أرست الحكومة معايير وقواعد ثابتة للتعامل مع تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية، لضمان عدم تكرار التجاوزات والمخالفات الواردة فيها مستقبلاً، بينما ينتهي دور الحكومة بإحالة القضايا ذات الشبهة الجنائية إلى السلطة القضائية.
وتمضي الحكومة في تفعيل مبدأ المحاسبة والمساءلة لأجهزتها المختلفة، والتعامل مع ملاحظات ديوان الرقابة بمسارين أحدهما قانوني والآخر إجرائي، وضمنت برنامج علمها للسنوات الأربع المقبلة 2015 ـ 2018 بنداً خاصاً بحوكمة أدائها، بغية مراقبة أوجه صرف المال العام.
وتولي السلطة التنفيذية تقارير ديوان الرقابة المالية أهمية خاصة، عبر التعامل المنهجي مع الملاحظات والمخالفات الإدارية الواردة، إذ أرست من خلال منهجية التعامل الجديدة ابتداءً من تقرير الديوان للعام 2012 ـ 2013، قواعد ومعايير ثابتة للتعامل مع جميع التقارير الصادرة.
واتسم التعامل مع التقرير السابق بالتجاوب الحاسم والعملي للملاحظات والمخالفات، باتباع مسارين في التعامل الأول قانوني والآخر إجرائي.
وأحالت الحكومة القضايا ذات الشبهة الجنائية إلى السلطة القضائية للفصل في المخالفات المحالة إليها، وبإحالة القضايا للسلطة القضائية يكون دور السلطة التنفيذية في التعامل مع التقرير انتهى، مع أخذ الحكومة دورها في تقرير الجوانب الرقابية في أجهزتها المختلفة.
وتحرص السلطة التنفيذية على أن يكون تفعيل دورها قبل مرحلة إحالة القضايا ذات الشبهة الجنائية إلى السلطة القضائية بشفافية وموضوعية ومهنية، لتطبيق الخطوات المطلوبة تجاه تقرير ديوان الرقابة المالية بحزم وجدية، لتحقيق أهداف مكافحة الفساد بحسم وفاعلية، وحفظ المال العام، والتوظيف الأمثل لكافة الموارد المالية والفنية والبشرية، وهو أمر تستمر عليه الحكومة وبنفس الوتيرة والاهتمام والتفاعل الجاد مع مضمون تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية لمعالجة الملاحظات الواردة فيه.
وتشكل هذه المرحلة من التعامل مع تقرير الرقابة أساساً صلباً يبنى عليه في معالجة التقرير الصادر مؤخراً عن الديوان وتقاريره المقبلة، عبر آلية منظمة وواضحة المعالم، تعتمد الفاعلية في تناول جميع نواحي التقرير، وعدم إغفال أي من تفاصيله، بغية عدم تكرار أي من المخالفات مهما كانت بسيطة، والوقوف على أسبابها بما يضمن معالجتها وعدم استفحالها.
التعامل مع التقرير الحالي
وأكد صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء بعيد تسلم الحكومة تقرير الرقابة المالية والإدارية 2013 ـ 2014، ضرورة استمرار الرقابة الذاتية والتدقيق الداخلي الحكومي في الوزارات والأجهزة الحكومية لحفظ المال العام من الهدر، والتحقق من سلامة ومشروعية إدارته.
ووجه سموه، جميع الوزارات والأجهزة الحكومية للمسارعة في تصحيح مكامن الخلل والقصور الواردة بتقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية 2013 ـ 2014.
وكلف سموه اللجنة التنسيقية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس الوزراء، بالتحقيق في الملاحظات الجوهرية والتوصيات الواردة بتقرير الرقابة الأخير، وفق آلية تم استحداثها أثناء مراجعة التقرير السابق ومتابعته من خلال وزير شؤون المتابعة.
