دبي: أكد رئيس المنظمة الدولية الخليجية لحقوق الإنسان، المستشار منصور لوتاه، أن «التقارير السياسية لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية «هيومن رايتس ووتش» سبب رئيس للمعاناة الإنسانية»، مشيراً إلى أن «التقرير الأخير الذي أصدرته المنظمة استهدف الإمارات بشكل سافر»، واصفاً إياه بـ «التحدي الصارخ للقيم والشرعية الدولية».
وأضاف لوتاه في رده على تقرير «هيومن رايتس ووتش» أن «إساءة المنظمة لدولنا الخليجية والعربية وديننا غير مقبولة وعليها الاعتذار»، مشدداً على أننا «سنمضي في تطوير منظومتنا الحقوقية بكم أو بدونكم، فأنتم لستم بشركاء وسنمضي في عملنا الحقوقي بنزاهة واستقلالية وأمانة»، لافتاً إلى أن «تقارير المنظمة أسهمت في عدد من الدول بينها البحرين ومصر في القضاء على الكثير من مظاهر التقدم والنهوض والتنمية، وعصفت بالكثير من الإنجازات والتقدم في مجال الحقوق والحريات».
وفنّد رئيس المنظمة الدولية الخليجية لحقوق الإنسان الاتهامات التي ساقتها المنظمة في تقريرها لعام 2014، الصادر في 29 يناير الماضي، خصوصًا الجزء الخاص بالإمارات، والذي نشرته المنظمة نفسها من دبي في 23 من الشهر نفسه، تحت عنوان «اعتداءات على المعارضة وحرية التعبير»، ثم أعادت نشره من بيروت في 29 من الشهر نفسه، تحت عنوان «القمع على كافة الجبهات»، في تدارك منها للتدليس الذي أرادت أن توهم المتابعين له، وهو ما يشير بوضوح إلى أن هناك استهدافًا واضحًا من قبل المنظمة لدولة الإمارات، كما يقول لوتاه في بيان رده.
وذكر لوتاه أن هذا الاستهداف له دوافعه وأسبابه، «وهي مع الأسف الشديد أسباب ودوافع ذاتية بعيدة كل البعد عن القيم الإنسانية السامية التي أسسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكرستها الشرعية الدولية للحقوق والحريات، والذي مثل تقرير «هيومن رايتس ووتش» لهذا العام تحديدًا خروجًا صارخًا عنها بما تضمنه من ادعاءات وما امتلأ به من نواقض ومتناقضات توضح الغايات والمسوغات التي أفرغت التقرير من قيمته واعتباريته الحقوقية وأثرت كثيرًا على اعتماديته ومصداقيته لاسيما في بعض الجوانب التي تعاطى معها التقرير بشكل فاضح ومخجل وغير مبرر، دون أي تقدير أو احترام للوعي العام أو الوقوف عند حدود النزاهة والعدالة والمصداقية».
تقرير فاقد المصداقية
تناول لوتاه في معرض رده على «هيومن رايتس ووتش» قضايا إماراتية جرت مناقشتها كثيرًا، «وتوضيحها في العديد من المحافل الحقوقية والتقارير المتخصصة، لاسيما التقرير الرسمي للدولة وتقارير الظل التي قدمت إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان وغيرها من التقارير الحقوقية المتخصصة والتي تم نشرها عبر مختلف وسائل النشر»، ففند ما أرادت المنظمة توسله من قضايا كي تسيء للإمارات، من خلال تقرير فاقد للمصداقية والنزاهة.
ومن الموضوعات التي أثارها تقرير المنظمة الدولية الاعتقال التعسفي في الإمارات، وهذا الاعتقال الذي يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، وقال لوتاه في هذا الصدد «عززت هيومن رايتس ووتش مزاعمها للإمارات بارتكاب هذه الجريمة الإنسانية عبر إشارتها إلى عدد من الأقوال المرسلة المتعلقة ببعض حالات الاعتقال، القائمة على أسس واتهامات جنائية وليست سياسية، أو تلك المرتبطة بممارسة الحقوق والحريات، ولا يخفى على المنظمة أن مثل تلك الاتهامات يجب أن تقوم على أسس ودلائل ثابتة ومعتمدة، تؤكد بوضوح ارتكاب هذه الجريمة الإنسانية، قبل أن تقوم بتوجيه وإلقاء تهمها جزافًا من دون دلائل حقيقية أو براهين مؤكدة، وهي أمور معروفة لجميع المنظمات الحقوقية، لا سيما المنظمات الدولية التي تعد هيومن رايتس ووتش واحدة منها».
