دعا وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، الدول العربية إلى انتهاج استراتيجية أمنية مشتركة لمواجهة الأخطار العابرة للحدود، وقال «لا خيار أمام الدول العربية سوى الانتصار لأمنها واستقرارها».
وأكد وزير الداخلية لدى ترؤسه وفد البحرين المشارك باجتماع الدورة الـ32 لمجلس وزراء الداخلية العرب في الجزائر أمس، برعاية الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، أن الحالة الأمنية الصعبة بالوطن العربي جاءت بظرف مدبر لا محض صدفة وتم التعامل معها، مستدركاً «رغم ذلك ما زالت هنالك جبهات ساخنة وأرواح تزهق وأهالي يهجرون من ديارهم».
وأوضح الوزير أن التداعيات الخطيرة لم تكسر الهوية العربية، وأن هناك قواسم مشتركة للكثير من مصادر التهديد والتحديات الأمنية بالعالم العربي، مرجعاً أسباب ارتباك المواقف السياسية العربية وتباينها إلى هشاشة الموقف الأمني.
وأصدر مجلس وزراء الداخلية العرب بياناً ختامياً بعنوان»إعلان الجزائر بشأن مكافحة الإرهاب»، دان فيه الإرهاب والأعمال الوحشية وتدمير التراث الحضاري، ودعا إلى مقاربة شاملة لتحسين معيشة الفرد وتفادي انسياقه وراء الجريمة والتطرف، وسن قوانين لمكافحة جريمة تقنية المعلومات ومنع الإرهابيين من استغلالها.
وأعرب وزير الداخلية عن خالص تحيته في الدورة الـ32 لاجتماع مجلس وزراء الداخلية العرب على أرض الجزائر، مقدماً شكره وتقديره لها قيادة وحكومة وشعباً على استضافة اللقاء، وما تبذله من جهود طيبة في دعم مسيرة العمل العربي المشترك في المجالات كافة وخاصة المجال الأمني.
وتوجه بالشكر لوزير الداخلية الجزائري وكافة العاملين بالوزارة على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة والإعداد الجيد للاجتماع، متوجهاً بالتهنئة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود بمناسبة توليه منصب ولي ولي العهد بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، والإخوة الوزراء المنضمين للاجتماع.
وأشاد الوزير في كلمته، بما قدمه أمين عام مجلس وزراء الداخلية العرب وجميع العاملين بالأمانة العامة ورؤساء اللجان، لجهودهم الطيبة في تعزيز مسيرة التعاون الأمني العربي.
وقال إن ما يشهده الأمن العربي من حالة أمنية صعبة، كان لها ضحاياها ودمارها في البلدان العربية، لم يكن بمحض الصدفة ولم يكن أمراً عشوائياً، بل هو ظرف مدبر خطير تم التعامل معه، مستدركاً «لكن ما زالت هنالك جبهات ساخنة، وأرواح تُزهق، وأهالي ينزحون ويهجرون من بيوتهم وديارهم».
وسأل وزير الداخلية، الله عز وجل النصر لإرادة الحق والخير وحقن دماء الأبرياء، مضيفاً «رغم تلك التداعيات الخطيرة، إلا أنها لم تحقق هدفها في كسر الهوية العربية».
واعتبر تعافي الأمن العربي الهدف الأسمى في هذه المرحلة المهمة من تاريخ الأمة العربية، وما هو مطروح على الساحة الأمنية اليوم هو أن يتحقق الأمن ويسود النظام، أو الانتقال إلى حالة الفوضى وانعدام الاستقرار، وقال «لا خيار لهذه الأمة سوى انتصار أمنها العربي واستقرار أوضاعها».
وأوضح أن التعاون بين الأشقاء بات حتمياً، وخصوصاً أن الكثير من مصادر التهديد والتحديات الأمنية للأمن العربي قواسمها مشتركة، مؤكداً أهمية هذا الاجتماع الأمني في هذه الظروف الدقيقة، باعتباره يمثل إرادة وعزم التعاون الأمني العربي، وأن أهم أسباب أي ارتباك أو تباين في المواقف السياسية العربية هو تصدع الجبهة الداخلية وهشاشة الموقف الأمني.
وحمل وزراء الداخلية العرب مسؤولية حفظ أمن الأوطان، وبذل أقصى الجهود في سبيل ذلك، لافتاً إلى أن الأخطار المتسعة العابرة للحدود تدفع إلى انتهاج استراتيجية أمنية مشتركة قادرة على مواكبة التطورات والمستجدات وتحديد مكامن الخطر وسبل القضاء عليه.
