعاني منها أم عبدالله هي إهمال الحياة الزوجية، هي عدم الرجوع إلى البيت بعد انتهاء الدوام، وتقول: إنه كان دائم السهر خارج المنزل، وكان عاطلاً عن العمل، وبقى لمدة سبعة شهور من دون دفع إيجار الشقة، وسنة ونصف السنة في بيت والدي من دون سؤال عني أو عن ابنه، على الرغم من تدخل زوج الأخت والأخ والأب والأم ولكن من دون جدوى، وكان قرار الطلاق من جانب الأهل على أن يكون رجعياً. تسلط الزوجة الأولى وتضيف أم عبدالله: لم يدم الزواج الثاني أكثر من سنة ونصف السنة، وذلك لأسباب عدة، الأول البخل، كما إنه كان خاضعاً لتسلط زوجته الأولى عليه؛ إذ كان يخبرها بكل صغيرة وكبيرة، وتدخل أهله في كل شيء كان له انعكاسات سيئة، وكان دائم التذمر من وجود طفلي وادعائه بأنه يزعجه في بعض الأوقات، النقطة الأخرى هي قيامي بجميع المهمات المنزلية والتربوية للأطفال في حالة عدم وجود الزوجة الأولى وسفرها وانشغاله بمعنى أنني أصبحت “خادمة مؤقتة”. وتصف أم عبدالله قرار الطلاق بأنه كان مفاجئاً لها ولعائلتها، وتقول: لقد قرر إننا لا نصلح لبعضنا ولم يتدخل أحد لعدم وجود وقت للتدخل وإصراره على الطلاق، على الرغم من أنني رفضت الطلاق لإحساسي بعدم التقصير تجاه أي شيء، كما إن القضاء وافق على الطلاق من دون أي نقاش أو تفاهم أو تدخل، وهذا القضاء لم يساندني وأنا أطالب بحقوقي المادية التي عليه لمدة ثلاث سنوات. الخيانة أكبر سبب للطلاق لا بد ونحن نتحدث عن الطلاق أن نتطرق إلى دراسة شاملة عن الطلاق وتداعياته وآثاره الاجتماعية والنفسية أعدها مركز بتلكو لرعاية حالات العنف الأسري ونشرها في العام 2008م، إذ أفادت الدراسة أن الطلاق يقع غالباً نتيجة توترات داخل الأسرة وتتلخص أسبابه بوقوع الخيانة الزوجية، والخيانة لا تقع كما هو شائع على المرأة فقط، بل تقع على الرجل. والخيانة الزوجية في حد ذاتها مشكلة من مشكلات المجتمع؛ إذ تعبّر عن عدم اتزان القاعدة الأخلاقية المستمدة من ثقافة أعضاء المجتمع وعقيدتهم وربما تعود في جذورها الأولى إلى التربية التي لا تركز على تلقين مثل هذه القاعدة بالقوة المطلوبة. وهناك عامل آخر للطلاق وهو عادة ما يكون عاملاً طبيعياً كعقم أحد الزوجين. كما لا تستمر الحياة الزوجية إذا شعر أحد الزوجين بترفعه، وعلو مستواه في أحد جوانب الحياة التعليمية أو الاقتصادية، أو بقصوره عن مجاراة شريكه فيما يتمتع به من ترفع وعلو، فالتعاون المفترض أن تقوم عليه الحياة الزوجية لا يتم تبادله في هذه الحالة وسط هذه الفوارق في المستوى. وهناك - للأسف - من الزوجات من تعتقد أنها لو جعلت زوجها خالياً من المال بصفة مستمرة فسيكون فراغه معها ولن يفكر في غيرها ما دام لا يملك استثماراً يعينه على ذلك، في حين تعتقد أخريات أن زيادة الأولاد تقيد الزوج ببيت، إلا إن الدراسات الحديثة أثبتت عكس ذلك الاعتقاد، فإن هذا الاعتقاد قد يكون أحياناً سبباً في هجر الزوج لزوجته التي لا هم لها إلا استنزاف أمواله أو إنجاب أطفال وقد يصل الأمر إلى حد الانفصال والطلاق. وتتوقف الدراسة عند تداعيات الطلاق وما بعده وتلخص هذه التداعيات في رأيها في الآتي: كأن تتأثر حالة المطلق النفسية بواقع التجربة السابقة ويعد أن النساء كلهن يتميزن بسلبية مطلقة مما يؤثر على حالته النفسية ويصيبه