وأضاف لوتاه «وجه التقرير للإمارات «تهمة ممارسة الانتهاكات بشكل ممنهج»، هو أمر غير صحيح، ولا يمكن للمنظمة أو لغيرها من المنظمات إثباته كسياسة ممنهجة ومتبعة بالدولة، رغم صعوبة نفي وجود تلك الممارسات المعبرة عن ممارسة فردية أو افتقار إلى التدريب والتأهيل المتخصص لرجال حفظ وتطبيق وإنفاذ القانون والنظام»، بحسب ما يقول لوتاه.
وأوضح لوتاه «هذا الأمر أولته المنظمة الدولية الخليجية لحقوق الإنسان أهمية كبرى في العمل على ضمان عدم ارتكاب أي من الانتهاكات المتعلقة بالتعذيب أو بأي نوع من أنواع المعاملة القاسية أو المحطة للكرامة، وعملنا طويلًا مع العديد من الأجهزة الحكومية المختصة لتطوير الآليات والمعايير لضمان عدم ارتكاب مثل تلك الانتهاكات، ولتفعيل آليات المحاسبة وتحقيق العدالة في حال ثبوت ارتكاب هذه الانتهاكات».
حرية التعبير
وذكر لوتاه أن «هيومن رايتس ووتش» نصبت اتهامها للإمارات بمصادرة حرية الرأي والتعبير على قانون مكافحة الإرهاب 2014، «وهو قانون يمثل إطارًا تشريعيًا للتعاطي مع التهديدات الإرهابية، أو يسمح بالتعاطي مع الجماعات الإرهابية على النحو الذي يعزز الأمن والسلام والاستقرار، وهي إجراءات استثنائية استدعتها المستجدات الأخيرة بالمنطقة، وما تعرضت له العديد من البلدان العربية والأوروبية والآسيوية من تهديدات إرهابية، قوضت أمنها واستقرارها وأسهمت في ارتكاب العديد من الانتهاكات الجسيمة»، كما أكد لوتاه.
واشار لوتاه إلى إشادة منظمة «هيومن رايتس ووتش» نفسها بمعدل احترام حرية الرأي والتعبير خلال مؤتمرها الأخير الذي أقامته بالإمارات في يناير 2014، والسماح للمنظمة بإقامة مؤتمرها السنوي بالإمارات، وهو ما لا تسمح به الدول القمعية، وهذه إشارة من المنظمة تدحض ادعاءاتها بشأن الإمارات، فيما تعتبر حرية التجمع مكفولة بحسب الضوابط الإدارية والتنظيمية التي تنظم وتؤطر هذه الممارسة وفقاً للقانون.
وتابع «حرية تكوين الجمعيات مكفولة ومؤكدة بضوابطها القانونية، وأفضل رد على هذا الاتهام هو وجود أضخم وأكبر وأوسع مجتمع مدني فاعل على أرض الدولة، يمثل جميع أطياف التوجهات الفكرية والدينية والسياسية والحقوقية».
وعن قانون الجرائم الإلكترونية، الذي زعمت المنظمة أنه يستخدم لملاحقة النشطاء، قال لوتاه «هذا الاتهام عار عن الصحة ويبرز حجم التجني الذي تمارسه المنظمة في استخدام تقاريرها بشكل ابتزازي، حيث إن غالبية الدول المتقدمة استحدثت قوانين خاصة بتنظيم استخدام الإنترنت ووضع التشريعات المتعلقة بالجرائم الإلكترونية، ويتم محاسبة المتورطين في أعمال تتعلق بالجرائم الإلكترونية استنادًا إلى أعمال مجرمة قانونيًا».
العمال والوافدون
وردًا على اتهام المنظمة للإمارات بإساءة معاملة العمال والوافدين، لاسيما العمالة المنزلية، قال لوتاه إنها اتهامات باطلة، «فالمنظمة الدولية الخليجية لحقوق الإنسان تولي هذه العملية اهتمامًا كبيرًا جدًا، وقد أجرت العديد من الدراسات والتقارير المتعلقة بالعمالة الأجنبية بالإمارات، أظهر العديد منها قصورًا في معالجة هذه القضية بشكل جذري، ويعود ذلك إلى ارتباط هذه القضية بالأطراف الفاعلة والمسؤولة عن معالجة الانتهاكات التي يتعرض لها العاملون والوافدون، حيث إن الانتهاكات تكون في الأساس بالبلد المصدر، مع تأكيدنا على ضرورة وضع مبادرة شاملة لجميع أطراف المصلحة لمناقشة القضية ومعالجتها على النحو الذي ينهي هذه المعاناة».