فيما أصدر مجلس وزراء الداخلية العرب في ختام دورته الـ32، بياناً ختامياً بعنوان»إعلان الجزائر بشأن مكافحة الإرهاب»، جدد فيه إدانته الشديدة للإرهاب، مهما كانت أسبابه ودوافعه.
وندد البيان بجميع الأعمال الوحشية والهمجية المرتكبة من قبل التنظيمات الإرهابية كافة، بما فيها الأعمال الإرهابية الموجهة ضد الأقليات وسرقة الآثار وتدمير التراث الحضاري.
وشجب البيان خطاب العنف والتطرف والتجييش الطائفي، مؤكداً على اعتدال الإسلام وبعده عن الغلو والتطرف، وعلى لحمة الأمة العربية والإسلامية، ودان المساس بالأنبياء والرسل والمقدسات الدينية السماوية.
وأكد المجلس عزمه مواصلة الجهود الرامية لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة بكافة أشكالها، في إطار شراكة فعالة بين فعاليات المجتمع كافة، داعياً الدول الأعضاء إلى اعتماد مقاربة شاملة ومنسقة تأخذ بعين الاعتبار كافة الأبعاد الاجتماعية والتربوية والاقتصادية والفكرية، من أجل تحسين مستوى معيشة الفرد، وتفادي انسياقه وراء الجريمة والفكر المتطرف المؤدي للإرهاب.
ودعا المجلس في بيانه، الدول الأعضاء إلى سن قوانين تجرم الالتحاق أو محاولة الالتحاق بالجماعات الإرهابية، والتنسيق فيما بينها بهذا الشأن، مؤكداً ضرورة اتخاذ الدول الأعضاء التدابير والآليات الكفيلة، وسن القوانين اللازمة لمكافحة جريمة تقنية المعلومات، بعد أن أصبحت تستغلها الجماعات الإرهابية المتطرفة للترويج لأعمالها وتوسيع نطاق نشاطها ونشر أفكارها واستقطاب المجندين، وتعزيز التعاون فيما بينها في هذا المجال والتأكيد على دور الإعلام في التصدي للظاهرة.
من جهة أخرى بحث وزير الداخلية، مع ولي ولي العهد رئيس الوزراء وزير الداخلية السعودي الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب على هامش أعمال الدورة، عدداً من الموضوعات المتعلقة باجتماع مجلس وزراء الداخلية العرب، والموضوعات ذات الاهتمام المشترك، في إطار العلاقات التاريخية الوثيقة الرابطة بين قيادتي البلدين وشعبيهما الشقيقين، وما تشهده من تنام مستمر في عهد القيادتين الحكيمتين لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود.
وأثنى الوزير على ما تنهض به المملكة العربية السعودية من دور مميز وجهود موفقة في مجال مكافحة الإرهاب، بما من شأنه دعم أمن دول مجلس التعاون الخليجي.
ودعا إلى استمرار المواقف الجماعية وزيادة التنسيق والمضي قدماً نحو مزيد من التعاون والاتحاد بالكلمة والفعل، في اتجاه محاربة الفكر الإرهابي المتطرف المتنافي مع مبادئ الدين الإسلامي والقيم والتقاليد العربية الأصلية.
وناقش راشد بن عبدالله مع وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق، سبل تطوير مجالات التعاون الأمني وآليات التنسيق، وعدداً من الموضوعات والمسائل الأمنية ذات الاهتمام المشترك والتطورات على الساحة الإقليمية.
وهنأ وزير الداخلية، ووزير الداخلية المصري اللواء مجدي عبدالغفار بتوليه منصبه الجديد، معرباً له عن تمنياته بالتوفيق والنجاح في التعامل مع التحديات الأمنية، والعمل على تحقيق الأمن والاستقرار في مصر، باعتبارها عمقاً استراتيجياً للبحرين ودول مجلس التعاون ككل.
من جانبه أعرب وزير الداخلية المصري عن تقديره وتقدير الشعب المصري بأكمله لمواقف البحرين الداعمة لبلاده، وقال «هذا ليس بجديد على البحرين، نظراً للتقارب الشديد على المستويين الرسمي والشعبي بين البلدين الشقيقين».
وبحث الجانبان خلال اللقاء، سبل تطوير مجالات التعاون الأمني، وآليات التنسيق والعمل المشترك.
رافق وزير الداخلية خلال الزيارة، عدداً من ضباط وزارة الداخلية.