بحالة من الإحباط تجعله لا يجرؤ على الدخول مرة أخرى تجربة الزواج ويبتعد عن المجتمع فيما يشبه الانطواء، إلا إن الآثار السلبية بالنسبة للمطلقة تكون أعمق اجتماعياً ونفسياً، فالمرحلة الأولى عقب الطلاق مباشرة تؤدي تماماً بنفسية المطلقة التي ينظر إليها اقرب المقربين نظرة الجرم والخطأ مع عدم الإفصاح عن ذلك، أو قد تفسر نظراتهم العادية لها بهذا التفسير، زد على ذلك أن خطواتها كلها محسوبة عليها من المجتمع حتى الخطوات السوية تفسر تفسيرات غير سوية مما يؤدي إلى أحد أمرين: إما إلى انطواء المطلقة وتحديد نفسها في دائرتها الخاصة وهذا بحد ذاته مشكلة، أو أنها لا تلقي بالاً لما يدور حولها، وتنفتح على المجتمع بطريقة عادية قد تؤدي بها إلى الزلل وهذا ذاته مشكلة أخطر. وتزداد سلبيات الأمر بسبب وجود أولاد في سن الحضانة ترعاهم أمهم المطلقة إذ إنه من الأمور البديهية أن أعباء التنشئة الاجتماعية أو التربية تقع على كاهل الزوجين بالتساوي فإذا تحملها عضو واحد منهما زاد من أعبائه وتغلب على المرأة النزعة العاطفية، فيفقد الأبناء في هذه الحالة وجود رجل يسيطر على مجريات تربيتهم، ولذا قد يفلت الزمام من الأم ويصيب الأبناء ما يصيبهم من التوترات والمشكلات. من جانب آخر فإن زواج المطلقة من زوج آخر قد يخلق مشكلة مزدوجة الأبعاد، فمن جهة يعاملها الزوج الجديد على أنها امرأة من الدرجة الثانية فشلت في حياتها أو قد تقع المرأة فريسة المقارنة بين زوج قديم وزوج جديد.. وقد دلت الأبحاث على أن الزوج الأول مهما كانت مساوئه فهو في نظر المرأة مثلاً أعلى للرجال بحلوه ومره. الإعداد الجيد لكن القاضي ياسر المحميد يرجع أسباب الطلاق إلى أمور عدة معتبراً أن هناك سببين رئيسين، ويقول : السبب الأول هو أن العلاقة التي تكون بين طرفين قبل عقد الزواج، وإن تعددت مسمياتها إلا أن حقيقتها مخالفة لأعراف الناس وما استقرت عليه سلوكياتهم العامة، ومع ذلك فإن الملموس بواقع محاكمنا الشرعية أن هذه العلاقة وإن استمرت إلى الزواج فإنها تنتهي بالطلاق والسبب في ذلك أنه في حال العلاقة يعمى على العين فلا ينظر أحدهما إلى عيوب الآخر، بل يرى المساوئ محاسن، وقد قال الشاعر قديماً “وعين الرضا عن كل عين كليلة، كما إن عين السخط تبدي المساويا”. ويضيف المحميد “إذا تزوج الطرفان تبدأ العيوب بالتكشف والخلافات تظهر والنزاع يشتد ويؤول الأمر بين الطرفين إلى الطلاق إذا تناسى الطرفــــان قوله عز وجل “وأتوا البيـــوت من أبوابها”، بينما نجد أن العلاقة العرفية تبقى الحياة الزوجية في الغالب لأن كلا الطرفين أعطى للآخر المجال للتفكير والتروي. ويرى المحميد أن السبب الثاني يتعلق بالتربية السابقة والإعداد الجيد لتحمل أعباء الزوجية وإشكالاتها، ويقول : إن الفكر السائد عند الشباب عن الحياة الزوجية هي حياة وردية بعيدة عن الإشكالية والمسؤولية، ثم يصطدم الطرفان بواقع الحال ومع عدم وجود إعداد مسبق تظهر النزاعات وفن التهرب من المسؤولية وإلقاء كل واحد منهم اللوم على الآخر، فمن الضروري أن يربى الطرفان تربية بيتية ومدرسية وجامعية، بل ومجتمعية من أجل أن نعد جيلاً قادراً على تحمل مسؤوليات الزواج، وهذه التوعية طالبنا بها مراراً أن تكون قانوناً ملكياً لا يسمح بالزواج من دون