حكومة الهند اهتمت برغبة الحكومة العثمانية في إقامة علاقات مع حاكم البحرين
حكومات فرنسا وأمريكا واليابان ابتعثت
سفناً لدراسة إمكان عقد اتفاقات
قبطان إحدى السفن ادعى أن البحرين
تابعة لتركيا
المقيم السياسي لويس بيلي كان من الشخصيات المثيرة للجدل
عمل بيلي أمين سر للبعثة الإنجليزية في البلاط الفارسي
انتخب برتية عميد عضواً
عن المحافظين في البرلمان البريطاني
نظام المخابرين منح بيلي علما بأمور
دول الخليج
كتب - عبدالرحمن صالح الدوسري:
قال رئيس جمعية تاريخ وآثار البحرين د.عيسى أمين، إن اهتمام القوى العظمى بالحصول على امتيازات تجارية في البحرين، وإرسال حكومات فرنسا وأمريكا واليابان سفناً استكشافية لدراسة إمكان عقد اتفاقات مع دول الخليج، دفع حكومة الهند البريطانية، لتوقيع اتفاقية مع حاكم البحرين المغفور له الشيخ عيسى بن على آل خليفة، في ديسمبر1880، يتعهد فيها عدم التعامل مع أي دوله أجنبية بدون موافقة الحكومة المذكورة إلى جانب عدم السماح لأية حكومة أجنبية لفتح أي مركز أو قنصليه أو حتى مستودع للفحم «من أجل تزويد السفن»، دون علم الأخيرة.
وأوضح د.أمين أن ذلك مما ورد في تقارير ممثل السلطة البريطانية في البحرين، المقيم السياسي السير لويس بيلي (14 نوفمبر 1825 – 22 أبريل 1892)، مشيراً إلى أن لويس بيلي، بن هيند بيلي من جلوكسترشير، كان من الشخصيات المثيرة للجدل، وكان عمه السيد جون هنري بيلي حاكم شركة خليج هدسون ورئيس بنك إنجلترا. وقد التحق بشركة الهند الشرقية العام 1840، وعمل في إقليم السند قبل أن يصبح السند جزء من الإمبراطورية البريطانية في الهند، ثم عين بيلي في السلك العسكري في 1842، إلى أن تمت ترقيته إلى ملازم في 1843.
وتابع د.أمين: في العام 1852 عمل بيلي في ديوان كوكيوار، ومن ثم في سلك الخدمة المدنية في السند إلى 1855، وذلك بعد ترقيته إلى نقيب في 1856 «ومرافق للجنرال جون جاكوب»، إلى قائد لسلاح الفرسان في البعثة إلى فارس 1857، وعمل سكرتيراً للسيد جيمس أوترام في فترة احتلال بوشهر وجزيرة خرج في 1858، انتقل إلى سلاح الفرسان في حدود السند ومن ثم قاضياً في كراتشي. عمل أميناً للسر للبعثة الإنجليزية للبلاط الفارسي«1859 – 1860»، وكان ولوقت قصير يشغل منصب السفير في البلاط، في هذه الفترة تم ابتعاثه في رحلة استكشاف لشرق فارس وعمان وهيرات وأفغانستان وبلوشستان وجزر القمر وموزامبيق في 1861.
وفي مايو 1861 كان في البحرين ممثلاً للسلطة البريطانية في الهند في نفس العام تمت ترقيته إلى رائد، وعين وكيلاً وقنصلاً في زنجبار وزار منها جزر سيشل في 1862، بعدها عين مقيماً سياسياً في فارس «1862 – 1872. كانت رحلته إلى الرياض في 1865، وذلك عن طريق الكويت - قمت أنا بترجمتها إلى العربية-، في 12 سبتمبر 1868 وقع اتفاقية مع الشيخ محمد بن ثاني والتي كانت بمثابة اعتراف باستقلالية قطر. في 1872 – 1873 رافق السيد بارتل فريري في زيارة لشرق أفريقيا، وكان القصد منها محاربة العبودية والرق، بعدها تمت ترقيته إلى مقدم في 1866 وعقيد في 1871. وفي 21 يونيو 1873 عين حاكماً عاماً في راجبوتانا وحاكم منتدب في بـارودا، وذلك لغاية 1848.
في العام 1878 عاد بيلي إلى إنجلترا وتزوج واستقر في إيتون سكوير في لندن، في 1885 انتخب وهو برتبة عميد عضواً عن المحافظين في البرلمان البريطاني. وقد توفي لويس بيلي في 22 أبريل 1892، ودفن في ساري.
مؤلفات مهمة
خلال بقائه في الهند والخليج ألف لويس بيلي مجموعة هامة من الكتب تعتبر مرجعاً جيداً للبحث في التاريخ عكست هذه المؤلفات شدة اهتمامه بالتاريخ الاجتماعي والسياسي لهذه المنطقة والطقوس والعادات والتراث، منها: رحلة إلى الرياض من بوشهر إلى الكويت والرياض، ملحمة الحسن والحسين، رحلة من فارس إلى هيرات في أفغانستان.
نماذج من تقارير بيلي
كان بيلي يحب جمع التقارير المحلية، ويقوم بدراستها دراسة دقيقة وكان على علم بجميع الأمور التي تمر بها دويلات الخليج آنذاك من خلال نظام المخبرين التابعين لدار المقيمية.
