«يوم كانت الضاحية الجنوبيّة هدفاً للإرهاب المُتنقّل، كان الأمن يومها يُمثّل الأولوية بالنسبة إلينا، ليس لقمة العيش أو ما عداها من الأمور التي لدينا قدرة على تحمّلها، من قطع طرق وإغلاق منافذ وعمليّات تفتيش دقيقة وصلت في معظم الأحيان إلى حد إهانتنا»، هكذا يُعبّر العديد من تجار الضاحية الجنوبية وتحديداً تُجّار منطقة برج البراجنة عن حال الضيق الذي يعيشونه هذه الفترة جرّاء قطع الطرق المستمر وإغلاق الشوارع المؤدية إلى أماكن عملهم والمستمر منذ أن استهدف الإرهاب مناطقهم، وهو ما ينعكس بشكل سلبي على نمط حياتهم وعيشهم جرّاء التراجع الملحوظ في تجارتهم وتكبدهم خسائر فادحة وتراكم الديون بحقهم بعدما عجزوا عن تصريف بضائعهم ليدخلوا في دوّامة جديدة عنوانها ملاحقة المصارف لهم، وفقاً لما ذكره موقع صحيفة «المستقبل» اللبنانية. ولم يأتِ الاعتصام الذي نظمته لجنة التجّار في برج البراجنة منتصف الأسبوع الجاري بأي جديد. الاحتجاج جاء على خلفيّة قطع «حزب الله» طريق مستشفى «الرسول الأعظم» المؤدية إلى البرج، حيث تجمعوا يوم الاعتصام بالقرب من المشفى المذكور وقاموا بقطع الطرق مانعين السيارات من المرور حاملين لافتات كُتب عليها «رسالة إلى حسن نصرالله.. بدنا نعيش».
ليست المرّة الأولى التي يخرج فيها تجّار من الضاحية الجنوبيّة للمطالبة بفتح الطرق وإزالة الحواجز الإسمنتيّة من على جوانب الطرق، فقد سبق أن تحرّك كل من تُجّار سوق معوّض وبعدها تُجاّر الشارع العريض حيث وقع تفجيران انتحاريان للمطالبة بالأمر نفسه وقد عمد الحزب حينها إلى تنفيذ رغبة هؤلاء تدريجيّاً بعدما استشعرت قيادته غضب الناس ونقمتهم على الحزب وذلك من خلال الهتافات والشعارات التي أطلقت يومها والمناهضة لتجربة «الأمن الذاتي» خصوصاً أن رغيف الخبز كان أحد أهم تلك الشعارات.
أحد كبار التجّار في برج البراجنة يُدعى «محمد ع» شرح الأسباب التي أدت إلى اعتصامهم فقال «هل يقبل أي شرع بأن تبقى المنافذ المؤدية إلى أعمالنا وأرزاقنا مُقفلة منذ أكثر من سنة ونصف السنة؟، لم نعد نحتمل هذا الوضع علماً أنه وقبل تحّركنا هذا كان زار وفد من تُجّار البرج مسؤولين في الحزب حيث تم وضعهم في صورة المعاناة التي نعيشها منذ تلك الفترة وقد وعدونا خيراً، إلّا أن أياً من هذه الوعود لم توف، ما اضطرنا للتحرّك والمطالبة بفتح الطريق». وحول أهميّة الطريق المُقفلة ومدى تأثيرها على حركة البيع في منطقة برج البراجنة، يقول زهير وهو صاحب محل تجاري: «أهميتها أنها تسمح للآتي من جهة الجنوب بالدخول رأساً إلى داخل البرج من دون أن يضطر إلى الدخول في أحياء الضاحية الداخلية والكل يعلم زحمة السير الخانقة التي تشهدها يوميّاً الشوارع الداخلية هنا، كما تسمح الطريق المُقفلة بتسهيل حركة دخول الذين يأتون من العاصمة ومن بقيّة المناطق كونها الطريق الأسهل والأنظم التي تؤدي إلى برج البراجنة»، مشيراً إلى «الحالة المُزرية التي وصل إليها عدد كبير من التجار، فمنهم من أفلس ومنهم من هو ملاحق من المصارف بعدما عجزوا عن تسديد قروض كانت منحتهم إياها لتسيير أعمالهم».
بعد هذا التحرّك وأثناءه لم يُحرّك «حزب الله» ساكناً بل اكتفت عناصره المولجة بإغلاق الشارع بمراجعة قيادتهم. أمّا في خصوص البيان الذي وزّعه التجّار وما إذا كان أزعج عناصر الحزب المتواجدة، يقول أحدهم: «اليوم هناك جيش وقوى أمنية مولجين بحماية المناطق كلّها، فمن غير المسموح أن تبقى الأوضاع كما هي، نحن رفعنا صوت أولادنا بعدما أصبحنا مُهددين بلقمة عيشنا».