موسكو - (أ ف ب): من الذي قتل المعارض بوريس نيمتسوف بالرصاص الجمعة الماضي على مقربة من الكرملين؟ توجه وسائل الإعلام وحلفاء الكرملين أصابع الاتهام إلى أجهزة الاستخبارات الغربية أو كييف، فيما يرى معارضو الرئيس فلاديمير بوتين أن اغتياله جاء نتيجة حملة حاقدة أطلقتها السلطات ضده، بينما أعلن السفير الأمريكي في موسكو مايكل ماكفول على «تويتر» أنه تلقى «مئات التغريدات إن لم تكن الآلاف منها تقول إن الولايات المتحدة هي التي قتلت نيمتسوف، يبدو جلياً أنها حملة مدفوعة». وقال زعيم الشيشان رمضان قديروف في تصريحات تناقلتها وسائل الإعلام الروسية المؤيدة للكرملين «لاشك في أن قتل نيمتسوف دبرته الأجهزة السرية الغربية لإثارة صراع داخلي في روسيا».
وأوضح قديروف «هذه هي طريقتهم في التصرف، يضعون أولاً شخصاً ما تحت حمايتهم، يصفونه بأنه «صديق الولايات المتحدة وأوروبا» ثم يضحون به لاتهام السلطات المحلية» مضيفاً أنه «من المحتمل تماماً أن تكون أجهزة الاستخبارات الأوكرانية نفذت حكم الإعدام بحق نيمتسوف الصادر في عاصمة غربية». وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أول من وجه هذه الاتهامات إذ ندد بـ»استفزاز» بعيد إعلان اغتيال نيمتسوف أحد أشد منتقدي الكرملين والذي كان يفضح الفساد في السلطة وينتقد تدخل روسيا في أوكرانيا. وقامت شبكة «روسيا 24» التي تساهم بقوة على غرار الشبكات التلفزيونية الأخرى الموالية جميعها للكرملين في توجيه الرأي العام، باستصراح العديد من الشخصيات للتعليق على اغتيال نيمتسوف. وقال غينادي سيليزنيف المسؤول الشيوعي السابق والرئيس السابق للدوما «مجلس النواب في البرلمان الروسي» في إحدى المقابلات «إنها عملية نرى فيها بوضوح يد أجهزة استخبارات غربية». ورأى الخبير السياسي أليكسي مارتينوف أن «الأمريكيين أبدوا سرعة مشبوهة في رد فعلهم على اغتيال نيمتسوف ومن الواضح أن النص كان جاهزاً». وعلق الرئيس السابق لأجهزة الاستخبارات الروسية والنائب عن حزب روسيا الموحدة التابع للكرملين نيكولاي كوفاليف أن «كل ذلك يندرج ضمن الحرب الإعلامية التي تشنها الولايات المتحدة وأوروبا على بوتين وروسيا». وبعد الحصول على تعليقات المعلقين الذين عرضوا جميعهم تقريباً المنطق ذاته، عادت الصحافة لتطرح من جديد الشبهات حول ضلوع أوكرانيا في العملية قائلة «هناك أيضاً حياته الخاصة، تلك المرأة الأوكرانية التي كان برفقتها، كونه كان يتردد غالباً إلى كييف، لأي أسباب؟ كل ذلك غير واضح». ويرى النائب الأول لرئيس الدوما إيفان ميلنيكوف أنها مؤامرة دبرها أعداء روسيا. وقال «إذا ما دققنا في التوقيت الذي تم اختياره، فهذا يبدو أشبه باستفزاز دموي دبر للأهداف ذاتها كما حين تم إسقاط طائرة البوينغ الماليزية في 17 يوليو 2014 فوق شرق أوكرانيا والهدف بنظره هو «نشر البلبلة في البلاد وإثارة موجة من الهستيريا المعادية لروسيا في الخارج». وكان من المقرر أن تبث شبكة «إن تي في» التلفزيونية حلقة جديدة من برنامج تخصصه للتنديد بالمعارضين وخاصة بوريس نيمتسوف، بأسلوب يذكر بالدعاية السوفيتية المعادية للغرب إبان الحرب الباردة.
غير أن الشبكة التلفزيونية ألغت الحلقة بعد اغتيال نيمتسوف ووعدت على موقعها الإلكتروني بكشف العديد من المعلومات: «كيف يتم إعداد «الميدان» الروسي؟ كيف يذهب معارضونا إلى سويسرا؟ ما الذي يلقنهم إياه مدربوهم في كييف؟ لماذا يلتقون دبلوماسيين أجانب في أجواء من المؤامرة؟».
وكشفت الصحافية المعارضة كسينيا سوبتشاك القريبة من نيمتسوف أن «الحقد الذي تبثه الشبكات التلفزيونية الرسمية يومياً كان لابد أن يتحول إلى دماء». وغالباً ما تصف وسائل الإعلام الرسمية المعارضين للكرملين بـ«الخونة للوطن» و»عملاء للخارج» و»أعداء من الداخل» و»عناصر الطابور الخامس».
وقبل أسبوع من اغتيال نيمتسوف جمعت تظاهرة مؤيدة لبوتين و»معارضة للميدان» عشرات آلاف الأشخاص في موسكو ورفعت فيها لافتة كتب عليها «خلصونا من الطابور الخامس».
وتكثر على شبكات التواصل الاجتماعي نظريات المؤامرة التي تشير إلى أن نيمتسوف قتل في يوم الاحتفال بعيد قوات العمليات الخاصة، وهو يوم عيد أقر بموجب مرسوم صادر عن بوتين عشية جريمة القتل.
وذكر آخرون أن الصحافية المعارضة آنا بوليتكوفسكايا قتلت عام 2006 يوم 7 أكتوبر وهو يوم عيد ميلاد فلاديمير بوتين.