كما زعمت المنظمة أن الإمارات تمارس التمييز ضد المرأة، مستندةً إلى قانون الأحوال الشخصية الذي يسمح بالتمييز ضد المرأة وبممارسة العنف وانتهاك الحقوق ضدها، كما يقول التقرير، «وهي دعاوى تبرز بشكل واضح جدًا مدى الاستهداف الذي تقوم به منظمة هيومن رايتس ووتش للدولة، الذي وصل في بعض حالاته إلى درجة الابتذال، فجميع التقارير الدولية تؤكد أن الإماراتية تعيش واحدة من أفضل أوضاع المرأة عالميًا»، بحسب رد لوتاه.
وأوضح لوتاه «يتضح المستوى الذي نزلت إليه المنظمة في سبيل النيل من الإمارات والتقليل من إنجازاتها الحقوقية، وهي السياسة التي تمارسها المنظمة منذ فترة وفق أجندات دأبت على ممارستها ضد العديد من الدول كسبيل لابتزازها للخضوع لأجنداتها أو الرضوخ لمطالبها»، مضيفاً «ما أوردته المنظمة في تقريرها لا يعدو عن كونه قضايا هي محل اهتمامنا في المنظمة الدولية الخليجية لحقوق الإنسان، ومحل اهتمام الدولة التي هي شريك أساسي في تطوير منظومتنا الحقوقية، ومعنا العديد من المنظمات والجمعيات والمؤسسات الوطنية التي نتشارك معها الجهد والعمل في سبيل تحقيق مستويات أفضل لواقع حقوق الإنسان، وتطوير التشريعات والممارسات المحلية بما يجعلها أكثر مواءمة وتطابقًا مع التشريعات الدولية».
مغالطات وإساءات
وشدد لوتاه على خطورة التقارير التي تفتقد للمصداقية على الأمن والسلام الوطني والعالمي، مشيرًا إلى أن التقرير تضمن نقاطًا لا يمكن الالتفات عنها، «لاسيما ما تضمنه من إساءات غير مقبولة تخرج بشكل أساسي عن الإطار المهني للتقارير الحقوقية، وهي إساءات تعبر عن مدى الاستهداف المبطن الذي تقوم به المنظمة وتضفي عليه العباءة الحقوقية، وهي إساءات ومغالطات غير مقبولة بشكل نهائي وتمثل خروجًا فاضحًا عن الأدبيات المعرفية والعلمية التي درجت المنظمات الحقوقية بإعداد تقاريرها بناء على أساسها».
ولفت لوتاه إلى أن المنظمة الدولية الخليجية لحقوق الإنسان، تقوم بدور فعال في تطوير واقع حقوق الإنسان بالإمارات تحديداً وبدول مجلس التعاون والدول العربية بشكل عام، وتعمل بشراكة حقيقية مع العديد من الدول وعلى رأسها الإمارات للارتقاء بواقع حقوق الإنسان.
كما شدد في رده على تقرير المنظمة على خطورة تلك التقارير عديمة المصداقية على الأمن والسلام الوطني والعالمي، وأكد في هذا الصدد على أن الكثير من الانتهاكات والصراعات التي تعم وطننا العربي اليوم والعالم أجمع، إنما كان أحد أسبابها الرئيسة تلك التقارير التي تدعو إلى التعاطي مع واقع حقوق الإنسان بمفاهيم العداء والصراع بين السلطات والشعوب، وتستحث الشعوب للعمل الثوري السلبي البعيد عن الجهد الإيجابي التكاملي».
وقال إن «تقارير المنظمة أسهمت في عدد من الدول بينها البحرين ومصر في القضاء على الكثير من مظاهر التقدم والنهوض والتنمية، وعصفت بالكثير من الإنجازات والتقدم في مجال الحقوق والحريات».
وأضاف أن «المنظمة دأبت على التعاطي مع القضايا الحقوقية بمنظورها الفردي الخاص، دون أي احترام للمهنية أو التكامل الذي هو أساس العمل الحقوقي، وهو ما يؤكد مرجعية تلك المنظمة لجهات سياسية معينة وخضوعها لأجندات محددة، فقد قمنا في المنظمة الدولية الخليجية لحقوق الإنسان بدعوة المنظمة لحضور المؤتمر الذي عقدناه في البحرين خلال شهر ديسمبر الماضي بالتعاون مع جمعية معا لحقوق الإنسان البحرينية، وقد أتحنا للمنظمة فرصة لعرض رؤيتها لأوضاع حقوق الإنسان بدول مجلس التعاون إيماناً منا بأهمية مشاركة الجميع في تحسين وتطوير واقع حقوق الإنسان بدول مجلس التعاون، حيث لم تستجيب المنظمة لدعوتنا، ثم عرضنا عليها موافاتنا بتقرير يستعرضون فيه رؤيتهم وسوف نقوم بإدراجه ضمن أوراق المؤتمر، إلا أن المنظمة لم تتعاط بإيجابيه مع تلك الدعوات كعادتها. كما إننا في المنظمة الدولية الخليجية لحقوق الإنسان قمنا وأثناء زيارة وفد المنظمة للبحرين خلال العام الماضي، بطلب لقاء وفد المنظمة والتباحث معه بشأن أوضاع حقوق الإنسان بدول مجلس التعاون والبحرين تحديداً، حيث رفض وفد المنظمة لقاءنا عدة مرات بحجة كثرة انشغاله، وهو ما يعزز أيماننا بأن وفد المنظمة سيقتصر عمله على رؤية أحادية وأفق ضيق، يسهم في تأجيج الصراعات وتعميق الاختلافات بدلاً من تهدئة الأوضاع والوصول إلى التوافقات التي تسهم في إنهاء الأزمات بدلاً من تأجيجها».
