قـــال علمــــاء ودعـــاة إن «ذل العبد وانكساره، وخضوعه لله، وإقراره بعجزه وضعفه، من أسباب توفيق الله له»، موضحين أنه «على قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته يكون توفيقه سبحانه وإعانته، فالمعونة من الله تنزل على العبد بقدر همته وثباته ورغبته ورهبته من خالقه»، مشيرين إلى أن «أعظم الناس خذلاناً من تعلق بغير الله».
من جانبه، قال الشيخ صالح المغامسي إنه «لا يمكن لأحد أن يعبد الله حق العبادة إلا بتوفيق من الله عز وجل، فالمرء إذا أدرك ضعفه وعجزه وانكساره وخضوعه لله وحده، طلب من الله تعالى التوفيق»، مضيفاً أن «العلماء رأوا في الدعاء الذي ورد في الآية 15 في سورة الأحقاف في قوله تعالى: «ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهراً حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين»، من أعظم أدعية القرآن، وغير القرآن التي يرجى إجابتها نصاً، فلا يمكن لأحد أن يعبد الله حق العبادة إلا بتوفيق من الله عز وجل، ولا يمكن لأحد أن يسدد أو يوفق، إلا إذا وفقه الله، وأعانه الله على ذلك».
وذكر الشيخ المغامسي أن «شكر الله تعالى منزلة جليلة عظيمة، ومن أعظم العطايا، فقال الله تعالى لسيدنا موسى عليه السلام: «وكن من الشاكرين»، وقال أيضاً في كتابه الكريم: «ولكن أكثر الناس لا يشكرون»، وفي الأثر، إن الله لما خلق سيدنا آدم ومسح على ظهره، وأخرج من ظهره ذريته، رأى آدم فيما رأى من ذريته، المعافى والمبتلى، فقال آدم لربه: «أي ربي لو ساويت بين المعافى والمبتلى من عبادك»، فقال الله عز وجل: «يا آدم إني أحب أن أشكر، فيرى المعافى المبتلى، فيحمد الله على النعمة، ويشكره ويؤدي حق تلك النعمة»، ولا يمكن لأحد أن يؤدي الحق على الوجه الأكمل».
في السياق ذاته، قال الداعية الشيخ محمد حسين يعقوب إن «محركات القلوب، التوبة، وقد جاء رجل إلى الحسن البصري رحمه الله، وقال له يا أبا سعيد، استعد لقيام الليل كل ليلة، ثم لا أقوم، فقال له البصري: «أنت مكبل قيدتك خطاياك، وليس للقيد ذنب فيلام، فانشغل بمن قيدك والسلام».
وشدد الشيخ يعقوب على أن «طاعة المرء لربه شرف، والوقوف بين يدي الله تعالى منقبة، واغتنام مواسم الخير غنيمة، ولكن الله يختص برحمته من يشاء»، موضحاً أن من «أسباب الخذلان، وعدم التوفيق في طاعة الله، اتباع الهوى، والرياء وملاحظة المخلوقين، والتكبر والغرور، والتعلق بغير الله، وكثرة المعاصي»، لافتاً إلى أن «أعظم الناس خذلاناً من تعلق بغير الله، فمثل المتعلق بغير الله، كمثل المستظل من الحر والبرد ببيت العنكبوت، قال الله تعالى «لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموماً مخذولاً»، ومذموماً أي لا حامد لك، ومخذولاً أي لا ناصر لك».
واستشهد الشيخ يعقوب بقول الله تعالى «ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله»، موضحاً أن «الفضيل بن عياض كان دائماً ما يردد «من استحوذ عليه الهوى واتباع الشهوات انقطعت عنه موارد التوفيق»، لافتاً إلى أنه «إذا عرف العبد قدر النعمة وشكر المنعم عليها، أدامها الله عليه وأزادها، ومن عقوبة كثرة المعاصي أنها تعمي بصيرة القلب وتطمس نوره، وتسد طرق العلم، وتحجب موارد الهداية».
970x90
970x90