باريس - (أ ف ب): باتت اللقطات المروعة لقتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً على يد تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» حاضرة بوضوح في أذهان الطيارين الذين يحلقون فوق أراض يسيطر عليها التنظيم المتطرف، كما إنها تزيد الضغوط على واشنطن لتحسين عمليات الإنقاذ. وعلقت الإمارات العربية المتحدة على سبيل المثال مشاركتها في ضربات التحالف الجوية بعد سقوط طائرة الطيار الأردني وأسره على يد «الدولة الإسلامية»، وفق ما أكد مسؤولون أمريكيون.ووفق تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية فإن الإمارات طالبت الولايات المتحدة بإعادة نشر فرقها للبحث والإنقاذ، والموجودة في الكويت، في شمال العراق الأقرب إلى منطقة المعارك.ومساء أمس الأول، قال مسؤول أمريكي رفيع مساء أمس الأول في ميونيخ بعد اجتماع عقده وزير الخارجية جون كيري مع وزراء من دول مجلس التعاون الخليجي إن الإمارات ستستأنف على الأرجح مشاركتها في التحالف الدولي ضد التنظيم الإرهابي.وأضاف إن الإمارات «جددت تأكيد التزاماتها إزاء التحالف الدولي» الذي تقف وراءه الولايات المتحدة بهدف الحاق الهزيمة بالتنظيم الذي يسيطر على أجزاء واسعة في سوريا والعراق.كما قال مسؤول أمريكي آخر إن عملية القتل الوحشية للطيار الأردني أدت إلى «توحيد صفوف دول الخليج ومضاعفة تصميمها على محاربة داعش».وبالتالي يعيد مصير الكساسبة، الذي أسقطت طائرته فوق سوريا، التأكيد على ضرورة إنقاذ واستعادة الطيارين بأسرع وقت ممكن وقبل وقوعهم في الأسر.ونشر التنظيم المتطرف الثلاثاء الماضي شريط فيديو يظهر إعدام الكساسبة حرقاً.وفي هذا الصدد يقول الرئيس السابق لأحد أجهزة الاستخبارات الفرنسية إن «صوراً كهذه تؤثر بالطبع على المعنويات». ويضيف أن «الطيارين بشر مثل غيرهم، وليسوا رجالاً آليين، يعلمون أنهم يخاطرون حين يحلقون فوق مناطق معادية. ولكن من الطبيعي بعد ذلك أن يعيدوا النظر في الأمر مرتين».ويوضح رجل الاستخبارات السابق أن منذ مدة لم تعد الحرب خاضعة للقواعد المتعارف عليها، «في السابق كان يتم اسر الطيار الذي يسقط ووضعه قيد الاعتقال. ولكن هذا كله انتهى. اليوم، نشهد الوحشية وخصوصاً في الحروب غير المتوازية. يدرك الطيارون اليوم انه في حال تعثروا في قلب المعركة سيواجهون ظروفاً صعبة. ونكون بذلك دخلنا في مرحلة جديدة من الوحشية لم نعرفها من قبل».وقاد الجنرال غي ديسكلو حتى عام 2011 قوات الدفاع الجوية الفرنسية. وهو يقول إن إعدام الكساسبة سيؤثر من دون شك على معنويات الطيارين ولكنهم «جاهزون نفسياً». ويستعيد الجنرال أيام الحرب الباردة، مشيراً إلى «المهمات النووية» التي كان يجهل الطيارون خلالها أن كانوا سيتلقون أوامر بإطلاق القنبلة الذرية. ويروي «كنا نحمل القنابل الذرية إلى الاتحاد السوفيتي من دون أي أمل بالعودة».ومنذ حرب فيتنام وضع الجيش الأمريكي إجراءات لإنقاذ الطيارين استلهمتها كافة الجيوش المتقدمة.وتحمل الطائرات المقاتلة اليوم جهازي إشارة يطلقان فور سقوط الطيار تلتقطهما أجهزة الرصد في الطائرات الأخرى التي تحلق بشكل دائم فوق أرض المعركة. وتطلق تلك الطائرات، بحسب ديسلكو، النيران باتجاه كل ما يقترب من الطيار لحمايته.وفور تحديد مكان الطيار تبدأ عمليات الإنقاذ، إذ تنقل طوافات فرق كوماندوز خاصة، ترافقها طائرات مقاتلة لحمايتها، إلى مكان الطيار لاستعادته. وفي أحسن الأحوال، تستمر العملية ساعات عدة.وتستخدم الولايات المتحدة عادة طائرات عامودية من طراز «في 22»، وهي الطائرات التي طالبت الإمارات بنشرها شمال العراق لتسريع عمليات الإنقاذ.ووفق مسؤول الاستخبارات السابق فأن «الطيارين مدربون على الاختباء. يختبئون خلال النهار، وإن كانوا بحاجة إلى التنقل، يفعلون ذلك ليلاً».ويشرح «قبل أن نبدأ عملية جوية، الأمر الأول الذي نفكر به هو ما يطلق عليه عملية البحث والإنقاذ. وهذه عملية صعبة جداً في المناطق الواقعة تحت سيطرة «داعش». ومن الممكن أن ترفض أي دولة مشاركة في التحالف أن تضع طياريها في خطر إن لم تكن واثقة من نجاح عملية البحث والإنقاذ».