عواصم - (وكالات): أغلقت عدة دول أوروبية وقبلها الولايات المتحدة سفاراتها أمس في صنعاء وأجلت أطقمها الدبلوماسية على خلفية اشتداد الأزمة السياسية والأمنية في اليمن مع صعود المسلحين الحوثيين الشيعة الذين يحاولون تثبيت دعائم انقلابهم على الحكم في البلاد، فيما أطلق عناصر من الميليشيا المتمردة العيارات التحذيرية واستخدموا الهراوات والسكاكين لتفريق آلاف المتظاهرين المناهضين لهم في صنعاء احتجاجاً على استيلائهم الحوثيين على السلطة ما أدى إلى إصابة محتجين.
ويأتي ذلك فيما تتابع الأطراف اليمنية حواراً برعاية الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص جمال بن عمر للخروج من الأزمة العميقة وإطلاق مرحلة انتقالية جديدة بعد استقالة الرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة.
وكانت واشنطن أول المعلنين عن إغلاق سفارتها إلى أجل غير مسمى، ما قد يلقي بظلاله على جهود مكافحة الإرهاب في البلاد بالنسبة لواشنطن في هذا المجال.
وجاء في بيان للخارجية الأمريكية أنه «في 11 فبراير 2015 وبسبب الوضع الأمني المتدهور في صنعاء، علقت وزارة الخارجية أنشطة سفارتها وتم نقل طاقم سفارة الولايات المتحدة الأمريكية خارج البلاد».
وتابع البيان أن «جميع الخدمات القنصلية والمعاملات الروتينية أو الطارئة علقت حتى إشعار آخر».
كما حض البيان الرعايا الأمريكيين على مغادرة اليمن.
وأكد البيان أن «وزارة الخارجية تحض المواطنين الأمريكيين على تأجيل السفر إلى اليمن، والمواطنين الأمريكيين المقيمين حالياً في اليمن على المغادرة» مشيراً إلى «المستوى المرتفع من المخاطر الأمنية في اليمن نتيجة أنشطة إرهابية واضطرابات أهلية».
واستولت ميليشيا الحوثي في وقت لاحق، على 3 سيارات دبلوماسية أمريكية في مطار صنعاء بعيد مغادرة سفير الولايات المتحدة، كما أفادت مصادر دبلوماسية وملاحية.
وقال موظفون محليون في السفارة الأمريكية إن طاقم العاملين دمر أسلحة وأجهزة كمبيوتر ووثائق قبل إغلاق السفارة وإجلاء الدبلوماسيين.
بدورها، اجلت بريطانيا سفيرتها وطاقمها الدبلوماسي من اليمن وعلقت نشاط سفارتها في صنعاء بسبب المخاوف من الوضع الأمني. وقالت وزارة الخارجية البريطانية في لندن إنها أوقفت عمل السفارة في صنعاء «مؤقتاً». وقال الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط توبياس الوود إن «الوضع الأمني في اليمن استمر بالتدهور خلال الأيام الأخيرة». وأضاف «للأسف، نحن نعتقد أن طاقم سفارتنا والمباني التي نستخدمها باتت عرضة لمخاطر مضاعفة وقررنا بالتالي أن نسحب طاقمنا الدبلوماسي وأن نوقف عمليات السفارة البريطانية في صنعاء مؤقتاً». وذكر الوود أن السفيرة وأعضاء البعثة الدبلوماسية غادروا اليمن للعودة إلى بريطانيا.
كذلك أعلنت إيطاليا إغلاق سفارتها في اليمن بصورة مؤقتة.
ومن جهتها أيضاً، دعت فرنسا رعاياها إلى مغادرة البلاد «في أسرع وقت» وأعلنت عن إغلاق سفارتها «مؤقتاً» اعتباراً من غد.
وأوضح مصدر دبلوماسي أن هذا الإجراء توصية، وليس إجلاء، مضيفاً أن المصالح الفرنسية ستمثلها السفارة المغربية. وقد أكد مصدر دبلوماسي غربي أن عدة سفارات أوروبية تفكر جدياً بوقف نشاطها وإجلاء أطقمها.
وقال المصدر «نحن نفكر في الرحيل».
وكان عبد الملك الحوثي زعيم ميليشيا أنصار الله الشيعية حذر خصومه من محاولة إثارة المشاكل في اليمن على حد قوله.
وأتى التحذير بموازاة مواصلة القوى السياسية اليمنية الحوار برعاية الأمم المتحدة بالرغم من اتخاذ الحوثيين الشيعة تدابير أحادية لإعادة ترتيب السلطة.
كما سعى الحوثي إلى طمأنة البعثات الدبلوماسية مؤكداً أن «الوضع الأمني مستقر».
ويفترض أن يستأنف الحوار في وقت لاحق بصنعاء.
ويبحث الأطراف مسودة اتفاق تبقي على البرلمان الذي حله الحوثيون في «إعلان دستوري» فرضوه أحادياً الجمعة الماضي، مع تشكيل مجلس رئاسي، وهو أمر نص عليه الإعلان أيضاً.
لكن الحوثيين يصرون على أن يكون الحوار تحت سقف «الإعلان الدستوري» الذين فرضوه كتدبير «ثوري».
وسيطر الحوثيون في 21 سبتمبر الماضي على صنعاء ووقعوا في اليوم ذاته على اتفاق للسلام وتقاسم السلطة مع باقي الأحزاب، إلا أن تنفيذ الاتفاق فشل.
وفي 20 يناير الماضي سيطروا على دار الرئاسة، ثم أبرموا اتفاقاً جديداً مع الرئيس هادي، لكنه فشل مجدداً ما دفع بالرئيس إلى الاستقالة مع الحكومة.
وفشلت مشاورات سياسية سابقة أجراها المبعوث الأممي جمال بن عمر بين مختلف الأحزاب اليمنية في التوصل إلى حل للأزمة الناجمة عن استقالة الرئيس وحكومة خالد بحاح.
وفرق الحوثيون مظاهرة مناهضة لهم بالرصاص الحي في صنعاء ما أدى إلى سقوط جرحى.
في موازاة ذلك، نقضت مجموعة من المقاتلين المتشددين في اليمن بيعتها لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري وبايعت زعيم تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، حسبما أفادت رسالة نشرت على «تويتر» ونقلها موقع «سايت» الذي يتابع من الولايات المتحدة مواقع الجماعات الجهادية على الإنترنت.