أظهر تقرير أصدره مرصد «اعرف نائبك» التابع لمجموعة «حقوقيون مستقلون»، أن 21 برنامجاً انتخابياً للمترشحين للانتخابات النيابية الأخيرة اقتصرت فقط على عناوين عريضة وخلت من الأهداف، مقابل 7 برامج واقعية تنطوي على رؤية وقابلة للتحقق، ولكنها غير قابلة للقياس.
وقال التقرير إن الأمن والاستقرار تصدرا أولويات المواطنين من الانتخابات، تلاها ترشيد الخطاب الديني، ورفع أداء الحكومة، والشفافية والحريات، والتنمية الشاملة القائمة على العدالة الاجتماعية، ثم الإسكان والصحة والتعليم والضمان الاجتماعي، والتنمية الاقتصادية، ومحاربة الفساد، والدين العام، وتعزيز الرؤية الاقتصادية 2030.
واعتبر المرصد في تقريره، برنامج الحكومة للسنوات الأربع المقبلة 2015 ـ 2018 بما تضمنه من مشروعات واستراتيجيات ومبادرات، أقرب لتطلعات المواطنين من البرامج الانتخابية.
ورصد المرصد 7 ملاحظات نيابية تعلقت ببرنامج الحكومة ومثلها اقتصادية وعدد مماثل من الملاحظات تناولت موضوعات متفرقة، مقابل 3 ملاحظات عن الدين العام، وملاحظتين عن رؤية البحرين الاقتصادية 2030. وكشف المرصد أن 13 نائباً يملكون حسابات «تويتر فاعلة، مقابل 7 بـ»الفيسبوك» و35 بـ«الأنستغرام»، لافتاً إلى أن 19 نائباً غردوا لترويج أخبارهم واجتماعاتهم الخارجية بالصحف المحلية.
«النواب» حاضنة الديمقراطية
وأكد رئيس المجموعة سلمان ناصر في تصريح بهذه المناسبة، أن مجلس النواب بأدواته التشريعية والرقابية هو حاضن المسار الديمقراطي في البحرين، لافتاً إلى أن الحاجة أصبحت ضرورية للنهوض بأدوار مجلس النواب والارتقاء بأدائه.
وأضاف ناصر أن نجاح مجلس النواب في ممارسة أدواره التشريعية والرقابية لا يقاس بزيادة الصلاحيات الممنوحة له، بل بما يقدمه من مشروعات تحقق ما تصبو إليه تطلعات الناخب والمواطن، وهو ما يمكن قياسه أيضاً من خلال تقارير تصدرها المنظمات المدنية في المجتمع.
وأوضح أن تجارب السلطة التشريعية في الدول المتقدمة ومعظم الديمقراطيات الراسخة، تعتمد على وجود منظمات مدنية ومؤسسات بحثية توثق وترصد وتحلل وتراقب الأداء البرلماني لديها. وقال إن الانتخابات البرلمانية تكتسب أهميتها من خلال استمرارية العملية الانتخابية ومواصلة العمل بها بصفتها أساساً للمشاركة السياسية، وتعد أحد أهم المكونات الرئيسة لقياس درجة وتطور الديمقراطية في دول العالم.
وذكر ناصر أن الشعب يمارس حقوقه في المشاركة السياسية من خلال انتخاب ممثلين له في المجالس النيابية على المستوى الوطني العام، ما يعد ترجمة حقيقية لمفهوم التمثيل الشعبي من ناحية، وقاعدة لتحويل أصوات الناخبين إلى أدوات سياسية فاعلة بإمكانها المراقبة والمحاسبة لعمل الأجهزة التنفيذية عبر المقاعد البرلمانية من ناحية أخرى.
وحول التقرير الصادر عن مرصد «اعرف نائبك»، أوضح أن المرصد رصد وقاس وقيم البرامج الانتخابية مع تطلعات المواطنين، تمثلت في 6 محاور رئيسة هي الخدمية والاقتصادية والسياسية والدين العام والاجتماعية ورؤية البحرين الاقتصادية 2030. ونبه إلى أن طموح مرصد «اعرف نائبك» نابع من تطلع المواطن لاقتصاد قوي يحقق المنفعة للمواطن، وحكومة تسعى إلى الارتقاء بأدائها وسط مجتمع قائم على أسس العدالة والازدهار والتكاتف.
وأضاف أن المرصد البرلماني يهدف إلى ممارسة دور مماثل على المستوى الوطني، متطلعاً لتعميم هذه التجربة على مستوى المجالس البلدية والسلطة التنفيذية في البحرين.
