كتب - محمد القاسمي:
يبدو أن الدوار الذي حمله فيلم «جزيرة شاتر» لمشاهديه لم يقل عن تلك التي أصابت قارئ الرواية المليئة بالحبكات والتشويق للكاتب «دينيس ليهين» والمقتبس عنها الفيلم، لتصبح هذه الجزيرة بين أروع محطات الإثارة والغموض بفضل رؤية إبداعية جديدة بفرضها المخرج مارتن سكورسيزي.
تدور الأحداث حول مارشال يدعى «تيدي» وشريكه «تشاك» اللذان يذهبان إلى جزيرة معزولة للتحقيق في قضية اختفاء مريضة من مستشفى الأمراض العقلية.
الفيلم يُظهر لنا «تيدي» ومحاولاته اليائسة في العثور على الحقائق. إنّه خائف، لأن ذكريات الماضي تطارده حين كان محارباً في الحرب العالمية الثانية، ونحن نعيش معه تلك الذكريات الدموية من خلال مَشاهد الفلاش باك، والتي ستكون لها أهمية مع تطوّر الأحداث.
نحن نتابع تحركات «تيدي» خطوة بخطوة في كل ممر مظلم وفي كل مواجهة خطرة، إلى أن تتشكل لدينا أجزاء من لغز، ولكننا لا نُدرك ذلك في تلك اللحظة، لأننا غافلون مثل «تيدي» الذي سيتضح أخيراً أنه المريض نفسياً، ما يتسبب لنا نهاية بصدمة لا تخطر على البال، وبذلك نشعر بروعة الفيلم. نحن كمشاهدين نكون مع «تيدي» ونشعر بكل ما يشعر به. الأمر أشبه بهجوم مسلّح على حواسنا، وكم هو شعور غريب ومذهل.
الفنان الرائع «ليوناردو ديكابريو» قدم أداءً مدهشاً للغاية في شخصية «تيدي»، وكذلك الفنان «مارك روفالو» أبدع في أداء شخصية «تشاك». الفنان الكبير «بن كينغسلي» أدّى شخصية الطبيب «كاولي» بشكل مميّز، ولا ننسى الفنان السويدي المخضرم «ماكس فون سايدو» الذي أبهرنا بإطلالته القصيرة في شخصية الطبيب «نارينغ». النجوم «إميلي مورتيمر» و»ميشيل وليامز» و»باتريشيا كلاركسون» والبقيّة أبدعوا في أداء أدوارهم. التصوير متقن جداً، والموسيقى التصويرية للمبدع «هاورد شور» أضافت شعوراً مرعباً للجو العام.
هذا الفيلم جدير بالمشاهدة مرات عدة بعد المشاهدة الأولى، إذ إن المشاهدة الثانية أجمل، فكل أجزاء اللغز غير مفهومة في البداية ستتضح لاحقاً. «جزيرة شاتر» هو فيلم يعيد صياغة مفهوم الإثارة والغموض، يجعلنا نشك في سلامة عقولنا، ليس على أحد تفويت فرصة مشاهدة هذه التحفة السكورسيزية.