دعا محاضرون ومتحدثون من مؤتمر الهيئة الوطنية للمؤهلات وضمان جودة التعليم والتدريب إلى ترسيخ الشراكة بين المدارس والجامعات، وتحويل المدارس لمجتمعات تعليمية مهنية والربط بينها، والربط بين مجالي الإنجاز الأكاديمي وعمليتي التعليم والتعلم، مؤكدين ضرورة تنمية كفايات الفرد وقدراته بدلاً من التركيز على التحصيل الأكاديمي، تطوير آلية التوظيف وانتقال العمالة بصورة ميسّرة حسب الكفاءة
وأكد المحاضرون والمتحدثون المشاركون في فعاليات اليوم الأول «انحسار التعليم التقليدي والتوجه إلى الانفراد بمهارات التدريب»، مشيرين إلى أن الفصل بين «الإنتاج المعرفي» والسياسات سبب إخفاق أنظمة التعليم.
وشددوا على ضرورة تبني تعليم الطالب كعملية تنموية مستدامة لا كمنتج، ومشاركة ضمان الجودة بعمليات التقييم التكويني والتجميعي، واعتماد الشفافية بنتائج ضمان الجودة الخارجي وإيضاحها للعموم، وتحسين برامج الأبحاث لاستخدامها من قبل صانعي السياسات، وإشراك المستشارين والتربويين في تحديد مشكلات التعليم.
وتناول المحاضرون في فعاليات اليوم الأول عمل إطار المؤهلات، والتوجهات الجديدة لضمان الجودة، والفجوات بين الأبحاث والسياسات والممارسات.
وفي الجلسة الأولى الرئيسة لأعمال المؤتمر تناول بيتر شانج مستشار التعليم في أ- دبليو تي سي للاستشارات المحدودة في هونج كونج (فكرة إطار عمل المؤهلات) متحدثا عن العوامل الرئسة التي أدت إلى تكوين باكورة فكرة إطار المؤهلات، والظروف التي أحاطت بها والتحديات التي واجهتها بالنظر للمتغيرات الكونية في بروز العولمة والاحتياجات الاقتصادية والسياسية، واقبال المجتمع على التعلم مدى الحياة، وانتقال العمالة، إضافة إلى التغييرات الاجتماعية والأيديولوجية.وأكد شانج أن أطار المؤهلات يعنى بالتركيز على تنمية كفايات الفرد، وتطوير قدراته بدلاً من التركيز على مستوى التحصيل الأكاديمي، الأمر الذي يساعد في تطوير آلية التوظيف بشكل أفضل، وانتقال العمالة بصورة ميسّرة كلٍ حسب كفاءته».وقال إن «التدريس يعتبر وسيلة للتعلم، وهناك أشكال تتمحور حولها عملية التعلم مثل (الاختبار والتجربة، والتدريب أثناء العمل إضافة الى الخبرة العملية)، حيث يمكن للمتعلمين اختيار مسارات مختلفة ضمن المساحة الخاصة بهم».
وتابع أن «اطار المؤهلات نقلة نوعية في بعض المصطلحات والمفاهيم لتشمل آفاق أوسع، كما أن الاعتراف بالتعلم المسبق أصبح مسألة شائكة خاصة في المستويات الأقل من التسلسل الهرمي».
وأشار شانج إلى «عدم قدرة المؤسسات على فرض البرامج المقدمة أو تحديد المؤهل الممنوح لها»، مؤكداً أن «القرار أصبح الآن بين يدي المستخدمين، حيث بدأ المفهوم التقليدي للتعليم بالانحسار والتوجه إلى الانفراد والتميز من قبل التيار الرئيس، والتدريب المهني أو انحسار الأسلوب المركز على مهارات التدريب فقط، ليندرج ذلك تحت إطار مركب واحد، الأمر الذي يسهم في نقلة نوعية كبيرة للمؤهلات في مجال التعلم، وستقوم وكالات إطار عمل المؤهلات بدورها بإعادة التفكير وإعادة تجهيز للبرامج والمؤهلات في قالب جديد مبني على استحداث المعرفة الجديدة، وشبكات تواصل الجديدة، ومجموعات الجديدة، المهارات الجديد وربما الحوكمة الجديدة أيضاً والقيادة الجديدة، ومن الجهة المقابلة سيكون على هذه الوكالات ممارسة صلاحيات إضافية وعليها قبول سياسة جديدة في اطار عملها كنوع من الاعتماد في تسيير مهامها على الحكومة».
وفي المحاضرة الثانية من الجلسة الأولى تحدثت البروفسور كارول بوبي رئيسة الشبكة الدولية لهيئات ضمان جودة التعليم العالي في محاضرة بعنوان (تحديد التوجهات الجديدة لضمان الجودة في التعليم العالي- موازنة الاحتياجات التنافسية لمختلف الأطراف ذات العلاقة)، إذ استعرضت دور ضمان الجودة الخارجي في التعليم العالي والغرض منه.وقالت إن «ضمان الجودة يختلف بشكل كبير بناءً على الجهة المعنية والاحتياجات التي قد تمتلكها»، مؤكدة أن «التركيز يتم على خمس مجموعات أساسية مختلفة من الأطراف ذات العلاقة والمتمثلة في (المؤسسات والطلاب وأصحاب الأعمال والمهن، والدول)، وحاجتها للدراسة من خلال الإجابة على الأسئلة الخاصة بكل مجموعة مع الأخذ بعين الاعتبار الجوانب المتعلقة بما يشكل ضمان الجودة في التعليم العالي».