مرصد «اعرف نائبك»
حدد المرصد البرلماني «اعرف نائبك»، خطاً زمنياً لرصد العمل النيابي منذ الدعوة للانتخابات في سبتمبر 2014، وتفاعل المجتمع المدني والناخبين في شهري أكتوبر ونوفمبر 2014، ثم عقدت الانتخابات النيابية في نوفمبر 2014، وصولاً إلى الدعوة لانعقاد المجلس الوطني في ديسمبر 2014، ثم تقديم الحكومة لبرنامج عملها للفترة 2015 - 2018 خلال يناير 2015، حتى إقرار مجلس النواب لبرنامج عمل الحكومة في فبراير 2015. وتابع المرصد تطلعات المواطنين من خلال ما ينشر في الصحافة المحلية وما يثار في الحراك المجتمعي والمجالس الأهلية والندوات، منذ دعوة جلالة الملك للانتخابات النيابية والبلدية في 22 نوفمبر 2014.
وعدت نجاح البحرين في تنظيم الانتخابات في موعدها وبنسبة مشاركة وصلت إلى 52.6%، مؤشراً على ثبات الدولة المدنية وقوتها واستمرار مسيرة الديمقراطية في المملكة.
وسبقت فترة الانتخابات النيابية تنظيم فعاليات مجتمعية من أعلى مراتب السلطة في البحرين، تمثلت في مقابلات أجراها جلالة الملك مع عدد من الأهالي والعائلات البحرينية خلال يونيو ويوليو 2014، إلى جانب لقاءات عدد من المسؤولين في الدولة، هدفت إلى حث المواطنين على ممارسة حقهم الدستوري بالمشاركة السياسية لبناء مستقبل البحرين.
ومن خلال عملية الرصد تبين انتقال الصحافة المحلية من نقل خبر الدعوة للانتخاب وأخبار المترشحين إلى التحليل وقياس الأداء، بل ذهبت بعض الصحف إلى أبعد من ذلك، حيث نشرت إحصاءات تين قياس أداء النواب في المرحلة السابقة وتغطية الندوات والتصريحات، ووصل عدد الصفحات المخصصة التي أفردتها الصحافة المحلية لتغطية الحراك الانتخابي إلى 65 صفحة في الصحف الصادرة باللغة العربية، و26 صفحة في الصحف الصادرة باللغة الإنجليزية، أي بمعدل 7 صفحات يومية متخصصة، وهو مؤشر غير مسبوق لم يتحقق في الدورات الانتخابية السابقة. في حين وصل عدد الأعمدة اليومية التي تناولت الشأن الانتخابي إلى 195 عموداً ومقالاً للرأي، إلى جانب تخصيص عدد من الجهات الصحافية لمواقع إلكترونية وصفحات متخصصة بأخبار المترشحين وحراكهم الانتخابي، وتخصيص إحدى الصحف اليومية لقناة خاصة على موقع «يوتيوب» معني بنشر برامج المترشحين.
الأمن يتصدر تطلعات المواطن
نشطت المجالس الأهلية وتنوعت الندوات المجتمعية التي عقدتها العديد من الفعاليات المجتمعية والعائلات البحرينية، خاصة بعد رزمة التعديلات الدستورية، ما يصب في تعزيز الحقوق السياسية والمدنية، وتفاعل المواطنين مع الانتخابات.
وحصر المرصد أبرز تطلعات المواطنين أثناء الانتخابات 2014، وتوصل إلى هرم أولويات المواطنين في البحرين وهي الأمن والاستقرار، الخطاب الديني، رفع أداء الحكومة، الشفافية وحريات يصونها القانون، تنمية شاملة تقوم على العدالة الاجتماعية، الإسكان والصحة والتعليم والضمان الاجتماعي، التنمية الاقتصادية، محاربة الفساد، الدين العام، تعزيز الرؤية الاقتصادية 2030.
البرامج الانتخابية
وحدد المرصد النيابي معيار تحليل برامج النواب سواء كانوا مستقلين أو ينتمون لجمعيات سياسية، بحيث تحمل هذه البرامج رؤية وتكون محددة الأهداف والأولويات، وأن تسمح بقياسها وقريبة من أرض الواقع في تحقيقها، وتتضمن ما هدفت إلية الرؤية الاقتصادية 2030 من أهداف تصب في جعل المواطن البحريني الخيار الأفضل للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في المملكة. واجتمعت البرامج الانتخابية للنواب في مجملها بتحديد أهداف تمثلت في الخدماتية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والتشريعية. وبعد تحليل البرامج الانتخابية تبين أن 3 برامج فقط أشارت إلى رؤية البحرين الاقتصادية 2030، بينما خلت البرامج الانتخابية من تحديات قد تواجه برامجهم، أما ما يتعلق بالأولويات فجاء في 3 برامج فقط وتمثلت في المشروعات الخاصة بدوائر النواب الانتخابية.
