عواصم - (وكالات): أعلن الجيش المصري أن طائرات حربية مصرية قصفت مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في ليبيا في إجراء وصفته مصر بأنه حقها في «الدفاع الشرعي عن النفس» بعد ساعات من إعدام 21 قبطياً على يد التنظيم الإرهابي. وجاء في بيان للقيادة العامة للقوات المسلحة أن «القوات المسلحة قامت أمس بتوجيه ضربة جوية مركزة ضد معسكرات ومناطق تمركز وتدريب ومخازن أسلحة وذخائر تنظيم داعش الإرهابي بالأراضي الليبية وقد حققت الضربة أهدافها بدقة».
وأوضح البيان أن الضربة الجوية جاءت «تنفيذاً للقرارات الصادرة عن مجلس الدفاع الوطني وارتباطاً بحق مصر في الدفاع عن أمن واستقرار شعبها والقصاص والرد على الأعمال الإجرامية للعناصر والتنظيمات الإرهابية داخل وخارج البلاد». وأفاد شهود عيان بأن 7 غارات جوية نفذت في درنة شرق ليبيا معقل الجماعات المتشددة. وذكرت الخارجية المصرية في بيان أن الضربات الجوية تمت وفق «حقها الأصيل والثابت في الدفاع الشرعي عن النفس وحماية مواطنيها في الخارج ضد أي تهديد وفقاً لنصوص ميثاق الأمم المتحدة التي تكفل للدول فرادى وجماعات حق الدفاع الشرعي عن النفس».
وبث التلفزيون الرسمي لقطات مصورة لطائرات تخرج من مراكزها ليلاً وقال إنها نفذت الهجمات في ليبيا دون الكشف عن نوعها او مواقع انطلاقها. ودعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى اجتماع طارئ لمجلس الدفاع الوطني متوعداً «القتلة» بالاقتصاص منهم «بالأسلوب والتوقيت المناسب». وأكدت مصر الحاجة إلى «تدخل صارم من قوات التحالف لكبح جماح التنظيمات الإرهابية» في ليبيا لما تمثله من «تهديد واضح للأمن والسلم والدوليين». وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان أن وزير الخارجية سامح شكري توجه إلى العاصمة الأمريكية واشنطن للمشاركة في قمة الإرهاب التي ستعقد بين 18و20 فبراير الجاري «لتأكيد موقف مصر الثابت تجاه ظاهرة الإرهاب وأن ترك الأمور على ما هي عليه في ليبيا دون تدخل صارم لكبح جماح هذه التنظيمات الإرهابية هناك إنما يمثل تهديداً واضحاً للأمن والسلم والدوليين». وقالت الخارجية إن شكري سيلتقي الأمين العام للأمم المتحدة وكبار المسؤولين في المنظمة الدولية وأعضاء مجلس الأمن «لمطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته واتخاذ خطوات قوية وفعالة وحازمة ضد التنظيمات الإرهابية التي تشترك فيما بينها في تبني ذات الإيديولوجية المتطرفة وتحقيق نفس الأهداف الخبيثة».
وذكرت الخارجية المصرية في بيانها أن الهجمات الجوية تمت وفق «حقها الأصيل والثابت في الدفاع الشرعي عن النفس وحماية مواطنيها في الخارج ضد أي تهديد وفقاً لنصوص ميثاق الأمم المتحدة التي تكفل للدول فرادى وجماعات حق الدفاع الشرعي عن النفس». وطالبت الخارجية المصرية «دول التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي بتحمل مسؤوليتها لدعم مصر السياسي والمادي واتخاذ الإجراءات الكفيلة لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي وباقي التنظيمات الإرهابية المماثلة على الأراضي الليبية لما تمثله من تهديد واضح للأمن والسلم الدوليين، وذلك بنفس قدر ما يمثله تنظيم داعش الإرهابي في كل من سوريا والعراق من تهديد مماثل».
وحظيت الضربات العسكرية المصرية بترحيب شعبي واسع.
