كتبت - سلسبيل وليد:
رعى وزير الديوان الملكي الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، حفل تدشين كتاب «السراب» المعني بدراسة ظاهرة الإسلام السياسي والتطرف بمركز عيسى الثقافي أمس، للمؤلف مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية د.جمال سند السويدي، الذي أكد أن هدف «السراب» الكشف عن الأبعاد الفكرية للجماعات الإرهابية المتطرفة.
وقال السويدي في كلمته بحفل التدشين، إن الإسلام السياسي أسس لفكرة السراب واحتكر الدين وكفر من يخالفه الرأي، وضرب مثلاً بالإخوان المسلمين الذين أخفقوا بإدارة الدولة ونسفوا موروثاً طويلاً من الشعارات البراقة نادوا بها طيلة 8 عقود.
ووصف وزير شؤون الإعلام عيسى الحمادي، دور الإعلام بـ»المهم» و»المؤثر»، في زيادة الزخم فيما يتعلق بالحراك الثقافي بشكل عام وتوصيله لجميع فئات المجتمع وقطاعاته المختلفة.
وقال الحمادي في تصريح للصحافيين على هامش حفل التدشين، إن التطور التقني ووسائل الاتصال الحديثة أتاحتا تداول الكثير من المعلومات، مستدركاً «إلا أن هذه المعلومات لا يتم تداولها بعمق، ما يجعله أكبر تحد يواجه الجيل الجديد في المرحلة المقبلة، عندما يتعامل مع التقنيات الحديثة دون الإبحار في التخصصات المحددة، ما يسبب لهم الحاجة لجرعات مكثفة من القراءة سواء الكتب الورقية أو الإلكترونية، وعدم استقبال المعلومات بشكل سطحي».
من جانبه، عبر السويدي عن فرحته وسعادته وهو بين أهله وبلده البحرين، واصفاً إياها بـ»بلد الحضارة»، الممتد تاريخها إلى الألفية الرابعة قبل الميلاد في قلب منطقة الخليج.
واعتبر الزيارات المتبادلة والمتواصلة والتشاور القائم بين الإمارات والبحرين على المستويات كافة، ترجمة لتطلعات قيادتي البلدين الشقيقين صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، والسعي نحو توطيد جسور التعاون والتكامل وتعزيز العلاقات الأخوية المتينة والروابط التاريخية على المستويات الشعبية والحكومية، وعلى مستوى التكامل الاتحادي ضمن إطار دول مجلس التعاون والمصير المشترك بينها.
وكشف السويدي عن دوافعه الرئيسة للبحث والتفكير وخوض غمار قضايا التنمية وأمن المنطقة واستقرارها ورفاه شعوبها، وهو التطلع للحاق ركب الدول والأمم المتقدمة، وتحقيق أكبر قدر من معدلات التنمية البشرية.
وأضاف «نحن لسنا أقل من دول وأمم سبقتنا في النهضة والتقدم، نحن نملك المقومات الحضارية والفكرية والمادية لهذا الهدف الإنساني المشروع»، ما دفعه لسبر أغوار الأفكار الأيديولوجية الدخيلة، التي أسست إبان العهود الاستعمارية تحت غطاء الدين والطائفة والعرق وتسييسها، واستهدفت في الأساس تعطيل برامج التنمية والتقدم ورفاه شعوب المنطقة. ولخص السويدي الأهداف الرئيسة لكتاب «السراب»، في الكشف عن الأبعاد الفكرية الخفية والعقائدية والسياسية والاجتماعية والأمنية للجماعات الدينية السياسية من جهة، وعما يجري في المنطقة ويعصف بمناطق ودول عدة في العالمين العربي والإسلامي من صنوف الإرهاب والعنف والاقتتال بين أبنائها من جهة أخرى.
وأوضح أن الجماعات الدينية السياسية أسست فكرة السراب السياسي والأوهام وروجت لها، واحتكرت مبادئ الدين الحنيف وكفرت من يخالفها الرأي من المسلمين، وأصرت على خلط الأوراق وتحميل من يخالفها الرأي مسؤولية التخلف والتراجع الثقافي والحضاري بالعالمين العربي والإسلامي.