وسلطت البروفسور بوبي الضوء على مجموعة من الاقتراحات للوقوف على العوائق التي تحول دون التغيير ومعالجتها بشكل ابداعي، من خلال تبني تعليم الطالب كعملية تنموية مستدامة وليست كمنتج، إذ نادت باشراك الأطراف ذات العلاقة في تحديد الأهداف التعليمية والتمكن من تقييمها، مشيرة الى أهمية مشاركة ضمان الجودة الخارجي في عمليات التقييم التكويني والتجميعي، اضافة إلى الشفافية المطلقة في بيان نتائج ضمان الجودة الخارجي بشكل واضح للعموم وتزويدهم بالمعلومات المطلوبة.
وفي الجزء الثاني من برنامج اليوم الأول للمؤتمر قدم البروفيسور كليف ديموك أستاذ القيادة والتدريب المهني جامعة جلاسجو المملكة المتحدة محاضرة بعنوان (رأب الفجوات بين الأبحاث والسياسات والممارسات لبناء أنظمة التعليم في القرن الحادي والعشرين) إذ أكد أن «الفصل بين الأبحاث (الإنتاج المعرفي)، ووضع السياسات، والممارسات التعليمية (توظيف المعرفة) في كل الأنظمة التعليمية في العالم، كان سبباً رئيساً في الإخفاق في تقديم التعليم العالي الجودة للطلبة».
وأضاف أن «الحكومات والمسؤولين عن وضع السياسات لم يأخذوا في الاعتبار الأبحاث المرتكزة على الأدلة، كما أخفق الباحثون أيضاً في إجراء الأبحاث على مشكلات الممارسة، في حين لم يبال التربويون بالاستفادة من هذه الأبحاث في تحسين جودة التعليم أيضاً».
وتابع أن «هناك حاجة ملحة إلى تطبيق المزيد من الطرق الفعالة لنشر المعرفة حتى يتسنى لمنتجي المعرفة (الباحثين)، ومستخدمي المعرفة (الحكومات والمستشارين والتربويين)، والأطراف ذات العلاقة الأخرى (وسائل الإعلام والناشرين) العمل سويا».وقدم البروفيسور كليف مقترحات للتنسيق بين (منتجي المعرفة، والمستخدمين، والأطراف ذات العلاقة) من بين هذه الحلول تحسين برامج الأبحاث لتركز على جوهر المشكلة بشكل أفضل لغرض استخدامها من قبل صانعي السياسات، ومشاركة المستشارين والتربويين في تحديد المشكلات الواجب البحث لها عن حلول، وترسيخ الشراكة بين المدارس والجامعات، وتحويل المدارس إلى مجتمعات تعليمية مهنية، والربط بينها، وأخيراً تطبيق منهج البحث – التصميم – التطوير العملي على الأبحاث. وفي البرنامج الختامي من فعاليات اليوم الأول للمؤتمر أعد الباحث عبدالحكيم الشاعر ورشة عمل إدارة مراجعة أداء المدارس الحكومية والخاصة ورياض الأطفال بعنوان (الخطوات الرئيسة لمراجعة وتطوير إطار مراجعة أداء المدارس للدورة الثالثة، استنادًا على الخبرات التراكمية المقدمة من قبل قادة فرق المراجعة والمراجعين، والمقارنة المرجعية مع الأطر الدولية، والتغذية الراجعة عن الإطار السابق من الشركاء الرئيسين: (المدارس – وزارة التربية – مجلس التنمية الاقتصادية)، ومن خلالها تم إجراء مقارنة بين إطار الدورة الثانية والثالثة.
وتضمنت الورشة وصف توضيحي لمقياس الأحكام على الإجراءات، والمعاير والمجالات بشكلٍ عام، إضافةً إلى كيفية الحكم على الفاعلية العامة للمدرسة وقدرتها الاستيعابية على التحسن، كما تم التأكيد على ضرورة الربط بين مجالي الإنجاز الأكاديمي وعمليتي التعليم والتعلم، وارتباط حكميهما بمجال القيادة والإدارة والحوكمة.بدوره، قدم د. سفيان صحراوي من معهد الإدارة في محاضرة بعنوان (ترتيب الجامعات في المنطقة العربية) قدم تعريفياً واسعاً حول عملية تصنيف الجامعة وتاريخها وبدايتها في الولايات المتحدة الأمريكية والمراحل التي مرت به حتى انتشر على نطاق واسع، لافتاً إلى التصنيفات العالمية الأخرى البريطانية والصينية، وما يتصل بالتصنيف السنوي للجامعات من حيث الترتيب، وتأثير التصنيفات من حيث الفاعلية وما يترتب على ذلك من وتطوير استراتيجيات مؤسساتــها التعليمية، والتمويل المالــي والدعم الفني، وهـــو الأمر الذي يشــــجع الطلبة وأوليــاء أمورهم على اختيار الجامعات التي لها ترتيب عالمي.