ومن منطلق حرص الحكومة على مراقبة المال العام وسبل صرفه وحفظاً عليه من الهدر غير المبرر أو شبهة الفساد، ضمنت برنامج عملها 2015 ـ 2018 بنداً مهماً متعلق بحوكمة أدائها وتعزيز الرقابة الداخلية لمؤسسات الدولة، ما اعتبره مراقبون ضماناً لعدم تكرار المخالفات في تقرير الرقابة المالية والإدارية أو الحد منها بشكل كبير.
واتبعت الحكومة في تعاملها مع التقرير السابق أسساً منهجية، تمثلت في وضع تصنيف واضح لما ورد فيه من ملاحظات بحسب معايير إدارية وقانونية محددة في مسارات ثلاث تضمنت 404 ملاحظة إجرائية لاتخاذ الإجراءات المناسبة حيالها، و33 ملاحظة تطلبت تشكيل لجان تحقيق داخلية، و25 شبهة فساد أحيلت إلى الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني بوزارة الداخلية.
منهجية التعامل مع التقرير
بداية التعامل الحكومي بنهج خاص وجديد مع تقارير ديوان الرقابة، انطلقت بتكليف سمو رئيس الوزراء في الأول من ديسمبر 2013، اللجنة التنسيقية برئاسة سمو ولي العهد وعضوية نواب رئيس الوزراء، بالتحقيق في موضوع الملاحظات الواردة في التقرير لعام 2012 ـ 2013.
ووجه سموه كافة الوزارات والجهات المعنية إلى التعاون بهذا الشأن، ما لاقى ترحيباً من الجميع، وأسس لتوجهٍ جديد اعتمد تعزيز الفاعلية في التعامل مع مثل هذه التقارير.
وبدأ سمو ولي العهد في الانطلاق بالمرحلة الجديدة نحو الهدف المرسوم عبر توجيهاته ومتابعته الحثيثة لكل ما ورد في التقرير، وتدارسها من خلال اجتماعات اللجنة التنسيقية برئاسته.
ووجه سمو ولي العهد في الثالث من ديسمبر 2013، نواب رئيس الوزراء والوزراء لمراجعة كل الملاحظات المتعلقة بالوزارات والجهات الحكومية كما وردت في تقرير الرقابة، وإعداد الردود والخطة التنفيذية لمعالجة أوجه القصور، وإحاطة وزارة الدولة لشؤون المتابعة بذلك في موعد أقصاه 19 ديسمبر 2013.
وخلصت اجتماعات اللجنة التنسيقية إلى عدد من القرارات المهمة حددت ملامح عمل اللجنة الجاد والموضوعي والمنهجي خلال المراحل المختلفة المحددة لها، كان أولها تكليف سمو ولي العهد، اللجنة الوزارية للشؤون القانونية بإبداء الرأي القانوني في عدد من التجاوزات المالية والإدارية الواردة في تقرير ديوان الرقابة المالية التي تستوجب المحاسبة والمساءلة.
وقررت اللجنة تشكيل فريق عمل لمراجعة وتدقيق المخالفات والملاحظات الواردة في التقرير، وتفعيل مقترح إنشاء جهاز للتدقيق الداخلي بوزارة المالية وتحويلها لنائب رئيس مجلس الخدمة المدنية لاتخاذ الإجراءات المناسبة للتنفيذ، وتكليف جميع اللجان الوزارية بمراجعة واقتراح سياسات تخص الرقابة والتدقيق.
وخلال اجتماعات اللجنة التنسيقية شدد الأمير سلمان على أن تفعيل مبادئ المحاسبة والشفافية مرتكز مهم في المشروع الإصلاحي لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، فيما يؤكد حرص اللجنة على التعامل مع الملاحظات الواردة في التقرير لاتخاذ الإجراءات المناسبة بموضوعية ومسؤولية تجاه ما تضمنه التقرير، وبما يكفل تحقيق أهداف مجلس الوزراء برئاسة الأمير خليفة بن سلمان وقراره بمتابعة المخالفات والتجاوزات وتصحيحها وضمان عدم تكرارها، وأهمية حفظ المال العام وحمايته من خلال حسن إدارة الموازنات وأوجه صرفها.