وتوصل المرصد إلى أن 7 برامج انتخابية تضمنت رؤية، وكانت محددة الأهداف وواقعية وقابلة للتحقيق، ولكن غاب عنها القياس والأولويات، مقابل 10 برامج انتخابية تضمنت مشاريع وأهدافاً واقعية وقابلة للتحقيق ولكن غاب عنها الرؤية والقياس والأولويات، و21 برنامجاً عبارة عن عناوين عريضة ولم تحدد إن كانت أهدافاً أم مشروعات، وبرنامجان انتخابيان لم يتسن للمرصد الحصول عليها وفي الأغلب أنهما تعودان لنائبين لم يضعا برامج انتخابية.
برنامج عمل الحكومة
يعد برنامج عمل الحكومة للسنوات 2015 - 2018، قاعدة أساسية تعتمدها كافة الوزارات والهيئات الحكومية في البحرين، وهي بمثابة السياسة العامة للدولة، وتهدف إلى تحقيق أهداف الرؤية الاقتصادية 2030 والاستراتيجية الاجتماعية والاقتصادية للمملكة. وجاء برنامج عمل الحكومة في شكل خطة عمل تمتد للسنوات الأربع المقبلة، وحمل في طياته موضوعات تحقق مواجهة التحديات وتسخير الطاقات والموارد للوصول إلى تحقيق الأهداف التنموية للحكومة، وتتوافق مع الإرادة الشعبية في الرفاهية والتنمية المستدامة.
واعتمد برنامج عمل الحكومة على معيار الشفافية في توضيح تحديات تواجهها الحكومة، والواقعية في وضع حلول عملية تتناسب وإمكانات الدولة، واتسم البرنامج بوجود محاور شاملة لكل المجالات التي تهم الوطن والمواطن، وتم وضع استراتيجية جيدة يتم من خلالها المضي في تنفيذ المشروعات التنموية للحكومة، بعد أن وضعت السياسات العامة وقدمت المبادرات ثم توضيح الإجراءات التنفيذية لهذه المبادرات.
وجاءت المبادرات في البرنامج متقاربة إن لم تكن متطابقة مع تطلعات المواطنين، ومتقاربة مع برامج النواب مع فارق تميز به برنامج عمل الحكومة وهو وضع الأوليات الاستراتيجية والمبادرات.
التحديات والأولويات الاستراتيجية
أشار برنامج عمل الحكومة إلى خمسة تحديات رئيسة تمثلت في الوضع الإقليمي المتوتر وتزايد خطر الإرهاب ومحدودية الموارد الطبيعية من الأراضي وارتفاع الدين العام والعجز المالي في الميزانية والعجز الإكتواري لنظام التأمينات الاجتماعية والتأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية عام 2008.
وشمل برنامج عمل الحكومة على 6 محاور رئيسة هي المحور السيادي، والمحور الاقتصادي والمالي، ومحور التنمية البشرية والخدمات الاجتماعية، ومحور البنية التحتية، ومحور البيئة والتنمية الحضرية، ومحور الأداء الحكومي.
وشمل كل محور أولوية استراتيجية تمثلت في تعزيز الأمن والاستقرار والنظام الديمقراطي والعلاقات الخارجية، وترسيخ اقتصاد قوي ومتنوع ونظام مالي ونقدي مستقر، وتمكين البحرينيين لرفع مساهمتهم في عملية التنمية، وتأمين بنية تحتية داعمة للنمو الاقتصادي المستدام، والإدارة المستدامة للموارد الاستراتيجية، مع تأمين التنمية الحضرية المستدامة، وتعزيز فعالية وكفاءة الأداء الحكومي.
ملاحظات النواب حول البرنامج
وأشار المرصد النيابي إلى الجهود الوطنية المخلصة المبذولة من قبل النواب أعضاء لجنة دراسة برنامج عمل الحكومة وباقي النواب، لمراجعة ومناقشة البرنامج، وتواصلهم مع المجتمع المدني لإيصال تطلعات المواطنين وباقي مكونات المجتمع، وهذه الجهود تصب في صميم عمل واختصاص النواب ومتابعتهم لتحقيق تطلعات المواطنين وتقييم الأداء الحكومي، بما يتوافق مع ما يتم الاتفاق عليه للوصول إلى أفضل الممارسات والمبادرات.
