مراقبون: «حزب الله» يعاني تداعيات سلبية إذا جر المنطقة لمواجهة
المفاوضات النووية عائق أمام إيران لدعم الحزب في حرب جديدة ضد تل أبيب
إسرائيل غير معنية بمواجهة كبيرة قبل أسابيع من الانتخابات التشريعية
عواصم - (وكالات): عاد الهدوء على طول الحدود بين لبنان وإسرائيل غداة مقتل جنديين إسرائيليين في هجوم تبناه «حزب الله» اللبناني واستهدف قافلة عسكرية إسرائيلية في مزارع شبعا التي تحتلها إسرائيل على الحدود مع لبنان، فيما قال وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون إن بلاده تسلمت رسالة من «حزب الله» مفادها أن «الحزب لا يريد تصعيد الموقف مع تل أبيب»، بينما ما زال الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب في المنطقة الحدودية بينما أعيد فتح المدارس ومنتجع جبل الشيخ للتزلج بعد إغلاقه. وهاجم حزب الله أمس الأول قافلة تقل جنوداً إسرائيليين من لواء جفعاتي في الجزء المحتل من مزارع شبعا، مما أدى إلى مقتل جنديين وإصابة 7. ودفن الجندي الأول الذي كان يحمل رتبة كابتن، في المقبرة العسكرية في القدس المحتلة بحضور عشرات الجنود من لواء جفعاتي الذي ينتمي إليه، ورفعت رتبته إلى رائد. وتقرر دفن الجندي الثاني في وقت لاحق بالقرب من مدينة أسدود الساحلية جنوب الأراضي المحتلة. وعلى الجانب اللبناني، أكدت تقارير أن الوضع هادىء بينما أوردت الوكالة الوطنية للإعلام أن طائرات استطلاع إسرائيلية تحلق في أجواء جنوب لبنان ومنطقة البقاع شرقاً. وتوعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في اجتماع وزاري مصغر إلى أن «يدفع الذين يقفون وراء الهجوم الثمن كاملاً»، محملاً الحكومتين اللبنانية والسورية «عواقب الهجمات التي تنطلق من أرضيهما نحو إسرائيل».
وجاء هجوم حزب الله بعد 10 أيام من التوتر والتكهنات حول كيفية رد الحزب على غارة إسرائيلية استهدفت في 18 يناير الجاري موكباً في منطقة القنيطرة السورية قتل فيها 6 من عناصر الحزب بينهم قيادي إلى جانب جنرال إيراني. ويعزز الجيش الإسرائيلي بشكل كبير وجوده على الحدود منذ غارة القنيطرة. ولم تعلن إسرائيل رسمياً مسؤوليتها عن الغارة ولم تنف علاقتها بها، لكنها كانت تتوقع رداً من حزب الله الذي اكتفى بتشييع عناصره الذين قتلوا في الغارة من دون أن يعلن عن كيفية رده عليها وتوقيت ذلك.
وبعد هجوم الأربعاء، يتفق المعلقون على أن الجانبين الإسرائيلي واللبناني يرغبان في تجنب تصعيد الأوضاع.
وفي خطوة نادرة، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون للإذاعة العامة أن «حزب الله» بعث رسالة لإسرائيل عبر قوة الأمم المتحدة في لبنان «اليونيفيل» أن الحزب غير معني بالتصعيد قائلاً «من وجهة نظرهم فإن الحادث انتهى». بينما قال وزير العمل اللبناني سجعان قزي إن الحكومة اللبنانية « تلقت تطمينات من دول كبرى بأن إسرائيل لن تصعد الوضع العسكري في الجنوب وستكتفي على الأقل حالياً بالرد الذي حصل» ولكنه أكد أنها «ليست ضمانات بالنسبة لنا، لأنه لا يمكن الركون إلى الوعود الإسرائيلية ولا حتى إلى وعود الدول الكبرى».
ومن جهته، قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق ياكوف أميدرور إن «مخاطر التصعيد ضعيفة إن لم تكن شبه معدومة».
