عواصم - (وكالات): نددت دول مجلس التعاون الخليجي بانقلاب الحوثيين في اليمن الذين قاموا بحل البرلمان وانشؤوا مجلساً رئاسياً يتولى إدارة شؤون البلاد، مؤكدة أن «الإعلان الدستوري انقلاب على الشرعية وما يهدد أمن اليمن يهدد أمن دول المجلس». ولم يتوقف التنديد على دول مجلس التعاون فقط، بل انتقدته واشنطن، والأمم المتحدة التي هددت بدورها بفرض عقوبات، قبل أن يعلن المتمردون الشيعة تشكيل لجنة أمنية عليا لإدارة شؤون البلاد حتى تشكيل المجلس الرئاسي، تضم وزراء سابقين لضمان سيطرتهم على البلاد. وقال مجلس التعاون في بيان نشر في مقره بالرياض إن «هذا الانقلاب الحوثي تصعيد خطير مرفوض ولا يمكن قبوله بأي حال، ويتناقض بشكل صارخ مع نهج التعددية والتعايش الذي عرف به المجتمع اليمني، ويعرض أمن اليمن واستقراره وسيادته ووحدته للخطر».
وأكدت دول مجلس التعاون أن «ما يهدد أمن اليمن وسلامة شعبه يعد تهديداً لأمنها ولأمن المنطقة واستقرارها ومصالح شعوبها وتهديداً للأمن والسلم الدولي، وسوف تتخذ دول المجلس كافة الإجراءات الضرورية لحماية مصالحها».
كما حذرت من أن «انقلاب الحوثيين لن يقود إلا إلى مزيد من العنف والصراع الدامي في هذا البلد الشقيق»، وناشدت «المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته لإدانة هذا الانقلاب وشجبه وعدم الاعتراف بتبعاته».
وأعرب المجلس عن «رفضه المطلق للانقلاب الذي أقدم عليه الحوثيون باعتباره نسفاً كاملاً للعملية السياسية السلمية التي شاركت فيها كل القوى السياسية اليمنية، واستخفافاً بكل الجهود الوطنية والإقليمية والدولية التي سعت مخلصة للحفاظ على أمن اليمن واستقراره ووحدته، وتحقيق تطلعات الشعب اليمني».
وصرح مسؤول أمريكي رفيع طلب عدم كشف اسمه بعد اجتماع بين وزير الخارجية جون كيري ومسؤولين في مجلس التعاون الخليجي في ميونيخ مساء أمس الأول أن واشنطن تعارض إنشاء مجلس رئاسي أعلن عنه الحوثيون في اليمن.وتابع أن وزير الخارجية الأمريكي دعا الدول الخليجية إلى مضاعفة اتصالاتها مع جميع الأطراف في اليمن بعد أن تحدثت عن مخاوفها من «خطر» الفراغ في السلطة على الاستقرار في المنطقة.
إلا أن هذا المسؤول الأمريكي أوضح أن الولايات المتحدة لم تحدد بعد كيفية تعاملها مع «الأحداث الملتبسة والتي تجري بسرعة»، موضحاً أنها ستجري مشاورات حول الخطوات المقبلة.
وأضاف أن الولايات المتحدة «بدأت للتو محادثات ليس فقط مع مجلس التعاون الخليجي بل مع حلفاء آخرين والأمم المتحدة». وأكد أن الولايات المتحدة تأمل في أن تلعب السعودية دوراً أساسياً في محاولة حل الأزمة نظراً إلى «نفوذها الواسع» في المنطقة والمساعدات المالية التي تقدمها إلى اليمن.
والتقى كيري طوال 90 دقيقة وزراء خارجية ومسؤولين من البحرين وسلطنة عمان وقطر والإمارات ونائب وزير الخارجية السعودي. من جهته، أعرب مجلس الأمن الدولي عن «قلقه العميق» من الوضع في اليمن وهدد بفرض عقوبات في حال لم تستأنف المحادثات لإخراج البلاد من الأزمة.وفي إعلان تلاه الرئيس الدوري لمجلس الأمن السفير الصيني جيي لو أعربت الدول الـ 15 الأعضاء عن «استعدادها لاتخاذ إجراءات إضافية» - وهو تعبير يعني عادة فرض عقوبات - «في حال لم تستأنف المحادثات فوراً».وأضاف أن الدول «ألحت على كل الأطراف وخصوصاً الحوثيين احترام» الاتفاقات الموقعة من أجل تسوية الأزمة مثل مبادرة مجلس التعاون الخليجي أو مؤتمر الحوار الوطني.
