قال راعي الكنيسة الإنجيلية الوطنية في البحريــن القس هانــي عزيز إن التنوع الديني وتعزيز حق الممارسات والمعتقدات الدينية بحرية في المملكة نموذج يحتذى، داعياً الدول العربية إلى أن «تعي حقيقة أن هناك خطراً محدقاً وجسيماً موجهاً إلى المنطقة، وإذا اعتقدت أي دولة أنها بمنأى عن الخطر فهي مخطئة ولابد أن تعيد حساباتها».
ونقلت وكالة أنباء البحرين «بنا» عن القس عزيز قوله :«جميع الأديان السماوية تنادي بالسلام والتسامح واحترام الآخر ما يؤدي إلى نتاج مجتمع متآخ ومتحاب بعيداً عن التطرف والتعصب الديني».
وعن رأيه حول الأحداث الإرهابية الأخيرة التي شهدتها مصر وراح ضحيتها عدد من الأقباط المصريين، أكد «ضرورة أن يتحد العرب فيما بينهم كدول وشعوب لأجل أن يعم السلام».
وقال: «للسلام ثمن باهظ ومكلف، وفي سبيله دفعت الشعوب حياتها ثمناً للسلام على مر التاريخ والعصور. ولابد أن نتحد ونتكاتف فيما بيننا وأن نوحد أهدافنا التي تدعو إلى نشر السلام والأمن والأمان في المنطقة العربية، فما تعاني منه الشعوب اليوم هو نتيجة انهماكنا في الاختلافات التي بيننا حتى نسينا ما يجمعنا».
وعن دور رجال الدين من مختلف الأديان في التقريب بين الشعوب، أوضح القس هاني عزيز أنه «على رجال الدين الاجتهاد في شرح المفهوم الروحي للسلام، والتأكيد على أن السلام مع الآخرين يبدأ بأن يكون الشخص في سلام داخلي مع نفسه، ولن يكون أي شخص في سلام داخلي مع نفسه إلا بعد أن يكون في سلام مع الخالق سبحانه وتعالى، فجوهر الأمور تبدأ بالارتقاء بعلاقة العبد مع ربه وحينها تصطلح باقي الأمور».
وأضاف: «للأسف فإن الكثير من الناس من يدعي معرفة الله سبحانه وتعالى، إلا أن هذه المعرفة ظهرت على أنها معرفة باطلة بدليل أنهم لم يتمكنوا من التعايش بسلام مع الآخرين ولا مع أنفسهم»، داعياً الجميع إلى أن «يتحدوا ويقفوا معاً صفاً واحداً، فالإرهاب ليس له دين وليس له وطن».
وتابع القس عزيز أن «الإرهاب تعدى الحدود وإذا ظنت أي دولة أنها بمأمن عن خطر الإرهاب وانعزلت عن رسالتها في المساهمة في الحرب ضد الإرهاب فهذا هو الخطر الجسيم الذي قد يفتك بها، ولذلك فعلينا جميعاً أن نتحد ونقف صفاً واحداً منيعاً».
وحول التحديات التي تواجه مساعي نشر ثقافة التوافق والتعايش الديني في العالم العربي بشكل عام والمسيحيين العرب بشكل خاص، أشار راعي الكنيسة الإنجيلية الوطنية في البحرين إلى أن «إطلاق ممثلي الأديان والمعتقدات المختلفة لنداء المنامة الذي يدعو لنبذ العنف والتطرف الديني ونشر ثقافة التسامح بين الأديـان والمعتقــدات المختلفة يأتي في سياق رسالة توجه للعالم أجمع تؤكد على أهمية نشر السلام بين الشعوب».
وقال إن «المسيحيين العرب هم نسيج من الوطن العربي وساهموا إسهامات كبيرة وعظيمة في بناء حضارة الوطن العربي، فعلى مر الأزمان والعصور حاربنا وقاومنا الاستعمار جنباً إلى جنب مع المسلمين وامتزجت دماؤنا معنا لنتذكر أن عروبتنا هي ما يجمعنا معاً. أحياناً ينعت المسيحيون العرب بأنهم جبناء ويميلون للخوف، ولكن التاريخ نفسه يبين أن المسيحيين يقفون ضد العنف حتى وإن وقع ظلم عليهم، فدائماً هم يميلون للسلام والتسامح كما علمنا الكتاب المقدس أننا لا نلاقي العنف بالعنف، بل نلاقي العنف والإرهاب بالمحبة والتسامح».
وفيما يخص موقع المسيحيين العرب على الخارطة السياسية للعالم قال القس عزيز إن «الأيام التي نعيشها حالياً تتسم بالخطورة مع تزايد مظاهر التطرف الديني. اليوم نحن لسنا بحاجة إلى مؤتمرات أو جلسات لنتحدث عن واقعنا، فالصورة أبلغ من أي حديث وهي تعكس حقيقة الحال الذي آل إليه الوطن العربي، وإن لم تتحرك الشعوب لذلك فلن تتحرك أبداً. وبرأيي، فإنه لو تم حل القضية الفلسطينية منذ البداية، لربما لم نصل إلى ما وصلنا إليه. وما أخشاه أن يستشري في بلداننا العربية «مرض التعود» وأن يعتاد العربي على مناظر الحروب والتشرد ومعاناة الشعب العربي ووقتها لن يجد الدافع الذي يحركه لتغيير الواقع العربي».
وأضاف: «الكثيرون يحسبون أن المسيحي العربي يميل للغرب أكثر، ولكن هذا المفهوم خاطئ. وفي هذا المجال فإنني أرفع القبعة وأحيي الأقباط في مصر، إذ حرقت كنائسهم واضطهدوا وطردوا إلا أنهم برغم ذلك رفضوا اللجوء للقوى الغربية التي عرضت عليهم حمايتهم ونصرتهم، وقد رفض قداسة البابا شنودة التدخل الغربي على الرغم من تلقيه اتصالات كثيرة من الدول الأجنبية، إلا أنه لم يتردد في رفض تلك العروض لاعتبارات وطنية وقومية. فالمسيحي لديه أولويات، تبدأ بالولاء للوطن والأرض أولاً، وللعروبة ثانياً، والدين ثالثاً». يذكر أن عدد المسيحيين في البحرين من المواطنين والمقيمين يبلغ حوالي 120 ألف فرد يمارسون حريتهم الدينية بلا قيود.