فتاتان تحولتا لشابين وتزوجا ويعيشان حياة مستقرة
فتوى شرعية حول جواز معالجة مرضى اضطراب الهوية الجنسية
العريض: فتاة مصابة بحالة اكتئاب لتناقض مشاعرها النفسية مع جسدها والواقع
الحالات تتضاعف يوماً بعد آخر.. والمصابون أصبحوا جريئين في مواجهة المجتمع
«الاضطراب» هو حالة عدم الارتياح أو القلق حول نوع الجنس المولود به
كتبت - زهراء حبيب:
شهدت البحرين في عام 2005 تحول الفتاة (م) إلى رجل يدعى (س)، وبعد 3 سنوات تحولت (ز) إلى رجل (ح)، وصدرت لصالحهما أحكام قضائية وقاما بتغيير اسميهما من إناث إلى ذكور في السجلات الرسمية، وتزوجا ويعيشان حياة مستقرة، فيما تترافع المحامية فوزية جناحي، راهناً، عن 5 حالات في البحرين لفتيات يعانين من مرض اضطراب الهوية الجنسية، ويرغبن في التحول إلى ذكور، أمام القضاء، وحالة واحدة لدى المحامية رباب العريض.
وفي عام 2013 بدأت فتاتان (23 و29 عاماً) مشوار تغيير جنسهما من أنثى إلى ذكر، بعد أن قضت المحكمة الإدارية الأولى بإحالتهما إلى الطب الشرعي لإيقاع الفحص عليهما، والحالة الأولى انتهت من العمليات الجراحية لتدخل عالم الذكور، فيما مازالت الأخرى في بداية المشوار بإجرائها العملية الأولى، وتحتاج لتغيير جنسها لعمليتين جراحيتين، وجميع الحالات التي بدأت بتغيير الجنس مصابون بمرض اضطراب الهوية الجنسية، وهم ذكور في جسد إناث، وفق تقارير طبية وفتاوى شرعية تؤكد ذلك.
فتاة تحولت لذكر والأخرى بالطريق
أكدت الفتاتان لمحاميتمها فوزية جناحي والقضاء أنهما يشعران بشعور نفسي وحقيقي للانتماء للجنس الآخر على الرغم من أنهما يحملان اسماً أنثوياً في الأوراق الثبوتية، وهو أمر ألحق بهما ضرر نفسي لانتمائهما لجنس مغاير لما يشعران به، وفي أوساط النساء يصعب عليهما التعايش والتكيف معهن، وتسبب لهما بالعديد من المشكلات وحرمهما من حقوقهما الشخصية والمدنية.
ولاكتشاف سبب تضارب مشاعرهما النفسية مع ملامح جسدهما الأنثوي، راجعا العديد من الأطباء النفسيين في البحرين، وجاء تقرير كشفهما الطبي بأنهما تعرفان نفسيهما على أنهما ذكر منذ الطفولة، وهما يعانيان من مرض يطلق عليه اضطراب الهوية الجنسية، حيث إن مشاعرهما وإحساسهما ورغبتهما من الصغر تميل للذكورة مع وجود أعراض للقلق مع سمات الكآبة في الوقت الحاضر، مع ضرورة التدخل الجراحي لتغيير جنسهما.
والحالتان تملكان فتوى شرعية حول جواز معالجة مرضى اضطراب الهوية الجنسية كونه مرضاً يولد به الإنسان وليس له أدنى علاقة بالبيئة أو التربية أو هوى النفس أو وساوس الشيطان، وهو أمر يجوز لهما إجراء العمليات الجراحية التي تؤدي إلى معالجة الاختلال الوظيفي في التكوين وتعيد إليه استقراره النفسي والاجتماعي.
وتطالب الفتاتان بتغيير جنسهما في جميع الأوراق الثبوتية، وقد بدأت الحالتان بعمليات تغيير جنسهما، حالة أنهت جميع العمليات فيما الثانية أجرت العملية الأولى فقط، بعد أن تم عرضهما على الطبيب الشرعي والآن تنتظر جناحي عرضهما مرة أخرى على الطبيب.
ومن الخطوات الأخرى التي سوف تتبعها الحالتان هي رفع دعوى لتغيير اسمهما إلى رجل في السجلات الرسمية عملاً بالمرسوم بقانون رقم (26) لسنة 2000 بشأن تنظيم إجراءات دعاوى اكتساب الأسماء والألقاب وتعديلها والذي أوجب إحالة الدعوى المتعلقة بها إلى لجنة اكتساب الأسماء والألقاب.