وتفاعلاً مع اللجنة التنسيقية كانت ردود الجهات الحكومية جاهزة للتسليم خلال المهلة المحددة من سمو ولي العهد في 19 ديسمبر 2013، وبعد الاطلاع على تقرير اللجنة الوزارية للشؤون القانونية، أصدر سمو ولي العهد توجيهاته بتحويل الملفات المتضمنة لعددٍ من التجاوزات المالية والإدارية الواردة في تقرير الديوان إلى النيابة العامة، بالتعاون مع جهاز الجرائم الاقتصادية بوزارة الداخلية، وإيقاف عدد من الخاضعين لإجراءات التقاضي عن العمل في القضايا المنظورة أمام المحاكم وفق الإجراءات الإدارية والقانونية المتبعة بالأجهزة الحكومية، وبدء التحقيق الداخلي مع عدد من المعنيين بشركة مطاحن الدقيق وغرفة البحرين للمنازعات حول بعض المخالفات الواردة في تقرير ديوان الرقابة.
وقال سموه لدى ترؤسه اجتماع اللجنة التنسيقية في 24 ديسمبر ،2013 إن التعامل مع المخالفات والملاحظات الواردة في تقرير ديوان الرقابة مع استلام ردود الوزارات على ما ورد في التقرير، يتخذ مسارين الأول قانوني والآخر إجرائي.
وأكد سموه ضرورة تنفيذ جوانب إجرائية حول المخالفات والملاحظات الواردة في التقرير غير ذات الشبهة الجنائية، ومراجعة واعتماد السياسات المتعلقة بالرقابة والتدقيق، وتطبيق إجراءات جديدة لتفادي تكرار الملاحظات الواردة بتقارير ديوان الرقابة.
وشدد سموه على الحرص في التعامل مع الملاحظات الواردة في التقرير لاتخاذ الإجراءات المناسبة بموضوعية، ومتابعة المخالفات والتجاوزات وتصحيحها وضمان عدم تكرارها، بما يتسق مع جهود الحكومة برئاسة الأمير خليفة بن سلمان، لتعزيز الأداء والعمل على تشديد الإجراءات الرقابية في الوزارات ومؤسسات الدولة، حفظاً للمال العام وضمان صحة الممارسات الإدارية.
إحالة المخالفات للجهات المعنية
ووجه سمو ولي العهد في منتصف يناير 2014، بإحالة مخالفات ورد ذكرها في تقرير الرقابة تخص عدداً من الجهات الحكومية، إلى الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني بوازرة الداخلية.
وأطلعت اللجنة التنسيقية على تقرير وزارة الدولـــة لشــؤون المتابعــة، حول تصنيــف الملاحظات الواردة في التقرير بناءً على تكليف اللجنة لها، حيث اعتمد في هذا التصنيف معايير إدارية وقانونية.
واستمرت اللجنة في متابعة ما تم إنجازه من قبل إدارة مكافحة الفساد والجرائم الاقتصادية، وشملت شبهات الفساد الـ25 موزعة على وزارة شؤون البلديات والتخطيط العمراني، وشركة ألمنيوم البحرين «ألبا»، وشركة البحرين لمطاحن الدقيق، وغرفة البحرين لتسوية المنازعات، وشركة نفط البحرين «بابكو»، ووزارتي الأشغال والإسكان .
وحققت إدارة مكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني بهذه المخالفات قبل إحالتها للنيابة العامة، وتم التوصل في إطار المتابعات الدقيقة إلى أن 235 ملاحظة من مجموع الملاحظات الإجرائية البالغة 404 تم التعامل معها، وأما بالنسبة للملاحظات المحالة إلى اللجنة الوزارية للشؤون القانونية وبعد التدقيق فيها، تبين أن 14 ملاحظة تتطلب خطوات تأديبية، و19 تطلبت إجراءات تصحيحية، في حين أن الملاحظات الـ25 ذات الشبهة الجنائية، تم الانتهاء من الدراسات اللازمة لها، وإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
وفي إطار متابعات سمو ولي العهد لمسارات التدقيق على الملاحظات، زار سموه في منتصف يناير من العام الجاري الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني بوزارة الداخلية.
