باريس - (أ ف ب): تكشف وقائع سويسليكس ما حدث منذ أعوام عدة لكن السرية المصرفية باتت منذ ذلك الحين عرضة للانحسار إثر الضغوط التي تمارسها الدول الباحثة عن زيادة مداخيلها المالية.
وقال المدير في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية باسكال سان امان «لن يكون ذلك ممكناً مستقبلاً. فما حصل يعود إلى الفترة بين 2005 و 2008. أي قبل مرحلة حدوث الاختراق في محاربة السرية المصرفية، إنها صورة واضحة لما حدث في عالم غير شفاف غاب عنه تبادل المعلومات الاستخبارية».
ويتولى سان أمان قيادة المفاوضات الدولية حول السرية المصرفية.
وكشف تحقيق نسقته صحيفة «لو موند» الفرنسية ونشرت نتائجه أمس أن 180.6 مليار يورو تم تحويلها إلى حسابات في المجموعة المصرفية لهونغ كونغ وشنغهاي «اتش اس بي سي» في جنيف وأتم إخفاؤها عبر شركات اوف شور بين 9 نوفمبر 2006 و31 مارس 2007.
وشاهدت سويسرا، أحد الأماكن المفضلة للسرية المصرفية، كيف تصدعت بشكل تدريجي السواتر التي تحمي زبائن مصارفها مع إطلاق العديد من الحكومات حملات لمكافحة التهرب الضريبي.
وتصدرت الولايات المتحدة القائمة مع إصدارها قواعد جديدة خصوصاً «فاكتا» قانون امتثال الحسابات في الخارج للضرائب الذي أقرته عام 2010 ودخل حيز التنفيذ عام 2014. ويسمح هذا القانون بالطلب إلى المصارف الأجنبية بإبلاغ دائرة الضرائب الأمريكية بحسابات وأصول زبائنهم الأمريكيين.
ونظراً للتعقيدات الإدارية الناجمة عن هذا القانون، بات هؤلاء الزبائن يشكلون عبئاً يثقل كاهل هذه المصارف بحيث أصبح من الصعوبة بمكان فتح حساب أو الاحتفاظ به خارج الولايات المتحدة، خصوصاً وأن العقوبات لا تشجع على مخالفة القانون، وتنص على حجز 30% من الاستثمارات الأمريكية للمصارف. ووافق ما لا يقل عن 100 ألف بنك في أكثر من 100 بلد بينها فرنسا وسويسرا ولوكسمبورغ اختارت الامتثال.
ومنذ إقرار المبادرة الأمريكية، بدأت بعض الدول البحث عن عائدات مالية للسنوات العجاف وخصوصاً في ظل الضغوط التي يمارسها الرأي العام الذي يعارض فرض ضرائب جديدة. من جهته، قال دومينيك بليون الاقتصادي والمتحدث باسم حركة «اتاك» الناشطة لصالح العالم الثالث «إذا كان هناك تقدم في هذه الأمور، فإن هذا بفضل الولايات المتحدة. هذا البلد الكبير يريد التقدم والآخرون مرغمون على اللحاق به، أما بالنسبة للتهرب الضريبي فإن الأرباح الفائتة كبيرة، بالتالي، من المنطقي أن يؤيدوا ذلك».
وفي أكتوبر الماضي، تم اجتياز مرحلة جديدة برعاية منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في برلين حيث وافق أكثر من 80 بلداً على إقامة نظام تلقائي لتبادل المعلومات المالية بحلول عامي 2017 و2018 بهدف أن تتعرف كل دائرة ضرائب على الأصول المالية التي يودعها في الخارج مكلفين تابعين لها. ووعدت أول مجموعة من 51 بلداً بالتعاون اعتباراً من سبتمبر 2017 غالبيتها من دول الاتحاد الأوروبي وإمارات لديها نظام السرية المصرفية مثل ليشتنشتاين أو ملاذات ضريبية مثل جزر كايمان وجزر العذراء البريطانية. وفي اتفاق منفصل، أكدت دول أخرى بينها سويسرا والنمسا وبهاماس أنها ستتعاون اعتباراً من 2018. لكن بعض الدول ما تزال تتباطأ رغم تعهدها بالتعاون، بحسب بليون «فالمملكة المتحدة مع حي المال في لندن لا تتعاون على الإطلاق وكذلك لوكسمبورغ. لقد قدمتا تنازلات إثر ضغوط مارستها الولايات المتحدة لكنها تقوم بالحد الأدنى». وتخضع لوكسمبورغ للمراقبة والانتقادات بسبب سياستها الضريبية المخصصة لجذب الشركات المتعددة الجنسيات كما كشفت وقائع «لوكسليكس».
وفي هذا الملف، حيث تدعو المفوضية الأوروبية بلجيكا إلى تقديم حسابات، يناور الاتحاد الأوروبي من أجل إصدار مذكرة تعليمات خلال السنة الحالية.
970x90
970x90