وبين السويدي أن الواجب الوطني والإنساني والأخلاقي والديني ومسؤولية الباحث في لحظات الصراع، كانت دافعة للاصطفاف في مقدمة المدافعين عن القيم الإنسانية والحضاريــــة، ومواجهــــة غــــلاة التطـــــرف والمتشددين من أعداء الحضارة والإنسانية والحرية وحقوق الإنسان والتنمية.
وقال «هذا الأمر يستدعي طرح رؤية بحثية وفكرية معمقة للجماعات الدينية السياسية واســتراتيجياتها السيـــاسيــة والفكريـــة وممارساتها، مقابل تتبعنا السياق التاريخي لهذه الجماعات، ودراسة ظروف نشأتها وتكوينها منــذ بدايتهـا، وتجربــــــة حكم الإخوان المسلمين في بعض الدول العربية والإسلامية، والوقوف على أسباب فشلها وإخفاقها في إدارة الدولة، وعدم تنفيذها أي برنامج للتنمية والنهضة، ما أدى لنسف موروث طويل من شعاراتها البراقة عبر فترة تمتد لثمانية عقود».
وأضاف السويدي أنه اتبع في مؤلفه منهج البحث المقارن لتسليط الضوء على مفردات الواقع الثقافي والحضاري في العالمين العربي والإسلامي الراهن مع نظيراتها في القارة الأوروبية، ووجد تشابهاً كبيراً بين أفكار الجماعات الدينية والسياسية وممارستها في العصر الحديث مع العصور الوسطى من الناحيتين الفكرية والسياسية، وعلاقة الدين بالسياسة، ودور رجال الدين في الحقبتين مع وجود قواسم مشتركة عدة في أنماط الفكر السائدة في أوروبا خلال تلك الحقبة.
وتمنى السويدي على المعنيين بدول مجلس التعاون الخليجي والعالمين العربي والإسلامي، إعادة النظر في كثير من المناهج العلمية والتربوية، وأن تتحمل وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي مسؤولياتها في العمل الجاد الهادف لنشر قيم الوسطية والاعتدال، والكشف عن الوهم والزور والبهتان في أفكار وشعارات تنادي بها الجماعات الدينية السياسية.
من جانبه، قال نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي الشيخ د.خالد بن خليفة آل خليفة «نحن اليوم نجدد علاقتنا الثقافية والعلمية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، بتدشين كتاب السراب للدكتور جمال سند السويدي». وأكد رئيس مجلس الأمناء الفكر العميق والدقيق للسويدي في تناوله أهم القضايا الاستراتيجية، وهي تعالج استغلال الإسلام كأداة لتحقيق مكاسب سياسية. وقال إن السويدي في كتابــه «السراب» يدافع عن الإسلام بفكـــره وخبرته الأكاديمية، لافتاً إلى أن الكاتب غني عن التعريف، وسيرته الذاتية تزين مؤلفاته ولا يمكن حصرها في كلمة. واستدرك «من الضروري أن نستذكر من قراءاتنا لكتاباته، أن السويدي مفكر إماراتي عربي يمتاز بالجرأة والتحليل الدقيق، والوضوح في رؤياه وأطروحاته ونتائج دراساته».
ونال السويدي درجة الدكتوراه من جامعة «وسكونسن» في الولايات المتحدة عام 1990، وكرمه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، بمنحه وسام «جائزة رئيس الدولة التقديرية» تقديراً لسيرته الوطنية وإنجازاته المخلصة باعتباره مثالاً يحتذى، ونموذجاً في مجال «دعم قيم العطاء» في ديسمبر 2013، وجائزة الإمارات التقديرية للعلوم والفنون والآداب فرع الدراسات الإنسانية العلوم السياسية عام 2008. وحصل علــى وســام الاستحقاق من الدرجة الأولى من قبل الرئيس الفرنسي في يوليو 2002، ووسام الاستحقاق من درجة قائد من قبل صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني عاهل المملكة المغربية عام 1995، وجائزة الشخصية التنفيذية للقيادات الشابة من معهد جائزة الشرق الأوسط للتميز عام 2006، والأستاذية الفخرية من الجامعة الدولية في فيينا عام 2008.