كما لفت لوتاه إلى طلب المنظمة الذي تقدمت به شخصياً إلى المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش كينيث روث خلال لقائهم به في سبتمبر من العام الماضي بجنيف، حيث أكدت المنظمة الدولية الخليجية لحقوق الإنسان على أهمية التباحث فيما يتعلق برؤية المنظمة لواقع حقوق الإنسان بدول مجلس التعاون الخليجي، وهو الطلب الذي لم يحظ بموافقة مدير المنظمة رغم إلحاحنا بأهمية الاجتماع معه، وهو الأمر ذاته الذي واجهه فريق المنظمة عند إصراره على لقاء وفد المنظمة خلال زيارتهم الأخيرة للبحرين، حيث تواجد بمقر سكن الوفد بأحد فنادق العاصمة البحرينية، وطلب من المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سارة ليا ويتسن الاجتماع بها ومناقشة أوضاع حقوق الإنسان بالبحرين والمنطقة، لاسيما وأننا المنظمة الخليجية الوحيدة العاملة في مجال حقوق الإنسان بشكل شامل لجميع دول المجلس، حيث رفضت لقاءنا بحجة عدم وجود موعد مسبق، مؤكدة بأنها لن تستطيع لقاءنا في جميع الأحوال بسبب مشاغلها.
ووصف لوتاه ما كتبه المدير التنفيذي للمنظمة كينيث روث، في بداية التقرير تحت عنوان «راحة الطغاة الزائفة» بالمعيب جدًا، «ومن السيئ جدًا أن يصدر عن منظمة حقوقية لها تاريخ من العمل، لاسيما وأنه سوف يعتبر نموذجًا سيئًا للتقارير الحقوقية إن لم يكن هذا التقرير هو الأسوأ في تاريخ التقارير السيوحقوقية، فقد ربط كينيث روث في هذا القسم بين الإسلام والتطرف من جهة وبين الإسلام و«داعش» من جهة أخرى، قبل أن يختزل جميع ذلك في وصف داعش «بالإسلاميين السنة»، وهي إساءة لا يمكننا قبولها، بل نعتقد بأن على كينيث تقديم الاعتذار عن هذه الإساءة للمجتمع المسلم، فالإرهاب والتطرف الذي تمثله التيارات الإرهابية لا يمثل الإسلام نهائياً، بل إن جميع الدول والشعوب الإسلامية تقف اليوم في وجه تلك التنظيمات، التي تكتوي اليوم البشرية من إرهابها وعنفها بعد أن خرجت تلك التنظيمات الإرهابية عن السيطرة».
وتطرق لوتاه إلى اتهامات خطيرة صدرت من المدير التنفيذي للمنظمة، إذ أشار في تحليله للوضع في سوريا إلى أن تمويل الجماعات المتطرفة يأتي من دول الخليج ومواطنيه، «وهي مغالطة كبيرة تدل على مدى التجني الذي تضمنه التقرير، ليستحق وصفنا له بأنه أسوأ تقرير يصدر عن منظمة حقوقية دولية، فحكومات الخليج وشعوبها قدمت الدعم الإنساني للشعب السوري الشقيق بالداخل والخارج، ولم تقدم أي دعم للجماعات الإرهابية أو المتطرفة، بل كانت حريصة على ألا تصل مساعداتها الإنسانية لتلك الجماعات تحديدًا».
وأضاف لوتاه «لم يتضمن التقرير أي إشارة إلى أي من الدول والجهات أو الجماعات التي تدعم الحرب والقتال وتشارك فيه بشكل شبه رسمي، وهي صورة من أبرز صور التجني والانحياز التي بنت عليه هيومن رايتس ووتش تقريرها هذا».