من جهته، أكد قائد سلاح الحو الليبي العميد صقر الجروشي مقتل العشرات من «داعش» في غارات شنتها طائرات حربية ليبية ومصرية على مواقع التنظيم في درنة. وتأتي الهجمات الجوية المصرية غداة إعلان الفرع الليبي لتنظيم الدولة الإسلامية قتل 21 مصرياً قبطياً خطفوا مؤخراً في ليبيا بقطع رؤوسهم. ويقول ماتيو غيدار وهو خبير فرنسي في شؤون العالم العربي والإسلامي إن «هذه الضربات الجوية تنقل مصر إلى رقعة جديدة في مواجهة التنظيمات المتطرفة. أصبح هناك تدويل للمسألة السياسية المصرية وهذا التدويل جاء عسكرياً». وأشار غيدار إلى الهجمات المتواصلة ضد قوات الأمن المصرية في شبه جزيرة سيناء والتي تتبناها جماعة أنصار بيت المقدس التنظيم الجهادي الرئيس في مصر والذي بايع مؤخراً تنظيم «الدولة الإسلامية» واتخذ لنفسه اسم «ولاية سيناء». وسبق عمليات قتل الـ21 قبطياً، تبني «أنصار بيت المقدس» قبل أيام قليلة قتل 8 أشخاص ذبحاً في سيناء، الأمر الذي يثبت أن التنظيم الجهادي تمكن من تصدير الأساليب الموغلة في الوحشية إلى خارج «قاعدته»
أي المناطق التي يسيطر عليها في كل من سوريا والعراق حيث ارتكب فظاعات عديدة مماثلة.
وفي الشريط الذي بثته مواقع إنترنت يستخدمها عادة «داعش» يظهر رجال يرتدون ثياباً برتقالية اللون -شبيهة بتلك التي ارتداها رهائن آخرون قتلهم التنظيم الجهادي في سوريا في الأشهر الأخيرة- وقد أجبروا على الجثو على أحد الشواطئ وقيدت أياديهم وراء ظهورهم قبل أن يقوم الجلادون المقنعون برميهم أرضاً وذبحهم بالسكين. وفي يناير الماضي، أعلن الفرع الليبي لتنظيم «داعش» خطف 21 قبطياً مصرياً في ليبيا، وأكدت القاهرة أن 20 من رعاياها خطفوا في أراضي جارتها الغربية في هجومين مختلفين. وسادت حالة من الصدمة والحزن البالغ قرية العور في محافظة المنيا جنوب القاهرة والتي ينتمي إليها نحو 14 من الضحايا الـ21. وأكد الرئيس المصري في كلمته المتلفزة أن «مصر لا تدافع عن نفسها فقط ولكن تدافع عن الإنسانية بأكملها من هذا الخطر المحدق بها»، وأكد أن «هذا الإرهاب الخسيس الذي طال أبناء مصر، إنما هو حلقة جديدة في سلسلة الإرهاب المستشري في العالم كله، وهو ما يفرض علينا جميعاً الاصطفاف من أجل استئصال جذوره وحماية العالم من انتشار سمومه». وزار السيسي صباح أمس الكاتدرائية المرقسية لتقديم التعازي لبابا الأقباط في مصر البابا تواضروس الثاني. ودعا الرئيسان الفرنسي فرنسوا هولاند ونظيره المصري إلى اجتماع لمجلس الأمن الدولي واتخاذ «تدابير جديدة» ضد «داعش».
وأعلن بيان للرئاسة الفرنسية، أن الرئيسين بحثا خلال اتصال هاتفي «الوضع في ليبيا وتوسيع عمليات داعش في هذا البلد. وأكدا على أهمية اجتماع مجلس الأمن الدولي وأن يتخذ المجتمع الدولي تدابير جديدة لمواجهة هذا الخطر». وجدد الرئيس الفرنسي الإعراب عن «تضامنه بعد اغتيال 21 مواطناً مصرياً في ليبيا» كان التنظيم الجهادي اختطفهم. ويزور وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان مصر للتوقيع في القاهرة على اتفاق ثنائي لتزويد مصر بطائرات رافال فرنسية، تعبيراً عن تضامن باريس مع السيسي في أجواء من التوتر في المنطقة.
وعبرت الصحف المصرية الصادرة صباح أمس عن حالة الصدمة والحزن السائدة في البلاد.
وعنونت صحيفة الأهرام المملوكة للدولة صفحتها الأولى باللون الأسود «داعش ترتكب عملاً بربرياً باسم الإسلام»، فيما قالت صحيفة الأخبار في عنوانها الرئيس «الثأر قادم». ووضعت صحيفة المصري اليوم صورة للأقباط المصريين في زيهم البرتقالي وقد جثوا على ركبهم أمام جلاديهم في صدر صفحتها الأولى وكتبت «حق الرد» مع شريطة سوداء للحداد.