كتب - جعفر الديري:
يعود الفضل لبروز فن «السامري» الغنائي الشعبي في دول الخليج، إلى جهود الشاعر محسن الهزاني في القرن التاسع عشر، الذي وضع ألحانه، والشاعر محمد بن لعبون، الذي قام بصياغة ألحان السامري والتي تعرف الآن باللعبونيات نسبة له.
وتعرف الموسوعة الكويتية المختصرة للباحث حمد محمد السعيدان، السامري أنه فن غنائي شعبي من الشعر النبطي وهو من الفلكلورات القديمة في الجزيرة العربية، مشهور في الكويت ونجد، ويعتمد على الدفوف والمرواس ويكون الإيقاع على وزن: (تك.. دوم تك دوم... تك... دوم تك دوم...) وهكذا. وألحانه نحو 30 لحناً منها السامري النجدي والسامري الحوطي والسامري الفجري والسامري القروي.
في مملكة البحرين؛ اهتم الفنانون بأداء فن السامري، رغم غلبة فن الصوت على اهتمامهم، وعلى رأسهم محمد بن فارس، المعروف باجتهاده في جمع النصوص التي كانت متداولة في عصره، وغنائه لها بعد أن طور ألحانها، وحرصاً على اختيار كل جديد لم يسبقه إليه أحد في البحرين والخليج العربي. ومنهم أيضاً الفنان ضاحي بن وليد (1896-1941) الذي تعلم على يد محمد بن فارس العزف على آلة العود وآلة الطبل والطارة، وسجل إسطواناته العديدة في الثلاثينات في كل من بغداد وحلب، أما محمد زويد فقدم خلال نصف قرن من مشواره الفني نحو 300 أغنية، تنوعت بين المقامات والبستة والسامري والخماري، وقد بدأ زويد مشواره الفني في ثلاثينات القرن الماضي ومن العراق تحديداً، ليصبح بعدها سفيراً للأغنية البحرينية إلى دول الخليج والهند ومصر وغيرها من بلدان العالم.
يتميز الغناء السامري -كما في كتاب «الأغاني» للباحث يعقوب يوسف الغنيم- بأنه غناء جماعي. ويقال إنه سمي بالسامري نسبة إلى سمر مجموعة من الناس. والسامري يتكون من قافيتين إحداهما للشطر الأول والثانية للشطر الثاني من أبيات القصيدة المغناة. وقد خرج بعض المغنين عن هذا الأداء، فأصبح يغني والمجموعة ترد عليه بمطلع الأبيات.
من جانبه يعرف الباحث أحمد الواصل، في إحدى محاضرته بالمملكة العربية السعودية، «السامري» بأنه فن غنائي يؤديه مجموعة من الناس على ألحان فيه تشارك وتعاضد، ومن أنواعه (الحوطي) وهو ثقيل وألحانه صعبة، والناقوز يعرف في الكويت بالقروي والدوسري وهيدا ويعرف في الكويت بالنقازي وسامري حائل، مشيراً إلى أن «السامري»، يمكن أن يؤدى بأخف من المعتاد مع تثبيت شكل اللحن، وإذا كانت وظيفة الفن؛ التعبير عن العواطف، فإن السامري استطاع استيعاب طموح الشعراء والفنانين، وهو فن لا يختفي عن أعمال كل الملحنين، لأنه قادر على استيعاب تغير الزمن.
ويوضح الواصل أن الفن السامري يعتمد في كتابته على الرمل وجرة الهلالي والمسحوب، مشيراً إلى أن بن لعبون في مرثيته، استخدم الطبول بدلاً من الطيران والآن دخلت الآلات الموسيقية.
ويضيف أن «السامري» كان يقدم في إطار عائلي تشترك به النساء والرجال في صفين متقابلين وتكون إحدى النساء واقفة في المنتصف للرقص وتسمى (الحاشي)، وأداء السامري يكون الوقوف للرجال والجلوس للنساء.