وأكد سموه خلال الزيارة أهمية تعزيز أطر النزاهة والشفافية كضرورة لحفظ مكتسبات الوطن، ومواصلة التقدم فيها بخطى ثابتة، مشدداً على ضرورة الشراكة بين جميع الأجهزة والسلطات وديوان الرقابة المالية والنيابة العامة والمجتمع المدني والإعلام في مجال العمل على تثبيت مبادئ المحاسبة والشفافية.
وتطرق سموه إلى أثر الشراكة الفاعلة بين الأجهزة التشريعية والتنفيذية والقضائية وديوان الرقابة المالية والإدارية والنيابة العامة والمجتمع المدني والإعلام في العمل على تثبيت مبادئ المحاسبة والشفافية.
وفي فبراير 2014 عقد وزير الدولة لشؤون المتابعة محمد المطوع، مؤتمراً صحافياً تحدث فيه مع مدير عام مكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني المقدم بسام المعراج، عن آخر التطورات حول التحقيقات والإجراءات المترتبة على نتائج التقرير، وإلى أين انتهت عملية التحقيقات في المخالفات المحالة إلى الإدارة وغيرها من الجهات ذات العلاقة بهذه القضية، وتمت مراجعة ردود الوزارات والجهات المعنية وحصر جميع البيانات والوثائق الناقصة لكل التوصيات الواردة في التقرير، تمهيداً لمخاطبة الوزارات لإكمال المطلوب.
وأوضح الوزير في المؤتمر الصحافي أنه تم فرز الملاحظات وحصر المتكرر منها وتحديد متطلباتها من تغيير الأنظمة أو التشريعات أو تحديد المسؤوليات أو تعديل الصلاحيات أو تمكين وتدريب الكوادر أو تعزيز الرقابة الداخلية، تمهيداً لوضع المقترحات اللازمة لعلاجها وتفادي تكرارها في السنوات المقبلة.
وتابعت لجان التحقيق الداخلية طوال شهري مارس وأبريل 2014، الملاحظات التي تتطلب إجراءات تصحيحية، ورفع مذكرة إلى مجلس الوزراء في جلسته بتاريخ 15 يونيو 2014، حول ما انتهت إليه اللجنة التنسيقية بشأن متابعة تنفيذ توصيات ديوان الرقابة، والإجراءات المتخذة للتعامل مع الملاحظات والمخالفات الواردة في التقرير.
وقدم المطوع في 20 نوفمبر 2014، إلى سمو ولي العهد تقرير اللجنة المعنية بمتابعة ملاحظات تقرير ديوان الرقابة المالية، وعرضاً بشأن نتائج عمل فريق مراجعة الإجراءات المتعلقة بتنفيذ توصيات تقرير الديوان الأخير، حيث كشف عن نتائج المتابعة للملاحظات الواردة في التقرير وتستدعي اتخاذ إجراءات إدارية.
إن تأكيد الحكومة على لسان سمو رئيس الوزراء بعيد تسلمها لتقرير هذا العام، ضرورة استمرار الرقابة الذاتية والتدقيق الداخلي الحكومي في الوزارات والأجهزة الحكومية لحفظ المال العام من الهدر، والتحقق من سلامة ومشروعية إدارته، وتكليفه اللجنة التنسيقية برئاسة سمو ولي العهد بالتحقيق في الملاحظات الجوهرية والتوصيات في تقرير هذا العام، يؤكد أن الحكومة ماضية في سبيل المحاسبة والمساءلة والمراقبة حتى الوصول لعدم تكرار الملاحظات سواء المالية أو الإدارية في تقارير الرقابة المالية والإدارية المقبلة.