يبدو أنّ نادي برشلونة، حامل لقب الدوري الإسباني لكرة القدم، في طريقه إلى تغيير الصورة النمطية السائدة التي لطالما عُرفت عنه في الملاعب الأوروبية خلال السنوات الأخيرة، والتي تُظهر اعتماده الكبير على أكاديمية "لا ماسيا" التابعة له.
"البارسا" الذي حقق العام الماضي جزءاً من حلم قديم لمديره الفني السابق، الهولندي لويس فان غال، بخوض مباراة كاملة بتشكيلة مكونة من لاعبي أكاديميته المعروفة بـ"لاماسيا"؛ وجّد نفسه هذا العام مضطراً للاستغناء عن مجموعة من اللاعبين الذي تدربوا وترعرعوا في مدرسته الكروية، ما اعتبره البعض ظاهرة سلبية خطيرة تنبئ بتحويل الحُلم القديم لـ"فان غال" إلى كابوس.
مدرب "برشلونة" السابق أطلق قبل نحو 15 عاماً تصريحاً أعرب فيه أن أمله بتشكيل فريق من أكاديمية "لاماسيا" يقود فيها "برشلونة" للتتويج بلقب دوري أبطال أوروبا، وبدأ المدير الفني الهولندي منذ ذلك الحين تنفيذ هذا الحلم، لكنه فشل في تحقيقه، وتبعه بعد ذلك مواطنه فرانك رايكارد، وتوالى متابعته الإسباني غوارديولا، والذين فشلوا أيضاً في تحقيق حُلم "فان غال"، قبل أن يصل المطاف الآن بالمدير الفني الحالي، تيتو فيلانوفا، الذي اعتقد البعض أنّه يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق حُلم المدرب الهولندي.
لكن لم يكن يساور أشد المتشائمين، أنّ المدير الفني الحالي للفريق الكتالوني -الذي نجح بخوض مباراة كاملة بتشكيلة مكونة من لاعبي أكاديمية "لاماسيا" حين لعب الفريق الموسم الماضي أمام ليفانتي، وحقق نتيجة الفوز برباعية نظيفة- سيتخلى بكل سهولة عن مجموعة من اللاعبين اليافعين الذين ينتظرهم مستقبل زاهر و مشرق في عالم المستديرة، ما يوحي بضياع الحُلم الذي لطالما راود المدرب السابق "فان غال".
ولُمس خلال فترة الانتقالات الصيفية حالة استنفار قصوى من جانب إدارة "البلاوغرانا" تجاه أبناء أكاديمية "لا ماسيا"، حيث استغنى حامل لقب الدوري الإسباني عن متوسط ميدانه الشاب، تياغو ألكانتارا، وشقيقه رافينيا ألكانتارا، إضافة إلى مدافعه أندرو فونتاس، وزميله مارك مونييسيا مارتينيز، فضلاً عن الجوهرة " جيرارد ديلوفيو"، و" بويان كركيتش"، ما بين انتقال وإعارة.
ويسعى الفريق الكتالوني من خلال تسريح أبناء "لاماسيا" إلى العودة لمساره الصحيح والخروج من النفق المظلم بعد فترة التخبط الفني التي عاشها الفريق الموسم الماضي، على الرغم من تتويجه بلقب "الليغا".
وتناسى فريق "البلاوغرانا"، الذي أرعب أندية العالم في السنوات القليلة الماضية، بالانجازات التاريخية التي حققها جيله الذهبي الحالي خلال الفترة الماضية، فضل هذه الأكاديمية التي أثبتت أنها واحدة من أعظم الأكاديميات الكروية إن لم تكن أعظمها، نظراً لنوعية اللاعبين الذين صنعتهم تلك المدرسة والانجازات التي حققوها سواء على الصعيد الفردي أو الجماعي.
وأنتجت الأكاديمية أكثر من ثلثي لاعبي الفريق حالياً على رأسهم الثلاثي الناري الأرجنتيني ليونيل ميسي، وتشافي هيرنانديز، وأندريس إنييستا، الذين هيّمنوا على المراكز الثلاثة الأولى لجائزة الكرة الذهبية عام 2010.
ولم يقتصر حدود تألق لاعبي الأكاديمية على الفريق فحسب، بل شكّل لاعبو الأكاديمية الإسبان العمود الفقري للمنتخب الإسباني المتوج بمسابقة كأس العالم 2010 والتي أقيمت في جنوب إفريقيا، فضلاً عن مساهمتهم في تربعه على عرش الكرة الأوروبية مرتين متتاليتين.