تجاوز مرحلة تدريب بين الطرفين. وبسؤاله عن تدخل القاضي للحد من عمليات الطلاق والإصلاح بين الزوجين، يوضح المحميد أن قانون الأسرة البحريني بشقه السني أوجب على القاضي أن يمهل الطرفين وقتاً للإصلاح قبل الدخول في موضوع الطلاق وأن يبذل مساعي الصلح للحيلولة دون الفراق، ويقول: إن المحاكم تحاول جاهدة صرف نظر الطرفين عن الطلاق وربما تفيد المتخاصمين مكاتب التوفيق الأسري، وهي تؤدي دورها جاهدة لحل الخلاف الأسري، ولكن الإشكال أن هذه المكاتب ليست معدة إعداداً كاملاً لتقبل هذه الحالات، بينما نجد بعض الدول العربية تولي هذه المكاتب أهمية كبيرة، ففي الكويت استطاعت هذه المكاتب صرف 1800 حالة عن الطلاق، ولكن يبقى أن المحكمة ربما لا تنجح كثيراً لأن الناس لا يأتون إليها إلا بعد طرق أبواب الوسائل كلها، ثم يأتونها مشبعين بالخلاف بعد بذل مساعي الصلح من دون نتيجة. الزواج المبكر ويرى الباحث الاجتماعي إبراهيم الدرازي أن أهم سبب وراء ازدياد حالات الطلاق هي الأسباب الاقتصادية، ويقول : إن طبيعة العمل ومحدودية الإمكانات في ظل أوضاع مادية محدودة يلعب دور العامل الضاغط نحو التفكك ومن ثم الطلاق، لذلك لا بد من دراسة الأوضاع المادية والتفاهم الاجتماعي، دراسة إستراتيجية الأولاد في ظل عدم توفر الوظائف والسكن. ويجد الدرازي أن الزواج المبكر من أحد العوامل التي تؤدي إلى الطلاق، ويقول: إن الزواج المبكر وعدم النضج وحالات الزواج الجماعي غير المبنية على التكافؤ، أنا لست مع الزواج المبكر غير المدروس لمن تقل أعمارهم عن 20 عاماً، فحالات الزواج المبكر وعدم وجود ثقافة وعدم شعور بالمسؤولية لدى الطرفين خلقت نسبة الطلاق التي نجدها اليوم، إذ إن نعظم حالات الطلاق تقع بين صغار السن. عدم التوافق المحامية سها الخزرجي ترى أن ازدياد حالات الطلاق التي تشهدها المحاكم أسبابها عديدة، وتقول : من خلال القضايا التي نراها في المحاكم فإن أكثر حالات الطلاق تحدث بسبب عدم التوافق بين الطرفين، واختلاف التفكير بين الزوجين، كما إن المستوى التعليمي بين الطرفين وعدم الوعي وعدم القدرة على تحمل المسؤولية أسباب أخرى، وهناك بعض الحالات تعود إلى عدم دراسة كلا الطرفين للطرف الآخر، وعدم الجلوس وإلقاء الضوء على وجهات النظر، وتجد بعض الحالات أيضاً تعود إلى الزواج الثاني، إذ تطلب الزوجة الأولى الطلاق مباشرة بمجرد أن يقوم زوجها بالزواج عليها. وتضيف الخزرجي: المفروض أن تتوفر فيمن يقدم على الزواج شروط وأن يتمتع بتفكير معين، لا بد أن يسأل نفسه هل هذا هو الشريك المناسب أم لا، من جميع النواحي: التفكير والمادة والتربية والأخلاق والبيئة، ومن هنا تأتي أهمية دور المحاضرات التوعوية ودور الباحثين الاجتماعيين للتوفيق بين الأسر. وترى الخزرجي أن القضاة في القضايا الشرعية دائماً ما يسعون إلى السؤال عن السبب ويحاولون توجيه كلا الطرفين وعندما لا يحدث أي تفاهم يأخذ القاضي دوره الآخر. والطلاق الذي هو أبغض الحلال عند الله أسبابه كثيرة كما رأينا، كما إن جميع الحلول التي وضعها المتحدثون، ومنهم المطلقات، جديرة بالدراسة لوضع الحلول المناسبة لهذه الحالات التي تهدد المجتمع ككل باعتبار أن الأسرة نواة المجتمع.. فهل سندرس ونفكر ونصل إلى حلول ونضع علاجات.. نتمنى ذلك.