قال صلى الله عليه وسلم: “إن الله يرفع بهذا أقواماً ويضع به آخرين” - مسلم- ، لمست هذا المعنى عند زيارتي الأخيرة للمدينة المنورة، يوم رأيت حلق القرآن بالمئات على رأسها مشايخ شنقيط والقارة السمراء، يثني العرب ركبهم في حضرتهم.
وبت موقناً به عندما احتفت واحات القرآن الكريم مؤخراً، فخرجت أكثر من 100 حافظ لكتاب الله تعالى ضمن مشروعها الرائد تاج الوقار، في حدث تاريخي جميل، زين مملكة البحرين، بل وكان فخراً وشرفاً وتتويجاً للجميع.
ولأنه فخر للجميع، تولى رعايته عاهل البلاد المفدى، حيث شهد الحفل حضوراً غفيراً وتفاعلاً كبيراً، في حفل رائع يكرَّم فيه الحفظة من كل الأعمار، صغيرهم وكبيرهم، لأن المعيار ليس نسبة الثانوية، بل أتحفظ كلام رب البرية؟.
جهد السنين، وسعي الأساتذة، وصبر المربّين، يعتلي أمام أعينهم على خشبة المسرح ليروا صنيعهم وبذلهم في صورة رجال حفظوا كتاب الله عز وجل وارتقوا.
ترى التصفيق، والابتسامات المضيئة، والتبريكات الحارة، والتلاوات العطرة، والدموع المنهمرة، كلّ ذلك بنفس المنجز، وكانت كلمتنا لهم: مبارك، أنتم السابقون ونحن اللاحقون -بإذن الله-.
فأحب أن ألقاهم وأنا حافظ -إن شاء الله- في حفلٍ أعظم من هذا وأكبر، في يوم القيامة عندما يقال لنا “اقرأ وارتق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها” -أبوداود والترمذي-، نلبس والدينا ذلك الشرف، ذلك التاج تاج الوقار.
يا ليتني كنت أباً أحتفي بابني في ذلك الحفل، أو أماً يقصدني ولدي عند الانتهاء ليقبل رأسي.
ولكنها الأقدار..
يكفيني منها أني كنت أخاً لهم جميعاً..
فرحت لهم كثيراً، وأفتخر بهم كثيراً كثيراً.