عواصم - (وكالات): حذر رئيس أركان الجيوش الأمريكية الجنرال مارتن ديمبسي أمس من احتمال تفكك التحالف الدولي ضد التنظيمات الجهادية إذا لم تقم الحكومة العراقية بتسوية الانقسامات الطائفية في البلاد.
وقال «ينتابني بعض القلق إزاء صعوبة إبقاء الائتلاف للمضي في مواجهة التحدي (...) ما لم تضع الحكومة العراقية استراتيجية وحدة وطنية سبق أن التزمت بها». وأضاف ديمبسي لصحافيين في المنامة بعد أن عاد من زيارة خاطفة لبغداد استمرت بضع ساعات، أن الائتلاف بقيادة أمريكا يضم دولاً سنية بشكل خاص والعلاقات بين بغداد وطهران باتت تثير القلق.
وتابع أنه «تلقى كل الضمانات» من المسؤولين العراقيين حول التزامهم المصالحة مع السكان السنة، لكنه تساءل حول مدى «صدقية» هذه الالتزامات. وبعد أن عبر ديمبسي عن قلق دول المنطقة إزاء العلاقات الوطيدة بين بغداد وطهران التي تسلح وتدرب الميليشيات الشيعية، رد وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي بالقول «نحن في حالة حرب ونستنجد بالأصدقاء الذين يساعدوننا في هذه المواجهة».
وتعهد ديمبسي في وقت سابق، من بغداد، بهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، في خضم هجوم هو الأكبر تشنه القوات العراقية ضد التنظيم، دون مشاركة لطيران التحالف الذي تقوده واشنطن، في مقابل دور إيراني بارز. وكان ديمبسي قال قبل يومين، إنه سينقل إلى المسؤولين قلقه من تنامي النفوذ الإيراني، من خلال الفصائل الشيعية المشاركة في معارك تكريت.
وفي دليل على تشدده في حق كل من يمكن أن يحمل السلاح ضده، أعدم التنظيم المتطرف 20 شخصاً مناهضاً له في محافظة كركوك شمال البلاد، بسبب عزمهم على الانضمام لفصائل تقاتل إلى جانب القوات الحكومية.
وشهدت المحافظة بدء هجوم لقوات البشمركة الكردية، بدعم من طيران التحالف، لتكثيف الضغط على معاقل الجهاديين شرق نهر الفرات. وقال ديمبسي «داعش سيهزم»، وذلك في مؤتمر صحافي بعد وصوله على متن طائرة عسكرية إلى بغداد. وجدد المسؤول الأمريكي تأكيده الحاجة إلى أن تكون الضربات الجوية التي يشنها التحالف الدولي منذ أشهر، «دقيقة للغاية» لتفادي «معاناة إضافية» للمدنيين المتواجدين في مناطق سيطرة التنظيم.
وكان ديمبسي قال على متن حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول، الموجودة في مياه الخليج للمشاركة في الضربات ضد التنظيم، إنه سيكون من الخطأ تكثيف الغارات ضده، داعياً إلى «الصبر الاستراتيجي».
وقال «إلقاء كميات كبيرة من القنابل على العراق ليس الحل»، داعياً إلى «التروي وأخذ الوقت اللازم» لجمع معلومات عن المواقع الواجب استهدافها.
وفي حين أكد أن أولوية الغارات هي حماية المدنيين، ألمح إلى احتمال استخدامها لحماية المواقع الأثرية التي تتعرض للتخريب على يد الجهاديين.
وكان وزير السياحة والآثار عادل فهد الشرشاب طالب التحالف، بحماية المواقع الأثرية شمال العراق، بعد تعرض تماثيل وآثار تاريخية للتدمير والجرف على يد التنظيم مؤخراً. وتأتي زيارة ديمبسي بعد أسبوع من بدء نحو 30 ألف عنصر من الجيش والشرطة وفصائل شيعية مسلحة وأبناء عشائر سنية، عملية واسعة لاستعادة مدينة تكريت شمال بغداد ومحيطها. وبقي طيران التحالف خارج العملية، في مقابل دور إيراني ظهر من خلال نشر وسائل إعلام إيرانية صوراً لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني في محافظة صلاح الدين ومركزها تكريت، إضافة إلى الدور البارز للفصائل الشيعية المدعومة من إيران. من جهته، أكد رئيس الوزراء حيدر العبادي أهمية «الهوية العراقية» في معركة تكريت، وذلك في كلمة وجهها إلى العراقيين والمقاتلين.
وقال «أوصيكم بصفتي القائد العام للقوات المسلحة وجندياً من جنود العراق، بأن تكون العزيمة عراقية، والهوية عراقية، والغيرة عراقية». واليوم، تدخل العمليات العسكرية في محيط تكريت أسبوعها الثاني.
وتمكنت القوات العراقية من استعادة منطقة البوعجيل التي تقطنها عشيرة سنية تتهمها الفصائل الشيعية بالمشاركة في «مجزرة» قاعدة سبايكر العسكرية، والتي راح ضحيتها مئات المجندين الشيعة في يونيو الماضي.
وأثارت عملية تكريت مخاوف من عمليات انتقام بحق السكان السنة، خاصة أن عدداً من قادة الفصائل الشيعية اعتبروها «ثأراً لسبايكر». وسبق لمنظمات حقوقية دولية أن اتهمت الفصائل الشيعية بارتكاب عمليات إساءة وقتل جماعي بحق العائلات السنية في المناطق المستعادة.
ونقلت عشرات العائلات من مناطق القتال إلى مدينة سامراء، حيث قدمت لهم سلطات محافظة صلاح الدين معونات وأمنت إقامتهم في خيم.
وفي محافظة كركوك شمال شرق تكريت، أفاد ضابط في استخبارات الشرطة ومسؤولان محليان بأن التنظيم أعدم 20 شخصاً في بلدة الحويجة جنوب غرب كركوك لنيتهم الانضمام إلى «الحشد الشعبي» المكون من فصائل ومتطوعين يقاتلون إلى جانب القوات الحكومية.
ولا يمكن التحقق من عملية الإعدام من مصدر مستقل، إلا أن التنظيم نشر صوراً تظهر «استعراض» جثثاً بعضها بزي عسكري، في الحويجة. وأظهرت الصور المروعة جثثاً موضوعة في الجزء الخلفي لشاحنات صغيرة من نوع «بيك أب»، وهي تتقدم في رتل طويل. كما أظهرت إحدى الصور، 8 جثث متدلية من الرجلين جنباً إلى جنب، ومعلقة في قوس كبير يحمل شعار «الدولة الإسلامية» ورايتها السوداء.
وسبق للتنظيم أن نفذ عمليات إعدام جماعية بحق معارضيه أو من حملوا السلاح ضده. ويرجح مختصون أن التنظيم يلجأ إلى هذا الأسلوب لترهيب معارضيه وردع المقيمين في مناطق سيطرته عن حمل السلاح ضده