ونعرض نموذجاً للتقارير المرسلة إليه وهي عبارة عن أوراق خاصة به معروضة حالياً في المكتبة البريطانية في لندن: اتفاقية التلغراف مع عمان، ورسائل من واردات البحرين والكويت، ورسالة منه إلى الرياض، وقائمة زكاة القبائل. وكما سنلاحظ، هناك العديد من البرقيات الهامة والمتعلقة باستقلالية مملكة البحرين لذا وجب الدخول الآن في المراسلات التي سبقت تلك البرقيات والاتفاقات الوثائقية الهامة التي عقدت بين المقيم السياسي في بوشهر وحاكم البحرين المغفور له الشيخ عيسى بن علي آل خليفة.
اتفاقية مع حكومة الهند البريطانية
في ديسمبر1880 قام المغفور له الشيخ عيسى بن علي بتوقيع اتفاقية مع حكومة الهند البريطانية يتعهد فيها عدم التعامل مع أي دولة أجنبية بدون موافقة الحكومة المذكورة إلى جانب عدم السماح لأية حكومة أجنبية لفتح أي مركز أو قنصلية أو حتى مستودع للفحم «من أجل تزويد السفن»، دون علم الأخيرة. وفي يونيو 1879، سرت شائعات عن رغبة الحكومة التركية العثمانية في إقامة علاقات مع شيخ البحرين، وحصول الموافقة على إنشاء مستودع للفحم فيها، وبالفعل وصلت إلى ميناء البحرين في نوفمبر 1880، سفن تركية، وادعى قبطان إحدى السفن بأن البحرين تابعة لتركيا، ويبدو أن هناك توجهاً من القوى العظمى الأخرى للحصول على امتيازات تجارية في البحرين، ومن أجل أخذ الاحتياط، وعدم السماح لهذه القوى والدول الأجنبية، من إقامة علاقات مع حاكم البحرين، قام الكولونيل روس «المقيم السياسي في بوشهر 1872-1891»، بعقد الاتفاقية المذكورة، وبصورة شخصية دون علم الحكومة في الهند، وقام الكولونيل إدوارد تشارلزروس «المقيم السياسي» بكتابة تقرير مفصل إلى حكومة الهند يشرح فيها الأسباب التي جعلته يقوم بالطلب من شيخ البحرين التوقيع على الاتفاقية المذكورة.
رسالة من المقيم السياسي
في 24 ديسمبر 1880، كتب المقيم السياسي رسالته لحكومة الهند يقول فيها «كما تعلمون بأنه في السنوات الأخيرة تحاول الحكومة التركية الحصول على امتيازات في جزر البحرين من خلال الاتفاق مع الحاكم للسماح لها بإنشاء مستودع للفحم، والذي من وجهة نظره سيكون بداية التدخلات التركية في شؤون البحرين الداخلية، الأمر الذي يتطلب بإقناع شيخ البحرين عدم الموافقة على أي طلب من أية قوه أجنبية، ولقد لاحظنا في الفترة الأخيرة تواجد السفن الفرنسية، والأمريكية، واليابانية في مياه الخليج، والتي قد ابتعثت في جولات استكشافية من قبل حكوماتها لدراسة إمكان عقد اتفاقات مع الكيانات الخليجية، ولذا سوف يكون أمراً محرجاً لشيخ البحرين، إذا ما رفض طلباتهم دون وجود تبرير قانوني، وهو هذه الاتفاقية المذكورة، والتي ارتأيت ضرورة عقدها، تماشياً لما قد يحدث من قبل هذه القوى الأجنبية.
من هذه الثوابت وبطريقة احترازية استطعت الحصول على موافقة الشيخ عيسى على هذه الاتفاقية والتي أرسل إليكم النص الإنجليزي، والآخر الترجمة العربية له. وأود أن أؤكد بأنها لن تنفذ إلا بعد موافقة الحاكم العام، وصاحب السعادة نائب الملك، وأنني في نفس الوقت لن أترك أية نسخة لدى شيخ البحرين إذ ربما يقرر صاحب السعادة، نائب الملك، والحاكم العام إلغاءها، فأنني أنا الوحيد الذي سوف أكون على علم بذلك، أما إذا تمت الموافقة فإنني أرجو إرسال نسخة عربية كما في الترجمة، على أن تكون موقعة إلى شيخ البحرين» .
الأتراك في البحرين
في فبراير 1881، جاء رد حكومة الهند على رسالة المقيم السياسي روس، لقد تم استلام رسالة المقيم السياسي، وكان الرد كما يلي: «يبدو أن محاولة الأتراك للحصول على امتيازات في البحرين، لم يتم بحثها مرة أخرى، ولكن كان تصرف المقيم السياسي في بوشهر الكولونيل روس سليماً حيث إنه أعطى بهذه الوثيقة تبريراً هاماً لشيخ البحرين عند امتناعه من القبول بأية عروض من قوى أجنبية أخرى، ولذلك فإن حكومة الهند، توافق على محتوى هذه الاتفاقية، وسوف ترسل النسخة العربية التي تم التصديق عليها إلى شيخ البحرين، في نفس الوقت، يجب إبلاغ المقيم بأنه من غير المقبول لموظف في الدوائر السياسية، اتخاذ قرارات فردية دون أن يتم تكليفه بصفة رسمية من قبل الحكومة في الهند.
السبت القادم.. يتواصل الحوار
للحديث عن «دار الاعتماد»