اضطراب قد يؤدي للانتحار
والحالة الأخرى التي تترافع عنها المحامية رباب العريض لفتاة بحرينية في العشرينات تعاني من اضطراب الهوية الجنسية وترغب بالتحول إلى ذكر» خالد»، وتم إحالتها إلى الطبيب الشرعي لمعاينتها، والاطلاع على التقارير الطبية لتحديد جنسها وأحقيتها في تصحيح جنسها، وتطالب من وزارتي الصحة والداخلية وإدارة الجنسيـة والجوازات والإقامة بتغيير جنسها واسمها في سجلاتهم الرسمية.
ودخلت تلك الحالة حالة من الاكتئاب لتناقض مشاعرها النفسية مع جسدها والواقع الذي تعيش في كنفه، ولوضع حد لمعاناتها لجأت للعديد من الأطباء النفسيين لتجد عنواناً لما تعانيه وهو مرض اضطراب الهوية الجنسية، وإنها تنتمي إلى الجنس الآخر بسبب اضطرابات الهرمونات التي تتعرضت عندما كانت جنيناً مما يؤثر على الخطوط الجنسية في المخ، وهو أمر يستلزم التدخل الجراحي لوضع حد لمعاناتها التي قد تؤدي بها إلى الانتحار.
وأسوة بغيرها تملك الفتاة فتوى شرعية من رجل دين معروف في البحرين تشرع لها إجراء عملية تصحيح جنسها في حال ثبت معاناتها من مرض اضطراب الهوية الجنسية.
وهذه الحالات تسلط الضوء على حالة مرضية كانت موجودة لكنها بدأت تظهر للعيان، وملفات تتداول أمام القضاء البحريني منذ عام 2005 وحتى اليوم، وتتضاعف الحالات يوماً بعد يوم بعد أن ملك المصابون بهذا المرض الجرأة في مواجهة محيطهم الأسري والمجتمع المحلي، بالكشف عن معاناتهم وأنهم ذكور محبوسون في جسد إناث أو العكس، فلجؤوا إلى القضاء لإنصافهم أسوة بالحالتين المذكورتين سلفاً.
6 حالات في البحرين
وتتبنى المحامية فوزية جناحي حالات المصابين باضطراب الهوية الجنسية من داخل البحرين وخارجها، فيما ترفض رفضاً قاطعاً الترافع بقضايا الشذوذ الجنسي.
وتقول جناحي إن القضاء البحريني مازال ينظر حالياً قضية الفتاتين اللتين ترغبان بالتحول إلى رجلين، والآن طلبت عرضهما للمرة الثانية على الطب الشرعي بعد إجرائهما للعمليات الجراحية المطلوبة، إذ أنهت الحالة الأولى مراحل التحول لذكر، فيما مازالت الثانية في المرحلة الأولى، وتنتظر في الوقت الراهن حكم المحكمة الإدارية في هذا الشأن.
وتستعد إلى إدخال أوراق قضية جديدة للقضاء لحالة مشابهة لفتاة مصابة باضطراب الهوية الجنسية وترغب بالتحول إلى ذكر، وقد أنهت جميع التقارير الطبية والنفسية المطلوبة، واستلمت الفتوى الشرعية في هذا الخصوص.
فيما تعد أوراق حالتين استملتهما حديثاً لفتاتين مصابتين بذات المرض، وترغبان في تغيير جنسهما، وبعد الانتهاء من إعداد التقارير المطلوبة والفتوى الشرعية سوف يتم رفع دعوى بهذا الشأن.
وبذلك تكون الحالات التي تتابعها في الوقت الراهن 5 دعاوى من البحرين، اثنتين تتداول أمام المحاكم، و3 آخرى سيتم إدخالها قريباً، بينما كسبت في الأعوام الماضية قضتين لـ«م» أصبحت «س»، و«ز» تحولت إلى «ح».
فيما تتابع المحامية رباب العريض حالة واحدة لأنثى ترغب بتصحيح جسدها لذكر.
69 حالة تريد التحول لذكور
ولا تقتصر جهود المحامية فوزية جناحي على الحالات في البحرين، إذ تتبنى العديد من القضايا في دول الخليج والدول العربية تزيد على 69 حالة حتى الآن، وفي الطليعة المملكة العربية السعودية التي يصل عدد الحالات التي تتابعها في القضاء 40 حالة، الإمارات 6 حالات، والبحرين 5 حالات، والعراق 4 حالات، واليمن 3 حالات، ولبنان 3 حالات، الكويت 2 حالة، عمان 2 حالة، وتونس 2 حالة، والجزائر حالة، والسودان حالة وغيرها.
