كتب جعفر الديري:
ما تزال كتب التراث العربي، تستهوي أفئدة أهل البحرين، إذ يجدون فيها من المتعة والفائدة ما لا يجدونه في الكتب الحديثة. العينة التي توجهت «الوطن» إليهم بالسؤال، كانوا من كبار السن، ومن لا تقل أعمارهم عن سن الأربعين. هؤلاء أكدوا لـ «الوطن» أن كتباً مثل كتاب البخلاء، والمستطرف في كل فن مستطرف، بالإضافة إلى دواوين الشعر، هي محل اهتمام يومي من قبلهم، لما يجدون فيها من أسلوب سردي يأخذ بالألباب، بحكايات وقصص ليس أروع منها.
يقول عيسى رضي بهذا الخصوص: أنا من عشاق كتب التراث منذ أن كنت في سن الصبا والشباب. استهوتني هذه الكتب منذ حداثتي، وأخذت عقلي بأسلوبها العربي الرصين، ونوادرها الطريفة، حتى إن مكتبتي الخاصة تحوي كثيراً من هذه الكتب، هي أول ما تقع عليها عيني، وهي زاد دائم لي.
ويضيف رضي: هناك جملة من الكتب أداوم على قراءتها، مثل كتاب «المستطرف في كل فن مستظرف»، وقد تعرفت على هذا الكتاب عن طريق أبي رحمه الله، ومنذ ذلك الحين وأنا أقرؤه باستمرار. إنه كتاب أجد فيه العبر والعظمة والمعلومة، كما إن مؤلفه الابشيهي، من رجال الدين والعلم، وقد حافظ في كتابه على الأخلاق والتقاليد الإسلامية، فلم يحشه بما يشين، بل إن كتابه لا خوف على المراهقين من قراءته، فهو كتاب نظيف ومفيد إن جاز التعبير.
فاطمة محسن، هي الأخرى تحب قراءة كتب التراث، والأدب والشعر بشكل خاص؛ مؤمنة بأهمية هذه الكتب سواء للمعلم أو المتعلم.
تقول محسن: هناك كتاب بالذات أدعو الجميع لقراءته وهو كتاب «رسالة الغفران» للمعري. إنه كتاب مدهش، وقد حافظ على أهميته منذ كتبه الشاعر المعري، حتى يوم الناس هذا. لكن للأسف الكتاب تعنى به الجامعات الغربية أكثر من جامعتنا. وهم لا يخفون أن الشاعر الإيطالي دانتي، كتب كتابه الكبير «الكوميديا الإلهية» وهو تحت تأثير كتاب رسالة الغفران، وقد ظهرت مؤخراً وثائق أولية لكتاب دانتي، بدا فيها واضحاً تأثر دانتي برسالة الغفران.
وتضيف محسن: الحقيقة أن كتب التراث صعبة بعض الشيء على جبل اليوم، لكن ذلك ليس مبرراً لتركها، فحتى مؤلفي اليوم بنوا لغتهم وأساليبهم على كتب التراث العربي. بدوره يؤكد عباس سيد حسن أن كتب التراث العربي، تحظى من اهتمام القراء في البحرين، باهتمام لا يقل عن أي بلد عربي عرف بالشغف بالقراءة والعلم، كالشعبين العراقي والمصري، وليس أدل على ذلك من أن كثيرين من أهل البحرين، يدخلون على المواقع الإلكترونية المعنية بهذه الكتب مثل موقع «الوراق»، وغيره من مواقع، بكثرة مدهشة. وأنا شخصياً أعرف العديد في البحرين ومنهم الشباب، يسافرون لدولة كالعراق، للفوز بكتب نادرة من هذا القبيل.
ويواصل حسن حديثه: أعتقد أن طبيعة أهل البحرين، تحبب إليهم هذا النوع من الكتب، وهم المعروفون بالتسامح والتعايش، فقد عاشوا ومازالوا قريباً من البحر والمزارع، فهم بحارة ومزارعون، وهؤلاء في الغالب، تكون أذهانهم، حرة طليقة دون قيود، ومن الطبيعي أن يجدوا في كتب التراث ما يروي ظمأهم للعلم والمعرفة والأدب على وجه الخصوص، وهم الذين شهد لهم الجاحظ نفسه أنهم أتقنوا نظم الشعر وأجادوا فيه.