لا تكن رقماً في إحصائية الحوادث المرورية لهذا العام ونعم لقانون المرور الجديد، من خلال هذا المنبر لابد أن نشكر وزارة الداخلية على التعديلات الجديدة التي ستساهم كثيراً في حفظ الأرواح والممتلكات، فكم من ضحية قد ذهبت نتيجة استهتار البعض على الطريق في ظل غياب الرادع المناسب، لأن من أمن العقوبة أساء الأدب ليس على نفسه فقط بل على أنفس بريئة تتوقع أن تخرج وتعود سالمة إلى منازلها، مع التأكيد على أهمية التوعية المجتمعية التي تخلق مع الوقت عادات الأفراد في أي مجتمع، حتى تسير الأنظمة بسلاسة ويشعر كل فرد بمسؤولية ورقابة ذاتية.
قد يعترض المواطن البحريني على أن مبلغ مخالفة ما يصل إلى 500 دينار ويعدها مبالغة، وفي الوقت ذاته فإنه من المفروض أن تتناسب هذه المخالفات مع رواتب المواطنين في أي دولة، ومن غير المعقول أن ترتفع الأسعار في كل شيء ماعدا الارتفاع في معدلات الرواتب، كما أنه لنجاح أي تجربة جديدة أو قانون معين لابد من أن يتم تطبيقه على الجميع دون وساطات، فتطبيقه على الفقير دون الغني قد ينعكس سلباً على احترام الفقير للشارع والمارة وكأن شيئاً لم يتغير، ومثل هذا أن تتواجد دوريات المرور في أوقات وشوارع دون أخرى وكأنها في دولة ثانية.
وزبدة القول أن على كل شخص أن يلتزم بالقوانين مادام لا يريد أن يدفع المخالفة، فما المانع والعيب عندما تراعي القواعد العامة وتلبس حزام السلامة وتسير بحسب السرعة المسموحة، وأن تترك جوالك للحظة أو أن تركن سيارتك في مواقف مناسبة في حال انتظارك لرسالة أو مكالمة مهمة، حيث إن هناك حوادث مميتة كانت نتيجة إهمال السائق واندماجه باللعب أو «الشات» عبر أجهزة الهاتف، فكم من المرات كنا أقرب إلى تعرضنا لحادث من الخلف وصرنا ننظر من المرآة حتى نرى إن كان السائق منتبهاً أم مشغولاً بهاتفه.
ولعل من يتعرض لمثل هذه الحوادث قد تتحول في نفسيته عقدة ورهبة من الحوادث، وعن نفسي شخصياً لولا لطف الله لكنت رقماً في الإحصائية مع أحد الأصدقاء والذي توفي في الحادث وإصابتي في اليد، وكل هذا يرجع لغفلة السائق في الانتباه للشارع ولهوه بالهاتف.
نناشد الجهات المعنية ألا تتأخر في إنجاز المشاريع والإصلاحات التي يحتاجها الشارع والمواطن، فليس من المعقول أن يتحرك المسؤولون بعد عشرات ومئات الخسائر في الأرواح، إذ لاحظنا الجهود المشكورة في توفير الكاميرات بشوارع الموت في عدد من المحافظات، وهو أمر يثلج الصدر ويبعث الأمل والحياة إلى أن الأمور قادمة نحو الطريق الأمثل، كما لاحظنا أن الحملة الإعلامية لقانون المرور الجديد قد ساهمت في احترام السائقين له حتى قبل فرضه رسمياً، وهي بادرة ممتازة من المواطن تنتظر تعاون الحكومة والشعب لعدالة تطبيق القانون.
نرجع لنؤكد على أمر آخر وهو خطورة القيادة في حالة السكر فضلاً عن عدم تقبل المجتمع البحريني المحافظ للمشروبات الكحولية، فتغليظ العقوبة في هذه الحالة أمر رئيس مع أنه لا يقارن بحالة استخدام الهاتف أثناء السياقة، لكن في كليهما خطر لا يقل عن الآخر فإنهما من الأسباب الرئيسة للوفيات في الطريق.
نرجو من الجميع ألا يتهور أو يتسابق لتجاوز السيارات لتجنب الوقوف عند الإشارة الحمراء، لأن دخول الشخص في غير مساره المحدد هو ما يدفع إلى مزيد من الازدحامات والحوادث، فبالقليل من الالتزام وتصحيح الأخطاء على الطريق يمكن أن يسير الشارع بكل انسيابية.
عبدالله الشاووش