وأشارت إلى أن جميع الحالات تعاني من مرض اضطراب الهوية الجنسية وترغب في تغيير جنسها من أنثى إلى ذكر، ماعدا 4 حالات لذكور يرغبون في التحول إلى إناث، حالتان منها في الإمارات، والسعودية حالة واحدة، والكويـــت حالــــة.
وترد جناحي عشرات الحالات التي تتواصل معها عبر مواقع التواصل الاجتماعي عبر صفحاتها في الإنستغرام، والفيس بوك يومياً لمصابين بمرض اضطراب الهوية الجنسية من مختلف الدول الخليجية والعربية، لطلب استشارتها القانونية وتبني قضاياهم، وهو أمر يؤكد زيادة أعداد المصابين بهذا المرض يوماً بعد يوم.
المطالبة بتكفل الصحة بعلاج الحالات
وفي خضم تزايد أعداد الحالات التي كسرت حاجز الصمت طوال السنوات الماضية بحياتهم كحالة ذكر في جسد أنثى أم العكس، تطالب جناحي وزارة الصحة تبني هذه الحالات التي صدرت لصالحها أحكام قضائية بالتدخل في علاجهم بالتكفل بمصاريف علاجهم في الخارج، لحاجتهم لتدخل جراحي دقيق وكلفة مرتفعة، إذ لا يوجد علاج في مملكة البحرين لمثل تلك الحالات فمتوسط العمليات التي تحتاجها كل حالة للتحول الكامل للجنس الآخر 3 عمليات جراحية، كما تطالب بإنشاء لجنة وطنية متخصصة في معاينة هذه الحالات تتضمن أطباء نفسيين وجراحين ومتخصصي الغدد الصماء وغيرها.
وفي السياق ذاته تتبنى المحامية رباب العريض حالة واحدة مصابة بمرض الاضطراب الجنسي وترغب بالتحول إلى ذكر» خالد» وهي مازالت تتداول في القضاء وتمت إحالتها إلى الطب الشرعي لمعاينتها.
وتشير العريض أنها الحالة الوحيدة التي تترافع عنها لمثل هذه الحالات، وتؤكد أن القضاء البحريني متطور جداً في هذا الجانب وهناك توجه سليم في نظر تلك الدعاوى طوال السنوات الماضية.
ما هو اضطراب الهوية الجنسية»؟
يطلق أطباء وعلماء النفس هذا الاسم على الأشخاص الذين يعانون من حالة من عدم الارتياح أو القلق حول نوع الجنس الذي ولدوا به. وهو يعتبر تصنيفاً نفسياً، يصف المشكلات المتعلقة بالتغير الجنسي وهوية التحول الجنسي والتشبه بالجنس الآخر، وهو تصنيف تشخيصي ينطبق بشكل عام على «المتغيرين جنسياً».
وهاري بنجامين يعد أول اختصاصي في علم الغدد الصماء وتخصص في شؤون تغيير الجنس افتتح عيادات تخصصت في تغيير الجنس للأشخاص من الجنسين.
ويوجد اضطراب الهوية الجنسية لدى الأطفال كونه موجوداً منذ الولادة، وهو مغاير لاضطراب الهوية الجنسية الذي يظهر في فترة المراهقة أو فترة البلوغ.
ويصاب المضطربون بالهوية الجنسية بالنفور البالغ من الجنس الفعلي ويرغبون بالانتماء إلى الجنس الآخر، وينشغلون بملابس أو نشاطات الجنس الآخر ورفض الجنس الفعلي، وهو أمر منتشر في الذكور أكثر من الإناث.
وتشير التقارير أن الأطفال الذين صاحبهم هذا الاضطراب ينقسمون لحالتين إما تصبح الحالة مثلي الجنس ولدية شهوة للأزياء الجنسية للآخر، أو فئة لا ترضى إلا بتغيير جنسها سواء باللجوء إلى العيادات المتخصصة في الغدد واستخدام الهرمونات أو التدخل الجراحي لتغيير الجنس.
ومن أعراض المرض في أوساط البنات هو ممارسة ألعاب القوة واقتناء المسدسات وعدم اللعب في الدمي الخاصة بالبنات، وغير مبالين بالأدوار النسائية، ويصاحبن الذكور، أما عند الجنس الآخر» الذكور» لبس الفساتين واللعب بالعرائس، ولا يرغب باللعب من الأولاد، والتخيل بأنه سوف يصبح امرأة وقادر على الحمل والإنجاب، وهم منبوذون في المجتمع أكثر من البنات المصابات بالمرض.
970x90
970x90