عواصم - (وكالات): غادر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي الذي استقال في يناير الماضي تحت ضغط الحوثيين، العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها المتمردون بعد أسابيع من فرض الإقامة الجبرية عليه، إلى عدن، حيث يرفض أنصاره الاعتراف بسلطة المتمردين معلناً في بيان من المدينة الجنوبية انه «سحب استقالته من الرئاسة» التي تقدم بها تحت ضغط المتمرين، مؤكداً أنه «لا شرعية للقرارات المتخذة بعد انقلاب الحوثي».
ودعا هادي المجتمع الدولي «لرفض انقلاب الحوثيين، ولحماية العملية السياسية المستندة للمبادرة الخليجية»، مشدداً على تمسكه بها.
كما دعا أيضاً الهيئة الوطنية للحوار للاجتماع في عدن، ولرفع الإقامة الجبرية عن مسؤولي الدولة في صنعاء.
وجدد حزب الإصلاح اليمني تمسكه بشرعية الرئيس هادي، مؤكداً أنه استقال تحت تهديد السلاح.
وفي وقت سابق، اقتحم الحوثيون قصر الرئاسة بعد مغادرة هادي، ونهبوا محتوياته، قبل أن يشددوا الإجراءات الأمنية حول مسكن رئيس الوزراء المستقيل خالد بحاح. ونفى مكتب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر ما نقلته وكالات إخبارية من أن الأمم المتحدة ساعدت هادي على مغادرة صنعاء. وقال أحد مستشاري الرئيس المستقيل أن هادي «تمكن من مغادرة منزله وتم تأمين طريقه للوصول إلى عدن». وصرح مسؤول أمني بارز في عدن أن هادي يقيم في المقر الرئاسي في حي خور مكسر الدبلوماسي في المدينة الجنوبية. إلا أن المستشار لم يكشف عما إذا كان هادي يعتزم سحب استقالته التي لم تحصل على موافقة من البرلمان بحسب ما يتطلب الدستور، بعد أن حل الحوثيون جميع المؤسسات الحكومية في 6 فبراير الجاري. وتوجه هادي إلى عدن بقافلة من عشرات العربات ماراً بمدينة تعز التي لا تخضع للحوثيين.
وقال المستشار الذي طلب عدم كشف هويته إن هادي غادر صنعاء «بدون أي ترتيبات وبدون أن يبلغ أي حزب سياسي». ونقل موقع الأخبار اليمني عن عضو المكتب السياسي للحوثيين علي القحوم قوله إن هادي هرب من مقر إقامته المحاصر متنكراً. وأشار الموقع إلى أنه لم يعد يهم سواء بقي الرئيس السابق في منزله أو غادره.
ونفت الأمم المتحدة ما ذكره مصدران سياسيان كبيران في صنعاء بأنها ساعدت هادي على السفر إلى عدن ووصفت هذه الأنباء بأنها كاذبة. وقال شهود عيان إن المسلحين الحوثيين نهبوا مقر إقامة هادي في صنعاء بعد أن غادره. وفي وقت لاحق، أفرجت ميليشيا الحوثي عن أفراد من عائلة هادي بعد اعتقالهم في إب وسط البلاد.
وكانت مصادر محلية قالت إن أفراد أسرة هادي محتجزون في إدارة أمن مديرية الرضمة في محافظة إب. كما أكدت تقارير أن الحوثيين اعتقلوا أسرة السكرتير الشخصي للرئيس هادي في الرضمة. وكان الحوثيون الذين يعتبرون المرتفعات الشمالية مقرهم التقليدي، قد سيطروا على العاصمة صنعاء بدون مواجهة مقاومة في سبتمبر الماضي. والشهر الماضي سيطر الحوثيون على القصر الرئاسي وحاصروا مقر إقامة هادي ما دفعه إلى الاستقالة. وواصل الحوثيون تقدمهم باتجاه المناطق السنية جنوب وغرب صنعاء حيث لقوا مقاومة شرسة من رجال القبائل المسلحين ومسلحي القاعدة. إلا أن تعز وبعض مناطق الشمال إضافة إلى مناطق الجنوب بأكملها لا تزال خارج سيطرة الحوثيين. وهادي من الجنوب رغم أنه أمضى نحو 3 عقود في الشمال حيث عمل وزيراً للدفاع ونائباً للرئيس قبل أن يتولى الرئاسة في 2012 عندما أجبر الرئيس السابق علي عبد الله صالح على التخلي عن السلطة بعد ثورة دموية استمرت عاماً. ودافع هادي عن توحيد الشمال والجنوب في 1990. إلا أن معظم القوات والمليشيات في الجنوب، الذي شهد حركة انفصالية في السنوات الأخيرة، أعلنت ولاءها لهادي، ورحب أنصاره بوصوله إلى عدن، عاصمة الجنوب السابقة، واعتبروا ذلك تحولاً مهماً في الأحداث. ودعت ناديا سكاف التي شغلت منصب وزير الإعلام في الحكومة التي استقالت مع استقالة هادي الشهر الماضي، إلى مراجعة اقتراحات الأمم المتحدة للتسوية السياسية في اليمن والتي وصفها مبعوث الأمم المتحدة بـ «الانفراج». وكتبت على حسابها على «تويتر» إن الوضع السياسي وتوازن القوى تغير بعد وصول هادي إلى اليمن. وأضافت أن رجال القبائل في اللجان الشعبية يضمنون سلامة هادي.
وسيطر رجال الميليشيا على معظم مراكز وحواجز الشرطة في عدن واشتبكوا مع أعضاء من الشرطة الخاصة بعد اتهامهم بالتعاون مع الحوثيين. وفي وقت سابق فتح الحوثيون النار على محتجين في مدينة إب وسط البلاد ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة آخر.
ويقوم المبعوث الدولي الخاص بجولات مكوكية بين الحوثيين ومعارضيهم منذ أسابيع في محاولة للتوصل إلى تسوية. وقال بن عمر الخميس الماضي إن «المتحاورين توافقوا على شكل السلطة التشريعية للمرحلة الانتقالية بما يضمن مشاركة كل المكونات السياسية التي لم تكن ممثلة في مجلس النواب الحالي».
والأسبوع الماضي، أصدر مجلس الأمن قراراً يدعو الحوثيين الشيعة إلى التخلي عن السلطة والإفراج عن الرئيس اليمني والتفاوض «بحسن نية» حول حل سياسي للخروج من الأزمة. اقتصادياً، انخفضت عائدات النفط اليمنية بنحو مليار دولار في 2014 بسبب تدهور أسعار النفط العالمية وأعمال التخريب التي طالت أنابيب نفط، كما أعلن البنك المركزي اليمني. وقال البنك إن العائدات النفطية بلغت 1.673 مليار دولار في 2014، مقابل 2.662 مليار في 2013. وانخفضت العائدات بذلك بنسبة تقارب 37 % وفق الوتيرة السنوية.