لمركز الجوهرة إسهام مباشر في التشخيص والعلاج والوقاية
«الجوهرة» أصبح مركزاً لأول قسم أكاديمي بالطب الجزيئي
26 طالباً وطالبة بـ 3 مساقات في الطب الجزيئي
«الطب الشخصي» أول برنامج ماجستير على مستوى العالم
البحرين سباقة دائماً وبدأت الطب الجزيئي على المستوى العربي
تطلعات لوضع تسلسل وخارطة الجينوم البشري لكل البحرينيين
معرفة الجينات لكل فرد تُحقق إعطاء العلاج الصحيح
القيادة في البحرين تولي أمر صحة المواطن اهتماماً كبيراً
البحرين تحظى بنظام صحي متطور



كشف مدير مركز الأميرة الجوهرة لعلوم المورثات والأمراض الوراثية البروفسور معز عمر بخيت عن أن البحرين ستشهد في سبتمبر المقبل انطلاقة أول برنامج أكاديمي طبي عال تمهيداً لممارسة أول طب جديد على مستوى العالم وهو (الطب الشخصي) الذي يعتمد في تشخيص وعلاج المرضى على التركيبة الوراثية لكل شخص، مشيراً إلى أن مركز الأميرة الجوهرة بنت الإبراهيم بالمملكة سيحتضن هذه الفعالية المهمة التي ستكون فاصلة تاريخية بالنسبة لتطور الطب البشري.
وأوضح البروفيسور معز عمر بخيت، في حوار مع وكالة أنباء البحرين (بنا)، أن انطلاق هذا البرنامج سيحضره لفيف من كبار علماء الطب من كبرى جامعات العالم وأشهرها، للتعريف بهذا النوع الجديد من مجالات الطب.
وأشار إلى أنه قريباً جداً سنبدأ أيضاً برنامج ماجستير، الآن تحت الدراسة، في أبحاث الخلايا الجذعية والعلاج بها لتعويض الأعضاء المتخصصة، وهذا البرنامج سيكون الأول من نوعه في الوطن العربي كبرنامج أكاديمي، وكل هذه الجهود جعلت البحرين في مكانة الريادة.
وأضاف «نأمل أن ينطلق برنامج الجينوم البشري البحريني، لكي نضع تسلسل وخارطة الجينوم البشري لكل البحرينيين، وهو ما سيضع البنية الأساسية لقاعدة بيانات مهمة جداً في مستقبل الطب.
وذكر البروفيسور معز عمر بخيت أن القيادة في البحرين تولي أمر صحة المواطن اهتماماً كبيراً، وأن المملكة تحظى بنظام صحي متطور ومتقدم.
وفيما يلي نص الحوار:
في البدء هل يمكن أن تحدثنا عن فكرة تأسيس المركز؟
المركز من أحدث المراكز في المنطقة، وجاءت فكرة إنشائه ضمن رؤية جامعة الخليج العربي في أن تكون جامعة إبداعية تتبنى التطورات الجديدة في العالم في جميع تخصصات الجامعة الطبية، وحقق المركز الكثير من الإنجازات.
وكانت التطورات العلمية الكبيرة التي تلت عام 2000 المتمثلة في اكتشاف الخارطة الجينية البشرية أو ما يعرف بمشروع الجينوم البشري، الذي أصبح علماً طبياً جديداً يعرف بالطب الجزيئي، هو السبب المباشر في فكرة إنشاء المركز، حيث قامت جامعة كارلونيسكا بإستكهولم عام 2001 التي كنت أعمل بها آنذاك بدعوة جامعة الخليج العربي لحضور الاحتفال بالذكرى المئوية لجائزة نوبل بالسويد، وقد تم التباحث وقتها لإنشاء مركز طبي عالمي في البحرين يكون معنيا بهذا التخصص الجديد باعتباره أحدث الفروع الطبية والقادر على استخدام الوسائل الحديثة في الطب للمساعدة في التشخيص والعلاج والوقاية من الأمراض عن طريق التعامل مع الجزيئات التي تتحكم في الجينات والخلايا البشرية.
ومتى أصبح واقعاً على الأرض؟
جاء ذلك بعد أن تبرع صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى بقطعة الأرض التي أقيم عليها المركز، وتبرعت سمو الأميرة الجوهرة بنت الإبراهيم بكلفة إنشائه، كما ساهمت جامعة الخليج العربي بتقديم المعدات والأثاث والموظفين والعاملين بالمركز. وكانت رؤيتنا أن ننشئ مركزاً متميزاً بحثياً وطبياً وعلاجياً وتشخيصياً، وأن يكون رائداً ليس في المنطقة فحسب، بل في كل العالم، بحيث يقدم خدماته في هذا المجال النادر، خاصة أن المنطقة تكثر فيها الأمراض الوراثية. ومن هنا كان للمركز إسهام مباشر في التشخيص والعلاج والوقاية، إضافة للمساهمة بأبحاث متقدمة، وأصبح مركزاً لأول قسم أكاديمي في مجال الطب الجزيئي، وحظي بأول برنامج للدكتوراه في المجال على مستوى المنطقة العربية بكاملها.
ما هي خدمات المركز؟ وهل له اهتمام بالأمراض السرطانية؟
يقوم المركز بدور كبير في خدمة المجتمع، ويقدم خدمات علاجية عديدة، وتوجد به 3 عيادات للاستشارات منها: عيادة الخصوبة والفحص للذين يحملون أمراضاً وراثية، ويرغبون في إنجاب أطفال أصحاء قبل وأثناء وفي نهاية الحمل.
وتوجد خدمات تشخيصية لفحص الأطفال حديثي الولادة مع العديد من الأمراض الوراثية وبعض الأمراض المتعلقة بالأحماض الأمينية والأنزيمات، كما يوجد قسم متعلق بالتثقيف الصحي، ويربط المركز مباشرة بالمجتمع للتعريف بالأمراض الوراثية والنادرة، وأقمنا العديد من الفعاليات المجتمعية كان آخرها في مجمع «سيتي سنتر»، وعرفنا الناس بالأمراض النادرة في اليوم العالمي للأمراض النادرة، وكذلك نقيم فعاليات في المدارس والمراكز الصحية، ونستقبل أسبوعياً طلاب وطالبات المدارس للتعريف بالتخصصات الطبية الحديثة التي بالإمكان أن يدرسوها ويتخصصوا فيها، وللمركز مؤتمر سنوي، وينظم ورش عمل ومحاضرات ويقيم ندوات تثقيفية داخل المركز، ولدينا تعاون مثمر مع كل الجهات الطبية وذات العلاقة، ونوقع اتفاقيات تعاون مع وزارة الصحة ومستشفى السلمانية ومستشفى الملك حمد وقوة الدفاع والمستشفيات الخاصة، ومن خلال تعاوننا نستقبل العينات والحالات مباشرة في المركز، أو عن طريق المستشفيات.
ويدخل من ضمن أهداف المركز تقديم خدمات متعلقة بأمراض السرطان للتشخيص الوراثي ولمتابعة العلاج ومعرفة إذا كان العلاج فعالاً من عدمه، ولدينا أيضاً مختبرات البحث العلمي التي تشمل مجالات مختلفة في الطب الجزيئي والبيولوجيا الحيوية، وعلم المناعة الجزيئي.
ومن ضمن برنامج الدكتوراه الذي نشرف عليه في قسم الأبحاث، لدينا حالياً 26 طالباً وطالبة في 3 مساقات في الطب الجزيئي في الجينات الوراثية، وفي الجينات الحيوية، وفي علم المناعة الجزيئي، وفي العام السابق تخرج 6 طلاب في ذات المجال، وهذا العام سيتخرج 6 طلاب آخرين، لأنه البرنامج الوحيد الموجود في المنطقة، وعليه إقبال كبير جداً، ويتم اختيار الطلاب بعد معاينات واختبارات دقيقة حيث تستقبل جامعة الخليج الطلاب من كل دول الخليج العربي.
تحدثت عن الطب الجديد وأطلقتم عليه (الطب الشخصي) ما هي أولى البرامج التي سيقوم المركز بتدريسها توطئة لممارسته بشكل رسمي؟
سنبدأ إن شاء الله تعالى انطلاقة أول برنامج ماجستير في الطب الشخصي على مستوى العالم كما ذكرت. وعندما بدأنا هذا المشروع لم تكن هناك أي جامعة في العالم تقدم دراسة الماجستير في هذا المجال بل كان يقدم كورش عمل أو دبلومات أو كورسات، الآن بدأت بعض الجامعات في أمريكا وأوروبا هذا البرنامج، ونحن في البحرين استغرقنا وقتا لكي نعرف الزملاء بالطب الشخصي، وأهمية دوره كممارسة طبية علاجية تتواكب مع التطورات الكبيرة في العالم، والبحرين سباقة دائماً وقد بدأت الطب الجزيئي على مستوى الوطن العربي، والآن ستبدأ الطب الشخصي على مستوى العالم.
وقريباً جداً سنبدأ أيضاً برنامج ماجستير، الآن تحت الدراسة، في أبحاث الخلايا الجذعية والعلاج بها لتعويض الأعضاء المتخصصة، وهذا البرنامج سيكون الأول من نوعه في الوطن العربي كبرنامج أكاديمي، وكل هذه الجهود جعلت البحرين في مكانة الريادة.
