صنعاء - (وكالات): أثار وصول أول طائرة إيرانية الأحد الماضي إلى مطار صنعاء منذ عام 1990 الكثير من الجدل في اليمن بشأن هدف هذه الخطوة وعلاقتها بالدعم الإيراني لجماعة الحوثي التي تسيطر على صنعاء وعدة محافظات منذ سبتمبر الماضي.
ورأى مراقبون أن القناع الإيراني في اليمن سقط بإعلان الدعم المطلق للحوثيين عبر افتتاح جسر جوي بين صنعاء -التي يسيطر عليها الحوثيون- وطهران، ورغم تأكيد الحوثيين أن طهران تقدم لهم المساعدات الطبية، يرى مراقبون أن الجسر «عسكري»، لأن إيران تعتمد دائماً على العسكر.
وبحسب مصادر حوثية، فإن الطائرة الإيرانية التابعة لخطوط «جيهان» حملت مساعدات طبية، وفي عودتها لطهران أقلت وفداً حوثياً رفيع المستوى برئاسة صالح الصماد، مستشار الرئيس عن الجماعة وعدد من وكلاء الوزارات، لبحث الدعم الإيراني لما يقول الحوثيون عنها إنها «سلطة الثورة».
وكان الحوثيون أعلنوا قبل عدة أيام عن توقيع اتفاق مع الجانب الإيراني لتسيير 28 رحلة أسبوعيا بين صنعاء وطهران.
ورأى محللون أن توقيع الحوثيين هذا الاتفاق هو محاولة للخروج من العزلة الدولية التي فرضت عليهم، بعد توقف رحلات الطيران الخليجية والدولية وإغلاق السفارات الأجنبية إثر «الإعلان الدستوري» للحوثيين في السادس من الشهر الماضي.
وعبر الرئيس عبدربه منصور هادي عن رفضه لتلك الاتفاقية، وقال إنها تعكس «التدخل الإيراني السافر» بشؤون اليمن، كما يكشف دورها إلى جانب الحوثيين في الانقلاب الأخير وتقويض الدولة اليمنية.
واعتبر الباحث السياسي المتخصص في العلاقات الإيرانية الخليجية، عدنان هاشم، أن إعلان الحوثيين عن تسيير رحلات جوية أسبوعية ووصول أول طائرة إيرانية في مثل هذا التوقيت، له علاقة بالدعم الخليجي لهادي، من خلال إعادة فتح السفارات الخليجية في عدن، لتكون الطائرات هي رد إيران على سفارات الخليج.
وأعلنت البحرين والسعودية والإمارات والكويت وقطر، خلال الأيام الماضية، استئناف عمل سفاراتها في اليمن من مدينة عدن، دعماً وترسيخاً للشرعية الدستورية في البلاد ممثلة في هادي وحكومته المستقيلة.
واللافت في خطوة تسيير رحلات جوية -بحسب هاشم- أن إيران أشهرت دعمها للحوثيين، وهي خطوة لم تكن لتقدم عليها ما لم تكن واثقة من سيطرة جماعتها على الأرض. أما أستاذ الأزمات الدولية في جامعة صنعاء، نبيل الشرجبي، فيرى أن طهران ومن خلال الإعلان عن تواجدها رسمياً في اليمن تكشف عن استراتيجية قديمة لديها تقول إن «حدود إيران تنتهي في البحر المتوسط» في إشارة للبنان وسوريا، وفي البحر الأحمر كما هو الأمر الآن في اليمن.
ويرى الشرجبي أن «هناك حرباً أهلية تلوح في أفق اليمن على غرار سوريا والعراق، من خلال التحرك الإيراني في صنعاء والتحرك الخليجي في عدن». وأوضح الشرجبي أن «ما يريده الحوثيون وحلفاؤهم الإيرانيون من اليمن بات واضحاً، مشيراً إلى أن «الصراع الإقليمي في اليمن طويل وشبيه بالدمار السوري الشامل». ويذهب الباحث عدنان هاشم، للقول إن إيران -وكما هي العادة- حسمت خيارها في اليمن من خلال المنحى المسلح عبر الميليشيا التي تتبعها، كما هو الحال في سوريا والعراق ولبنان.
وقرأ من العدد الهائل من الرحلات الجوية التي تسيرها إيران، أنها قررت فتح جسر عسكري جوي لدعم الحوثيين كما تفعل مع الرئيس بشار الأسد و»حزب الله» الشيعي في لبنان. وأضاف أن «الحديث عن المساعدات الطبية الإيرانية في سوريا لم يكن غير الغطاء لشحنات الأسلحة التي كانت ترسلها لنظام الأسد، بعد أن تم كشف ذلك بعد إحدى الضربات الجوية الإسرائيلية لإحدى تلك الشحنات والتي اتضح أنها أسلحة».
وعن الشق القانوني، تحدث المحامي محمد الهناهي موضحاً أن «تسيير إيران رحلات جوية إلى اليمن بالاتفاق مع الحوثيين وليس مع الرئيس الشرعي للبلاد والحكومة التي هي مستقيلة الآن، ودون مصادقة البرلمان، عمل غير قانوني ويمكن لليمن أن يشكو إيران أمام المنظمات الدولية المختصة لفرض عقوبات على طيرانها».