وتناول المرصد قياس مدى مواءمة ملاحظات النواب مع ما ورد في برامجهم الانتخابية، إذ تم قياس الملاحظات التي توصلت إليها لجنة دراسة برنامج عمل الحكومة، ورأت اللجنة ضرورة أخذ الحكومة لها مستقبلاً. وتبين أن 9 ملاحظات من أصل 26 تمت الإشارة إليها في عدد من البرامج الانتخابية للنواب، أي ما نسبته 34.6%. ولفت المرصد إلى وجود ملاحظات تضمنتها البرامج الانتخابي للنواب، وهي قريبة مما جاء في برنامج عمل الحكومة، وتم تصنيفها إلى 7 ملاحظات جاءت محددة ومباشر معنية ببرنامج عمل الحكومة، ملاحظتان جاءتا محددة ومباشرة متعلقة برؤية البحرين الاقتصادية 2030، 7 ملاحظات تعلقت بالجانب الاقتصادي والاستثماري، 3 ملاحظات تعلقت بالدين العام والاقتراض الحكومي، و7 ملاحظات جاءت متعلقة بموضوعات متفرقة.
الحراك النيابي بمواقع التواصل
واعتمد المرصد مواقع التواصل الاجتماعي كأحد المؤشرات الرئيسة لتحليل فاعلية وقياس الأداء، لما تشكله هذه المواقع من أهمية ومتابعة وتفاعل شديد من قبل المواطنين، بما يسهم لاحقاً في نشر المعلومات وتشكيل الرأي العام والتأثير فيه. ووضع المرصد معياراً لقياس فاعلية حسابات مواقع التواصل الاجتماعي للنواب، تمثلت في مدى طرح الموضوعات المتعلقة بالشأن العام والملاحظات على برنامج عمل الحكومة.
وتوصل إلى أن عدد النواب المالكين لحسابات في تويتر هم 32 نائباً من أصل 40 أي بنسبة 80%، وأن عدد الحسابات الفاعلة منها هي 13 أي ما نسبته 32.5%، وهؤلاء تفاعلوا مع الشأن البرلماني وقضايا الشأن العام التي تهم المواطنين والمتابعين في موقع تويتر.
وقال المرصد إن المتابع لجميع التغريدات في هذه الحسابات الفاعلة، يجد أنها لم تتفاعل نهائياً حول مدى مواءمة أهداف برامجهم الانتخابية مع برنامج عمل الحكومة.
ورأى أن 8 نواب لا يملكون حسابات في موقع تويتر وهم بذلك يتجاهلون أهمية التواصل مع الناخبين من خلال وسيلة التواصل الاجتماعي «تويتر»، وأن 19 نائباً أي ما نسبته 47.5% تمثلت تغريداتهم في موضوعات تخص الترويج لأخبار النائب بالصحافة المحلية والاجتماعات الخارجية، ونشر أخبار استباقية حول مجلس النواب قبل نشر الصحافة لها، بينما وجد المرصد أن هناك عدد من النواب اكتفت آخر تغريداتهم بفترة الانتخابات النيابية وأن آخرين لم ينشروا تغريدات على فترات متباعدة.
بينما كان التفاعل الأكبر من خلال موقع «أنستغرام»، حيث وجد المرصد أن ما عدده 35 من النواب أي ما نسبته 87.5% يملكون حسابات لهم في «أنستغرام» وهم يتفاعلون معه، بينما لم يجد المرصد سوى 7 نواب فقط يملكون حسابات في موقع «فيسبوك» أي ما نسبته 17.5%. وبعد تشكيل لجنة برنامج عمل الحكومة في 7 يناير 2015 وتكونت من 15 نائباً، رصد المرصد عدداً التصريحات الصحافية للنواب في الصحافة المحلية وصلت إلى 37 تصريحاً منها 26 تصريحاً قبل استلام برنامج عمل الحكومة و11 بعد استلام البرنامج. أما فيما يتعلق بملاحظات النواب على برنامج عمل الحكومة، وجد المرصد أن هناك عدداً من النواب أبدوا ملاحظاتهم على برنامج عمل الحكومة في الصحافة المحلية، إلا أنهم لم يقدموا شيئاً إلى لجنة عمل برنامج الحكومة بمجلس النواب.