بغداد - (الجزيرة نت): يقول إياد سالم إنه قدم طلباً قبل شهرين لتغيير اسمه في إحدى المحاكم العراقية، لأن «الاسم الذي كنت أحمله يشبه اسم أحد الخلفاء الراشدين، سبب لي المشاكل في المنطقة التي أسكنها في بغداد، وأخشى إثارة غضب المتطرفين وأقتل بسببه».
وأضاف إياد «اسم مستعار» أن «الجميع عرف لعبة تغيير الأسماء في الهويات، لذلك ارتأيت أن أغير اسمي إلى اسم آخر بغية الابتعاد عن أي مشاكل، وهذا ما قد يعمل عليه بعض الأصدقاء والمعارف، خشية عودة الأحداث الدامية خلال عامي 2006 و2007».
وخلال فترة العنف الطائفي الذي شهده العراق عامي 2006 و2007 لجأ العراقيون إلى الاعتماد على اسمين في هوية أحوالهم المدنية وهي الهوية التعريفية الرسمية في البلاد.
وأصبح شائعاً في تلك الفترة أن يقوم العراقيون الذين يحملون أسماء لشخصيات لها دلالات إسلامية، باستخراج هويات مزورة بأسماء جديدة، خشية إيقافهم عند إحدى نقاط التفتيش التي كانت تنصب حينها من قبل جماعات مسلحة.
وقد عادت ظاهرة تغيير الأسماء والألقاب إلى العراق بعد غياب نحو 10 سنوات، ويعود معها شبح الصراع الطائفي الذي بات يخيم على العراقيين لدرجة أنهم باتوا يهربون من أسمائهم وألقابهم التي تحمل مدلولات مذهبية خوفاً من أن يكون الثمن حياتهم.
وفي الوقت الراهن، فقد دفعت الأحداث التي يشهدها العراق - خصوصاً مع انتشار التشكيلات المسلحة التابعة للأحزاب - عراقيين لتغيير أسمائهم، وتقديم طلبات إلى المحاكم بذلك. وتنشر الصحف العراقية خلال الأيام الأخيرة إعلانات مدفوعة الثمن من قبل مواطنين قدموا طلبات لتغيير أسمائهم.
ويؤكد مصدر في دائرة حكومية بالعاصمة بغداد أن «تغيير الأسماء ورد كثيراً خلال الفترة الأخيرة، وهذا أمر لا يمكن للسلطات التدخل فيه بعد أن ينشر المواطن إعلاناً في إحدى الصحف المحلية»، وأوضح أن «هناك أسباباً خاصة للذين يغيرون أسماءهم، لا يمكن الإفصاح عنها بشكل دقيق».
وأضاف أن «أغلب الأسماء التي تم تغييرها تحمل مدلولات طائفية ومذهبية، وتبدل هذه الأسماء بأخرى غير إسلامية أو غير دالة على انتمائه الطائفي والمذهبي».
من جهته، يقول الصحافي عمر العكيلي، إن «البلاد تعيش أزمة طائفية حقيقية، نتج عنها اتساع الخوف من حدوث حرب أهلية، وهذا ما يجعل الكثيرين يشعرون بالخوف بشكل متزايد، خاصة مع انتشار الميليشيات».
وأوضح أنه بعد أن أدى الاقتتال الأهلي إلى فرز مناطق بغداد على أساس طائفي، يخاف التحرك في العاصمة، إلا أن ما يجعل خوفه أكثر، «انتمائي لعائلة شيعية، بينما أحمل اسماً يرمز إلى السنة، هذا الأمر يجعلني محيراً، ويسمح لي بتخيل شكل القتلة من الطرفين، طالما أنهما لديهما مجموعات مسلحة تقوم بأعمال إجرامية».
وأشار إلى أنه «في الآونة الأخيرة، وبحكم عمله في الصحافة، شاهد كثيراً تغيير الأسماء التي تشبه اسمه، ويمكن تبيان حجم الخوف من خلال هذه التفاصيل البسيطة لدى سكان المدن العراقية».
وتحت عنوان «كيف تهرب من اسمك؟» نشر الكاتب علي حسين مقالاً في صحيفة «المدى»، قال فيه إن «الصحف العراقية تنشر منذ شهور إعلانات مدفوعة الثمن تخص أناساً بسطاء دفعتهم ظروف الهوجة الطائفية لتغيير أسمائهم والهروب من ألقابهم والتخلي حتى عن أصولهم».
وتحدث عن بعض الإعلانات قائلاً :«قدم.... طلباً يروم تبديل اسم ابنه من عمر إلى مصطفى..»، «قدم المدعي.... طلباً يروم فيه تبديل لقبه من الحديثي إلى اللامي»، «قدم المواطن..... دعواه القضائية لتبديل اسمه من عثمان إلى رائد»، «قدم المواطن.... دعواه القضائية لتبديل لقبه من الموصلي إلى النعيمي».
وأشار الكاتب حسين إلى أن «إعلانات تغيير الأسماء نزهة جديدة في أرض يراد لها أن تكون عدماً، فالاقتصاد عدم، والأمن والأمان عدم، والمستقبل عدم».
ورغم غياب الإحصائيات الرسمية عن عدد الذين غيروا أسماءهم في الآونة الأخيرة، فإن المراقبين يرون أن التغيير ليس فردياً وما يتداوله الناس وتشهده الدوائر المختصة يشي بأن الأمر يتحول رويداً رويداً لظاهرة.