كتب - محرر الشؤون السياسية:
أكد ريتشارد جونسون أن منظمة هيومن رايتس ووتش تسترت على مرتكبي جرائم إبادة جماعية في رواندا ومحاولة تبرئة مرشحة الرئاسة فيكتوار انجابير، متهماً المنظمة بعدم النزاهة للدفاع الدائم عن “الهوتو” ومحاولة تصويرهم على أنهم الضحايا وليس الجلادين.
وبين في كتابه “مهزلة منظمة هيومن رايتس ووتش في رواندا” الذي يحكي فيه تجربته في رواندا الصادر مؤخراً، ازدواجية التعامل من هذه المنظمة والخطاب القائم على تغييب مفهوم المجرم ومحاولة مساندة القيادة المشتركة للقوى الديمقراطية الموحّدة والتجمع من أجل عودة اللاجئين والديمقراطية الذي نفذ الإبادة الجماعية ضد “التوتسي الروانديين” في عام 1994.
وبيّن كيف سعت “هيومن رايتس ووتش” منذ عام 2010 لمساندة الجهود التي يبذلها الوريث السياسي المباشر لنظام الإبادة الجماعية.
تحويل الضحايا لجلادين
وقال ريتشارد جونسون في كتابه إن “الاتجاه الاستراتيجي لخطاب “هيومن رايتس ووتش” لم يتغيّر فظلّ “الهوتو” ضّحايا وليس الجّلاّدين. (فقد اعتاد هذا الخطاب على تغييب مفهوم المجرم وإبراز مفهوم هوية المجموعة كما لو كان أي اتهام للأوّل يشكّل اعتداء ضد الثاني).
وأضاف إن “الإبادة المزدوجة” المزعومة والفاقدة للسّند ضد الهوتو هي مسألة هامة، وليست الإبادة الجماعية غير المعترف بها ضد التوتسي، فالتوتسي والجبهة الوطنية الرواندية هما السبب الجذري لكل المصائب التي حدثت في رواندا في منطقة البحيرات الكبرى (جنبا إلى جنب مع وحدة غير كافية بين الهوتو) وقد اعتبرت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا والمحاكم الخاصّة (محاكم “الغاكاكا”) اضطهاداً سافراً لأشخاص أبرياء.
وبين أن “الحكم في رواندا يجب أن ينظم مرة أخرى على طول خطوط الهوتو والتوتسي، مع اعتبار الهوتو متهمين وانّ استخدام القوة ضد الحكومة الرواندية الحالية مشروع”.
وقال إنّ “مئات من صفحات البيانات العامة للتجمع من أجل عودة اللاجئين والديمقراطية في رواندا وبرامج الحزب وخطاباته منذ عام 1995 (والتي وقع تحميلها من موقع RDR.org في 2011) تبين كذلك غيابا تاما لأيّ انعكاس حقيقي لأيديولوجية وأخلاقيات أولئك الذين قادوا ونفّذوا الإبادة الجماعية عام 1994 ضد التوتسي، والذين يسعون إلى توريط أكبرعدد ممكن من “الهوتو الروانديين” في هذا التّمشّي. فلم يحضر أي عضو في التجمع من أجل عودة اللاجئين والديمقراطية في رواندا المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية لرواندا أو أمام محاكم “الغاكاكا” في رواندا، أو أشاد بإنجازات آليات العدالة هذه ، أو حتى اعترف بالتحديات التي واجهها أعضاء هذه المحاكم في محاكمة المسؤولين عن الإبادة الجماعية”.