وبحسب أميدرور فإن «الطرفين غير معنيين بعملية كبيرة» موضحاً أنه من «الأكثر إلحاحاً» لحزب الله مواصلة القتال في سوريا بجانب جيش الرئيس بشار الأسد من أجل الحفاظ على «قاعدة خلفية» في سوريا.
وأضاف «كل ما يأتي من إيران يمر عبر سوريا» بما في ذلك الصواريخ التي استخدمت في هجوم الأربعاء.
بينما أوضح بوعاز غانور مدير المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب في هرتسيليا أن الحليف الإيراني لحزب الله «منشغل بمفاوضاته النووية مع القوى الدولية ويعلم أن حرباً لحزب الله مع إسرائيل قد تؤثر على المواقف الأمريكية في الملف». وبحسب غانور فإن إسرائيل أيضاً غير معنية بمواجهة كبيرة قبل أسابيع من الانتخابات التشريعية المبكرة بسبب «الضرر الهائل الذي قد يسببه ذلك، فإن حزب الله يملك 100 ألف صاروخ».
وقال وضاح شرارة أستاذ علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية إن حزب الله باختياره عمداً لمزارع شبعا، اختار موقعاً لن يدفع إسرائيل إلى شن حرب موضحاً أن المنطقة «أرض نزاع يعلم فيها الطرفان قواعد المواجهة». وتابع «نحن بعيدون عن حجم الرد الذي توعد به حزب الله وإيران بعد غارة 18 يناير. ومزارع شبعا أراض متنازع عليها بين لبنان وسوريا واستغل حزب الله هذا الالتباس».
من جانبه، حذر المبعوث الأمريكي السابق إلى الشرق الأوسط، السيناتور جورج ميتشيل، من انفجار صراع بين إسرائيل وحزب الله تجتذب نيرانه جميع الحرائق المندلعة بشكل متفرق في المنطقة حالياً، مضيفاً أن حزب الله يمتلك عشرات آلاف الصواريخ ويمكنه أن يشكل خطراً على الإسرائيليين.
وقال ميتشيل «حزب الله يخاطر بشدة بما يقوم به، لقد كان يروّج لإبقاء سلاحه في لبنان عبر القول إنه مخصص للدفاع عن البلاد بمواجهة إسرائيل، ولكنه أفقد نفسه هذه الحجة من خلال التدخل في الحرب بسوريا لدعم نظام الرئيس بشار الأسد الحليف لإيران، وإذا ما قام الحزب بجر المنطقة إلى حرب أوسع فسيكون هناك تداعيات سلبية قاسية عليه، فالحزب مستنزف بشدة في سوريا الآن. أما بالنسبة لإسرائيل، فإن آخر ما ترغب به حالياً هو وجود صراع على حدودها لأنها مازالت تواجه وضعاً صعباً مع حركة حماس في الجنوب».
ورأى ميتشيل أن إسرائيل «مستعدة تماماً على المستوى العسكري» لحرب واسعة على غرار حرب عام 2006، مذكراً بأنها «القوة العسكرية المهيمنة في المنطقة» ولكنه استطرد بالقول: «الخطر يكمن في وجود تهديد بالصواريخ والقذائف وليس في المواجهات المباشرة عبر الحدود، وتشير المعلومات المتداولة علناً في إسرائيل إلى وجود ما بين 30 إلى 50 ألف صاروخ لدى حزب الله، هذا دون ذكر ما يرد في التقارير السرية».
ولا توجد حدود مرسمة بوضوح بين لبنان واسرائيل في المنطقة التي شهدت الهجوم. وتحتل اسرائيل منذ حرب يونيو 1967 منطقة مزارع شبعا المتاخمة لبلدة شبعا ويطالب لبنان باستعادتها، بينما تقول الأمم المتحدة إنها عائدة إلى سوريا.
ويفترض أن يلقي الأمين العام للحزب حسن نصر الله خطاباً اليوم يتناول فيه الغارة الإسرائيلية على الجولان ورد «حزب الله» الذي يقاتل في سوريا إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد.