كتب - حسن الستري:
أكـــد بلديـــون أن إلغـــاء صنـــدوق البلديات المشترك يتعارض مع مبدأ مساواة المواطنين طبقاً للدستور فلا يمكن أن تكون إيرادات كل بلدية منفصلة عن الأخرى، إذ إن هناك تفاوتاً كبيراً في الإيرادات بين البلديات، مما يحتم استمرار الصندوق وأهمية وجوده.
وأشاروا، في تصريحات لـ«الوطن»، إلى أن إشكالية صندوق البلديات المشترك تتركز في تفاصيل إدارته، مطالبين بإدارة متميزة للصندوق قادرة على التوازن بين متطلبات البلديات الأخرى مع الأخذ بالاعتبار حجم إيرادات البلدية.
وتباينت ردود فعل أعضاء بلديين حول صندوق البلديات المشترك، ففي الوقـت الـــذي أكـــد أعضـــاء من بلديات الوسطى والشمالية والجنوبية أهميته لهم كونهم مستفيدين منه، عارضه عضو ببلـــدي العاصمـــة متذرعـــاً بـــأن «العاصمة تمول الصندوق بنسبة 80%، وحصتها الأقل من بين بقية البلديات، كما هاجمه العضو غازي المرباطي الذي رأى أن صندوق البلديات المشترك يخالف القانون صراحةً، بل إن وجود الصندوق من الأساس مدعاة للاستغراب.
رفض إلغاء الصندوق
وعارض عضو مجلس بلدي الشمالية جاسم الدوسري فكرة إلغاء الصندوق المشترك، وقال «البلديات الأخـرى لا توجد لديها استثمارات في بلدياتها تعتمد عليها كدخل مستقـــل، باستثناء بلدية المنامة، وإذا علمنا أن تمويل البلديات تمويل ذاتي ولا تدعم من قبل الحكومة، فمن أين ستعمل البلديات الأخرى لو ألغـــي الصندوق؟!، قد يرد بأن علينا أن ننمي مواردنا، وهذا كلام مطلوب، ولكن بالتأكيد لن نصل إلى مستوى بلدية المنامة كونها العاصمة، والعاصمة في جميع دول العالم تتركز فيها الاستثمارات.
واتفق معه رئيس لجنة الخدمات والمرافق العامة بمجلس بلدي الجنوبية علي المهندي، إذ قال: أنا ضد إلغاء الصندوق لأنه يخدمني، إيراداتنا لا تصل المليون وموازنتنا في حدود الأربعة مليون، كيف سنغطيهـــا لـــو ألغـــي الصنـــدوق المشترك، ذلك أن تنمية الإيرادات يكون أما عن طريق رفع الرسوم على المواطنين أو الاستثمار، والأول لا نريده، أما الثاني فهو لا يكون إلا بالعاصمة، هناك مشاريع ولكن ما هو دخلها بالنسبة للفنادق».
وتابع «المحافظة الجنوبية تعادل ثلثي البحرين، وهي مقسمة بين مناطق عسكرية وجامعات وحقول النفط ومناطق صحراوية ومساكن، وحقول النفط تستحوذ على 70% من مساحة الجنوبية، فكيف يمكن الاستثمار بالجنوبية، إذا كانت هناك مطالبات بإلغاء الصندوق المشترك فنحــن نطالــب بأن تكون إيرادات حقول النفط للجنوبية».
وأضاف «استثمارات المصانع تذهب للدولة ولا تذهب للبلدية، وهناك مصانع لم تدفع الرسوم المفروضة عليها منذ 10 سنـــوات، وهنـــاك انخفاض في الرسوم البلدية بسبب أن المواطنين لا يدفعون الكهرباء، الأمر الذي سبب عجزاً في البلديات وتأخرت بعض المشاريع، ناهيك أن المحافظة الجنوبية تستقبل جميع المواطنين في موسم التخييم، وبلا رسوم وبلدية الجنوبية تتحمل التنظيف، كما أن إلغاء الصندوق يتعـــارض مـــع مبـــدأ المواطنيـــن سواسية طبقاً للدستور فلا يمكن أن تكون إيرادات كل بلدية منفصلة عن الأخرى».