وبين :لا يوجد مثال واحد عن أيّ إجراء قام به التجمع من أجل عودة اللاجئين والديمقراطية في رواندا ضد المشتبه فيهم باقتراف الإبادة الجماعية في صفوف أعضاء وكوادر الحزب و الوسط الداعّم له. بدلاً من ذلك، فإنّ ندارييهي وزميلاً له عضواً في “التجمّع الجمهوري التّقدّمي الرواندي” CPR منذ أوائل التسعينات عّينا يوجين رواموسيو لأن كليهما على قائمة الإشعار الأحمر الصادر عن اللأنتربول الدولي ومن المشتبه فيهم في الإبادة الجماعية في رواندا، وقد شاركا في المؤتمرات التي نظمها محامي الدفاع من أجل الدفاع عن قضية موكليهم خارج قاعة المحكمة. وقد دافع انجابير في البداية، ثم سعت للنأي بنفسها ، ولكنها لم تدن ابدأ نائبها جوزيف نتاوانجوندي الذي رافقها إلى رواندا في أوائل عام 2010 حيث تمّ القبض عليه لاحقا وثم اعترف بمشاركته في الإبادة الجماعية لعام 1994.
وكان هذا هو الحزب في جوهر تحالف القوى الديمقراطية الموحّدة التي سعت فيكتوار انجابير إلى تسجيل مشاركته في الانتخابات الرئاسية الرواندية عندما عادت إلى رواندا في أوائل عام 2010 (كانت قد غادرت رواندا قبل فترة وجيزة من الإبادة الجماعية عام 1994) وقد كانت قد صممت بإتقان حملتها السياسية الوجيزة لإحياء سلطة الهوتو الأيديولوجية والسياسية في رواندا.
وقد كان القبض عليها لمحاكمتها في عام 2010 وإدانتها لاحقاً في أكتوبر عام 2012 ما يبرره تماماً، ويمثل انتصاراً لحقوق الإنسان، وكانت هيومن رايتس ووتش ردّت على إدانة انجابير بإصدار بيان بخمس صفحات تهدف إلي توضيح رؤية هيومن رايتس ووتش الكاذبة تجاه انجابير واعتبارها ضحية بريئة من ضحايا القمع، وهكذا، يستمر بيان هيومن رايتس ووتش في التستر على تاريخ وطبيعة القيادة المشتركة للقوى الديمقراطية الموحّدة والتجمع من أجل عودة اللاجئين والديمقراطية في رواندا واختارت عدم معالجة مضمون وجوهر انجابير لإدانتها بارنكاب الإبادة الجماعية، وتسعى إلى تشويه سمعتها باتّهامها بالتواطؤ مع الجبهة الدّيمقراطية لتحرير رواندا بالتشكيك في مدى وثوقية “بعض” الأدلّة المقدّمة مع تجاهل بعض الأدلة الأخرى التي هي أقل مدعاة للتّأويل المغرض ومثال على ذلك هي الأدلة الموثّقة التي تثبت تواطؤ إينغابيري مع الجبهة الدّيمقراطية لتحرير رواندا وقد تمت مصادرة هذه الوثائق من قبل الشرطة الهولندية في مقر إقامتها هناك.
دعم الوريث السياسي
وقال إن “دفاع منظمة هيومن رايتس ووتش عن الجهود الغربية ضد الإبادة الجماعية في عام 1994 وتقريرها حول الإبادة الجماعية الذي نشر في عام 1999 يعتبران جزءاً مهماً من سمعة هيومن رايتس ووتش ومن المضحكات المبكيات ومن اللاأخلاقي أن هيومن رايتس ووتش قد وضعت منذ 2010 صيتها وتأثيرها ورمت بثقلها لمساندة الجهود التي يبذلها الوريث السياسي المباشر لنظام الإبادة الجماعية لعام 1994 لمباشرة العمل السياسي من جديد في رواندا. أمّا أن تكون هيومن رايتس ووتش تفعل ذلك دون إفشاء تاريخ التجمع من أجل عودة اللاجئين والديمقراطية في رواندا إلى الجمهور الغربي فإن ذلك يزيد من فظاظتها.
وقال المؤلف “في حين كان التجمع من أجل عودة اللاجئين والديمقراطية في رواندا السّليل السياسي المباشرة لنظام سلطة الهوتو الذي نفذ الإبادة الجماعية ضد “التوتسي الروانديين” في عام 1994، كان حزب الجبهة الديمقراطية لتحرير رواندا السّليل العسكري للقوّات المسلّحة الرّوانديّة وميليشيات إنتراهاموي التي قادت القتل. وكان سيلفستر موداكومورا، كبير قادة الجبهة الديمقراطية لتحرير رواندا في شرق الكونغو، ضابطاً كبيراً في القوّات المسلّحة التابعة للحرس الرّئاسي الذي أعطي إشارة الانطلاق للإبادة الجماعية في أبريل 1994. وقد كان إينياس مورواناشياكا، رئيس الجبهة الديمقراطية لتحرير رواندا والذي هو الآن قيد المحاكمة في ألمانيا، رئيساً سابقاً لفرع ألمانيا للتجمع من أجل عودة اللاجئين والديمقراطية في رواندا. وقد كان كاليكست مباروشيمانا، الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير رواندا والمقيم في باريس والمستهدف لطلب الادعاء بالمحكمة الجنائية الدولية بسبب الجرائم المقترفة من قبل الجبهة الديمقراطية لتحرير رواندا قوات تحرير رواندا مطلوب أيضاً في رواندا (وقد وجه له الاتهام في فرنسا) لجرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبت في عام 1994.
وأضاف المؤلف أنّ “موقف منظمة هيومان رايتس ووتش من الجبهة الديمقراطية لتحرير رواندا تغلب عليه تقريباً عدم النّزاهة ومثال ذلك موقفها من التجمع من أجل عودة اللاجئين والديمقراطية في رواندا. ولخص المؤلف موقف المنظمة من الجبهة الديمقراطية بأنه ألقت اللوم علي ‘الحكومة الرواندية ما بعد الإبادة الجماعية’ بسبب استمرار وجود الجبهة الديمقراطية لتحرير رواندا لحدّ الآن والمطالبة أيضاً بأن يتم توسيع “المجال السياسي” الرواندي لجعله أكثر استقطاباً للجبهة الديمقراطية لتحرير رواندا ؛ تسعى منظمة هيومان رايتس ووتش كذلك إلى فكّ الارتباط بين الجبهة الديمقراطية لتحرير رواندا و قضية الإبادة الجماعية عام 1994 وأيضا بين أي تهديد بتجدّد أعمال الإبادة الجماعية في رواندا. وإن منظمة هيومان رايتس ووتش لا تدعو إلى إجراءات صارمة ضد الجبهة الديمقراطية لتحرير رواندا وإذا ما حدث ذلك وجب أن يتوقّف ووجب أيضا اعتبار الجبهة الديمقراطية لتحرير رواندا قضية ثانوية بالمقارنة مع الجماعات المسلحة من التوتسي في الكونغو.
وقال المؤلف :”ان الحديث عن كيفية توصل هيومان رايتس ووتش إلي هذا الموقف يعد أكثر تعقيداً من خدعها بعدم جدوى ذكر تاريخ وأيديولوجية التجمع من أجل عودة اللاجئين والديمقراطية في رواندا. أولاً، ينبغي الملاحظة أنه في مايو 1995، دعت هيومن رايتس ووتش المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات ، إذا نفّذت، ستفرغ القضيّة من محتواها أو تخفّف علي الأقلّ مشكلة الجبهة الديمقراطية لتحرير رواندا: إن الحلّ يتمثّل في فرض حظر للأسلحة على ما توصف بفترة ‘ما بعد القوات المسلحة’ وميليشيات الإنتراهاموي في شرق الكونغو ويجب كذلك فصل هذه القوات عن أغلب السكان وعلى نطاق أوسع في “مخيمات اللاجئين”، وإلقاء القبض على مرتكبي الإبادة الجماعية من أجل المحاكمة من قبل المحكمة. وهنا، كانت هيومن رايتس ووتش محقة تماما. ولسوء الحظ، لم يتفاعل المجتمع الدولي مع هذه البادرة. والأمرّ من ذلك أن هذه المبادرة كانت من بين المرات القلائل– وكانت المرة الأخيرة في السنوات الثمانية عشرة الماضية التي كانت فيها منظمة هيومان رايتس ووتش تعتبر أعضاء حركة سلطة الهوتو الباقين على قيد الحياة مشكلة خطيرة لرواندا، وكذلك المرة الأخيرة التي تدعو فيها إلى اتخاذ تدابير قسرية محددة ضد القوات المسلحة لسلطة الهوتو في الكونغو.
أرضية غير صلبة
وقال ريتشارد جونسون تعترف منظمة هيومان رايتس ووتش أنّ الجبهة الديمقراطية لتحرير رواندا هي مجموعة مدمرة، وقد أفصحت عن جرائمها ضد الإنسانية في الكونغو في عدة مناسبات وبينما اعتبر معظم المراقبين وصول القوات المسلحة لسلطة الهوتو في شرق الكونغو في عام 1994 سبباً جذرياً للمصائب التي عانت منها هذه المنطقة منذ ذلك الوقت، فإن منظمة هيومان رايتس ووتش قد كرّست قدراً أقل من طاقتها وحركيّتها للدعوة للتصدي للجبهة الديمقراطية لتحرير رواندا عوضاً عن الإخبار عن جرائم مماثلة من قبل “التوتسي الكونغوليين” المنتمين أساساً إلي المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب واتخاذ إجراءات ضدهم وضد من سبقوهم أو كذلك ضد الجرائم التي زعم أن قوات التدخل الرواندية قد ارتكبتها. وفي عام 2006، دعت منظمة هيومان رايتس ووتش لإلقاء القبض على زعيم المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب لوران نكوندا. وانتظرنا إلى غاية ديسمبر 2009 لتقوم هيومن رايتس ووتش بالدعوة للتحقيق مع قادة الجبهة الديمقراطية لتحرير رواندا وكان ذلك بعد عدة أسابيع من قيام السلطات الألمانية، بعد سنوات من البدايات المتعثرة والتأخير، اعتقال رئيس الجبهة الديمقراطية لتحرير رواندا ونائبه في ألمانيا.
وتبدو هنا هيومن رايتس ووتش على أرضية غير صلبة، وهذا ما يقودنا إلى عالم من الغرابة تؤكد فيه هيومن رايتس ووتش على أن حل مشكلة القوات الديمقراطية لتحرير رواندا في الكونغو لا يكمن، على سبيل المثال، في اعتقال أسوأ قادتها أو في تسريح أوإعادة إدماج بعض القادة الآخرين وجنود المشاة، ولكن في تغيير رواندا. هذا تقرير كتبته هيون رايتس ووتش في يونيو 2011 حول القوات الديمقراطية لتحرير رواندا في الكونغو: تمثل هذه المنظمة مصدرا رئيسيا لعدم الاستقرار والصراع خاصة مع سجلها الحافل باستعمال العنف المفرط ضد المدنيين. لقد تم تسريح بعض أعضاء هذه المنظمة من خلال برنامج التسريح وتم إعادتهم إلى رواندا، في حين أن بعض الأعضاء الآخرين يواصلون عملياتهم القتالية في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، ولا يبدون أي استعداد للعودة إلى أوطانهم... وتحتفظ هذه القوات بالقدرة على إلحاق معاناة هائلة بالسكان الكونغوليين. ينبغي على الجهات المانحة أن تكون لها استراتيجيات تهدف إلى استعادة السلام والاستقرار في منطقة البحيرات الكبرى وأن تسعى إلى تهيئة الظروف الملائمة التي يمكن أن تجعل أعضاء القوات الديمقراطية لتحرير رواندا في الكونغو يفكرون جدياً في نزع سلاحهم والعودة إلى رواندا. لا تدعو هيومن رايتس ووتش إلى تمكين القوات الديمقراطية لتحرير رواندا في الكونغو من لعب دور سياسي في روندا، بل على العكس من ذلك تعتقد أن عدم وجود مجال سياسي في رواندا وعدم وجود نظام قضائي مستقل بالإضافة إلى الطبيعة القمعية للدولة الرواندية تعتبر أسباباً وجيهة لثني مقاتلي القوات الديمقراطية لتحرير رواندا في الكونغو عن العودة إلى رواندا.