بغداد - (وكالات): اعتاد العراقيون على رؤية صورة قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني المنتشرة في العاصمة بغداد ومحافظات الجنوب والوسط، حتى قبل إعلان وكالة «فارس» الإيرانية وصوله إلى مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين السبت الماضي، لتقديم الاستشارات للقادة العراقيين في تنفيذ عملية عسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية «داعش». ويبدو أن إيران تجد في العراق صندوق بريد لتوصيل رسائلها إلى الولايات المتحدة، وتتنوع تلك الرسائل ما بين سياسية وعسكرية حسبما تجسد مؤخراً في زيارة سليماني إلى تكريت، السبت الماضي. ويعد التدخل الإيراني في الشأن العراقي واحداً من أبرز أسباب الخلاف بين القوى السياسية المشاركة في الحكومات العراقية المتعاقبة، ويرى المحلل السياسي عبدالغفار العبيدي أن نفوذ إيران «اتسع في العراق على المستويين الرسمي والشعبي، وظهورها عسكرياً رسخ القناعة بأن إيران رسخت وجودها بوقوفها وراء دعم فصائل مسلحة انضوت ضمن الحشد الشعبي تلبية لفتوى الجهاد الكفائي كما تلقت دعما رسميا بعد انهيار الجيش العراقي بسيطرة تنظيم الدولة على محافظة نينوى».
وقال العبيدي إن الهدف من الظهور العلني لسليماني في تكريت هو توجيه رسالة إلى المحيط الإقليمي والدولي والولايات المتحدة بأن إيران «حاضرة بكل ثقلها في العراق لمحاربة الإرهاب، وأنها الأجدر بإدارة الحرب ضده، لأن التحالف بقيادة واشنطن -رغم قدراته- عجز عن حماية الشعب العراقي من الجماعات الإرهابية». وخلال الأشهر الماضية تبادلت بغداد وطهران الزيارات لتعزيز التعاون الأمني، وصدرت تصريحات من رئيسي الجمهورية والوزراء تشيد بالمواقف الإيرانية وتؤكد أنها «الدولة الوحيدة التي أبدت استعدادها لتقديم كل وسائل الدعم لحرب العراق ضد الإرهاب مقارنة بدول الجوار الأخرى». وبينما تسربت معلومات من مستشارية الأمن الوطني العراقية بوجود 8 آلاف مستشار إيراني موزعين في العراق بما يفوق عدد نظرائهم الأمريكيين، استخدم السلاح الإيراني في عمليات عسكرية نفذت في محافظة ديالى وكركوك وصلاح الدين وشمالي بابل في ناحية جرف الصخر.
وقال أبوعبدالله الرائد السابق في الجيش العراقي «من خلال متابعتي لما تبثه الفضائيات من مشاهد مصورة، أرى أسلحة لم تستخدم سابقا في العراق بحوزة عناصر من فصائل مسلحة، مما يعني أن هناك مصدرا آخر للتسليح، في الغالب يكون إيران». أما رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية النائب عن «كتلة الأحرار» وممثل التيار الصدري حاكم الزاملي، فقال إن «هناك معلومات تفيد بأن الطائرات الأمريكية ألقت الأسلحة والمعدات ونقلت جرحى تنظيم الدولة»، لكن لم يصدر من أعضاء «التحالف الوطني الشيعي» ما يشير إلى رفض التدخل العسكري الإيراني، أو وجود سليماني في تكريت. وقال الإعلامي فاضل النشمي، إن وجود سليماني في العراق «يثير حساسيات كبيرة خاصة لدى الجماعات والكتل السنية، فيما يثير وجود عسكريين أمريكيين حساسية لدى السياسيين الشيعة. والقصة بمجملها تتعلق بالعراقيين ونخبهم السياسية لفشلها في إدارة البلاد طيلة السنوات الماضية، فاضطروا للاستعانة بهذا الطرف أو ذاك في إدارة الملف الأمني».
يذكر أن أول ظهور لسليماني في العراق كان مطلع سبتمبر الماضي في مدينة أمرلي قرب كركوك، في مقطع فيديو مع عناصر الحشد الشعبي محتفلين بفك الحصار عن المدينة.
من ناحية أخرى، رأى قائد عمليات صلاح الدين الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي أن مشاركة التحالف الدولي «ضرورية» في عملية استعادة مدينة تكريت، حيث تتقدم القوات الأمنية بشكل «بطيء» في مواجهة عمليات القنص والعبوات الناسفة التي زرعها تنظيم الدولة الإسلامية «داعش».
ولم يشارك التحالف الذي ينفذ ضربات جوية ضد التنظيم في العراق وسوريا، في العملية التي بدأت في 2 مارس الجاري لاستعادة تكريت، مركز محافظة صلاح الدين، وهي اكبر هجوم عراقي ضد تنظيم الدولة منذ سيطرته على مساحات واسعة من البلاد في يونيو 2014.