الأم هي الأصل أي أصل الوجود، وهي منبع الخير ورمز العطاء والتضحية والفداء والإيثار، والطيبة بعاطفتها المتدفقة حناناً ورأفة وشفقة والإحسان دون مقابل وانتظار الجزاء، ولا منة، وهذا ما لمسته في أمي الحنون بحق وصدق ويقين طيلة سنوات عمري منذ صغري حتى كبري، فلكِ مني كل الشكر والاحترام والتقدير ومن هنا حث ديننا الإسلامي بقرآنه وسنته، على تقديرها وتبجيلها، وأعلى من مقامها، جاعلاً الجنة تحت أقدامها، قارناً رضاها من رضا الله سبحانه، إضافة إلى الوالد، وأحق بالصحبة والرعاية والعناية والاهتمام ورد الدين والإحسان إليها في كل مراحل عمرها خصوصاً عندما تبلغ سن الشيخوخة، باعتبارها المربي والمعلم الأول للإنسان، فكل إنسان هو بحاجة ماسة لأمه مهما بلغ من العمر، لكونه يولد بالفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه، أو يمجسانه، كما قال الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام فلا عذب الله أمي التي ربتني على الإسلام وحب الإسلام ورسوله، وأهل الإسلام، والحمد لله على أني ولدت لأبوين مسلمين.
ولكل ذلك وغيره كثيراً ما تغنى الشعراء والأدباء بالأم وبيان أفضالها ومقدارها فمنهم من اعتبرها مدرسة باعتبارها المربية الأولى للأبناء، فهي حين تهز المهد بيمينها تهز العالم بشمالها، حيث قيل فيها:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق
ومنهم من اعتبرها ريحانة الدنيا وبهجتها قائلاً :
الأم ريحانة الدنيا وبهجتها هيهات ألقى كمثل الأم إنسانا
وقال آخر في بيان أهمية الأم بالنسبة للابن، مصوراً إياها بالحياة:
أماه أنت حياتي أنت بهجتها لولاك ما كنت في الدنيا بإنسان
ومنهم من اعتبرها سر الوجود في قوله:
يا أم يا سر الطفولة والصبا يا ملجأ اللاهي وحصن اللاعب
وقد لقبت في أدبنا العربي -لما لها من دور بارز وكبير وفعال وإيجابي في تربية النشء- بألقاب كثيرة، مثل أعز معاقب، والكنف الرحيم، أصدق ناصح، وأكرم صاحب. وسر الحياة وصفوها المتعاقب، أم الوفاء طيب من الجنة، لذا لابد من تكريمها في كل يوم من أيام حياتها، والإحسان إليها في كل الأوقات، والدعاء لها في حياتها ومماتها، بالرحمة والمغفرة، علنا وعسانا نوفي بعض أفضالها الجمة التي لا تعد ولا تحصى.
فرب ارحم والدي واغفر لهما كما ربياني صغيراً، وأجزل لهما بالإحسان إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً، آمين رب العالمين.
المعلم عبدالعزيز العسماوي