ما هي أهمية الجينوم البشري بالنسبة للبحرينيين؟
نأمل أن يبدأ وينطلق برنامج الجينوم البشري البحريني، وذلك لكي نقوم بوضع تسلسل وخارطة الجينوم البشري لكل البحرينيين، وهو ما سيضع البنية الأساسية لقاعدة بيانات مهمة جداً في مستقبل الطب. والبحرين دولة رائدة ومتقدمة، ومن خلال تخصيص رقم شخصي لكل مواطن ومقيم، فهذا عمل متقدم جدا، يسهم وأسهم فعلاً في التنمية البشرية وتحقيق أعلى معدلات النجاح في توفير الخدمات الصحية وغيرها.
ومثلما كان النظام الإلكتروني في البحرين ذا أهمية استراتيجية، فإن معرفة الخارطة الجينية والجينوم البشري سيساعد كثيراً في حل كثير من المشاكل الصحية للمواطنين، كما سيفيد كثيراً في تقليل الكلفة المالية عندما تجعل العلاج شخصي بمعرفة التركيبة البيولوجية والجزيئية لكل مواطن، خاصة أن هناك من الأدوية ما يكلف في الشهر 4 آلاف دينار، وبعد التطورات العلمية الكبيرة التي حدثت في مجال الطب البشري، أصبح من الأهمية بمكان معرفة الجينات لكل فرد لكي يعطى العلاج الصحيح الذي يستجيب له المريض، وذلك من أجل تجنب الآثار الجانبية للعقاقير والأدوية، خاصة المتعلقة بالأمراض المزمنة وأمراض السرطانات.
وأرى أن العلاج بالطب الشخصي فيه فوائد لا يمكن حصرها، مثلاً هناك أدوية تتعارض مع أدوية أخرى، كما أن هناك أدوية تتعارض مع جينات الإنسان، فالمرء إذا كان يعرف خارطته الوراثية، فهذه بنية أساسية مهمة جدا للصحة، وعمل قاعدة بيانات للأمراض المختلفة من أجل الإحصاءات، ومعرفة كيف تتطور وتتحسن وكيفية الوقاية من الأمراض سواء كانت وراثية أو نادرة.
كطبيب وتحمل درجة الأستاذية كيف تنظر لمستشفى الملك حمد والإمكانيات التي يزخر بها؟
المستشفى يعتبر من أحدث المستشفيات بما فيه من معدات وكوادر طبية وتقنية على مستوى المنطقة، وقد بدأ بداية قوية وبكل تأكيد سيكون له مستقبل كبير لأنه يهتم بالجودة، كما يهتم كثيراً بالأبحاث، والآن سيكون به مركز متقدم للأورام، بحثي وعلاجي وتشخيصي، ونحن في مركز الأميرة جوهرة نستطيع التعاون معهم على مستوى أبحاث الجينات والكروموسات والمستوى الجزيئي في مجال الأورام.
كيف ترى اهتمام القيادة في البحرين بالخدمات الصحية والطبية للمواطنين؟
من خلال وجودي وعملي في جامعـــة الخليج العربي، ومرحلة تأسيس مركز الأميرة الجوهرة، وفي مستشفى قوة دفاع البحرين، والآن في مستشفى الملك حمد، ومسؤوليتي المباشرة تجاه طلبة الدكتوراه، أرى أن القيادة في البحرين تولي أمر صحة المواطن اهتماماً كبيراً، ويظهر ذلك في دعم المؤسسات الطبية والصحية العلاجية وتوفير الدواء وتوفير أحدث الأجهزة الطبية والمعدات.
ليس هذا فحسب، بل تحظى البحرين بنظام صحي متطور ومتقدم، وبها اهتمام قل ما يوجد مثله على مستوى الوطن العربي، من حيث نظام الرعاية الصحية الأولية. وتسعى القيادة حثيثاً من أجل تقديم خدمات صحية متميزة في مجالنا وفي مجال المخ والأعصاب، خاصة أن أحدث العلاجات متوفرة، وكل مواطن يحصل عليها رغم كلفتها الباهظة التي تدفعها الدولة، وفي دول أخرى كثيرة جداً الإنسان فيها لا يستطيع الحصول على الأدوية التي يحتاجها، لذا المريض يتحمل نفقات علاجه، وكثير من شركات التأمين لا تغطي هذه التكاليف الباهظة.
والبحرين كذلك تحظى بوجود نظام إلكتروني فعال ومتميز يخدم الرعاية الصحية والبيئة، ما يؤكد أن البلاد تتقدم بشكل صحيح ومتطور وتواكب كل التطورات الحديثة في العالم.
وبالنسبة للطب الشخصي أعتقد أن النظام الإلكتروني الموجود في البحرين غاية في الأهمية ويسهم في الطفرات الطبية والعلاجية التي نخطط لها وتجعل البحرين في مقدمة دول العالم.