وطالب المجلس أيضا بـ «الإفراج الفوري» عن الرئيس ورئيس الحكومة والوزراء الذين فرضت عليهم الإقامة الجبرية. وبعيد الإعلان عن تشكيل اللجنة الأمنية، انفجرت عبوة ناسفة عند المدخل الجنوبي للقصر الرئاسي الذي يسيطر عليه الحوثيون منذ 20 يناير الماضي، مما أدى إلى جرح عسكري ومدني، كما ذكر شهود عيان.وقال الشهود إن مسلحي الحوثي أغلقوا شارع القصر الذي يمر أمام بوابته الجنوبية وأجبروا أصحاب المحلات التجارية على الإغلاق، مؤكدين أن هناك عبوات ناسفة أخرى لم تنفجر يجري البحث عنها.
وفي ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء فرق المسلحون الحوثيون بالرصاص الحي تظاهرة لعشرات خرجت رفضاً للإعلان الدستوري. واتهم منظمو التظاهرة الحوثيين باعتقال 17 ناشطاً في التظاهرة واقتيادهم إلى جهة مجهولة.وقال شهود عيان إن المسلحين الحوثيين أغلقوا كل المداخل المؤدية إلى ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء لمنع المتظاهرين من الوصول والتجمع في الساحة وقاموا بحملة اعتقالات واسعة لطلاب جامعة صنعاء.وقال الحوثيون في بيانهم الأول الذي نشر بعيد حل البرلمان إن هذه اللجنة تضم بين أعضائها البالغ عددهم 18 وزيري الدفاع والداخلية في حكومة عبدربه منصور هادي التي استقالت تحت ضغط حركة أنصار الله الحوثية.وقال البيان الذي بثته وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» إن «اللجنة الأمنية العليا ستدير شؤون البلاد حتى تشكيل المجلس الرئاسي».
ويرأس اللجنة اللواء محمود الصبيحي وزير الدفاع في حكومة عبدربه منصور هادي المستقيلة.
وأثار تعيين الصبيحي وظهوره إلى جانب القادة الحوثيين عند إصدارهم «الإعلان الدستوري» تشكيكاً في محيط هذا الضابط الذي يعتبر موالياً للرئيس هادي.
فقد ألمح مدير مكتبه عبد العزيز منصور إلى أن اللواء الصبيحي «أجبر بالقوة على الظهور مع الحوثيين». وقال «قطع كل اتصال معه ونحن قلقون على حياته».
وجاء تشكيل اللجنة الأمنية العليا بعد ساعات على «الإعلان الدستوري» الذي أصدره الحوثيون ويقضي بحل البرلمان اليمني وإقامة مجلس وطني بدلاً منه تمهيداً لتشكيل مجلس رئاسي ثم حكومة وحدة وطنية لمرحلة انتقالية مدتها عامان. وذكر شهود أن صنعاء تشهد انتشاراً كثيفاً لمسلحي الحوثيين بعد تجدد التظاهرات بدعوة من منظمات حقوقية وشبابية يمنية ضد الإعلان الدستوري في عدد من المحافظات اليمنية.
وقد أغلقت ميليشيا الحوثيين عدداً من الشوارع في الضاحية الشمالية للعاصمة بسبب إقامة حفل جماهيري دعت إليه الحركة «انتصاراً لثورة 21 سبتمبر» حسب منظمي المهرجان، وألقى فيه زعيم التمرد عبدالملك الحوثي خطاباً عبر قناة المسيرة الخاصة به.
وقال الحوثي في كلمته إن يديه ممدوة لكل القوى السياسية للشراكة، لكل المكونات لكل التيارات، القلوب مفتوحة والأيدي ممدودة وبالإمكان أن يتكاتف الجميع بدلاً من أن يتصارعوا?».