الإشكالية في التفاصيل
عضو بمجلس بلدي العاصمة رفض ذكر اسمه أكد أن الصندوق المشترك موجود في القانون وإنما الإشكاليات في تفاصيل إدارته، ذلك أن إيرادات البلدية ذاتية منها وإليها، وتتركز الإيرادات في المنامة بنسبة عالية جداً مقارنة بالبلديات الأخرى وتصل إلى 80%، الاختلاف محوره إذا كانت لدى المنامة هذه الموارد، فلم لا تكون «لا نقول الاستئثار بها وإنما الأولوية للمنامة».
وقال «اذهب للمشاريع التي تعملها وزارة شــؤون البلديـــات والزراعـــة في المحافظات الخمس وانظر كم نصيب العاصمة، نصيبنا أقل من البلديات الأخرى في المشاريع بكثير، لم تكن المنامة مثل عذاري تسقي الغريب وتترك القريب، لابد من إدارة متميزة للصندوق المشترك قادرة على التوازن بين متطلبات البلديات الأخرى مع الأخذ بالاعتبار حجم إيرادات البلدية، كلما ارتفعت الإيرادات ارتفعت المشاريع لتجتهد البلديات الأخرى في رفع مشاريعها».
وحول الرد بأن استئثار بلدية المنامة بمواردها يعد تمييزاً بين المواطنين، أجاب العضو «أليس الموظف الذي يكون إنتاجه أكبر يكون راتبه أعلى، لنساوي بين راتب الموظف والمدير ونقول المواطنون سواسية، هل هذا مقبول، ما نطالب به تمييز مقبول لأنه نظر إلى الجودة والإنتاج، وهو محفز للبلديات الأخرى لرفع إنتاجها».
من جانبه رأى عضو بلدي الوسطى ورئيس لجنة الخدمات والمرافق العامة أحمد الأنصاري «الفكرة من الصندوق أنه يخدم جميع البلديات، وإذا علمنا أن دخل المنامة أعلى دخل، فهذا يعني أن إلغاء الصندوق يلحق ضرراً ببقية البلديات التي لا يوجد لديها مصادر دخل، كما إن كون المنامة أعلى دخل، فهذا طبيعـــي لأن جميـــع دول العالـــم يكون دخل العاصمة أكبر من بقية البلديات، فتعطى حقها والمبالغ الزائدة توزع على بقية البلديات».
آلية عمل مبهمة
رئيس اللجنة المالية والقانونية بمجلـــس المحـــرق البلــدي غــازي المرباطي، أكد في تصريح له أمس أن آلية عمل صندوق البلديات المشترك مبهمة ولا ترتقي إلى مستوى الشفافية التي يطالب بها المواطنون، موضحاً أن هذا الوضع يكمن في عدم الوضوح في كيفية توزيع تلك الإيرادات من الرسوم البلدية المفروضة على المحال والأماكــن التجاريــــة والصناعيــــة والبيوت وكذلك إيجارات الأملاك البلدية من المباني التجارية حيث تصب جميع إيرادات البلديات الخمس في الصندوق ويتم توزيعها على البلديات الخمس غير أن هذا التوزيع غير واضح ومن حقنا كمجلس بلدي الاطلاع على الصندوق وكيفية إدارته.
وقال «رغم أن المادة رقم (34) من المرسوم بقانـــون (35) لسنة 2001 لقانون البلديات تنص أن: «يكون لكل بلدية ميزانية مستقلة تخضع لأحكام القانون رقم (1) لسنة 1975 بشأن تحديد السنة المالية وقواعد إعداد الميزانية العامة والرقابة على تنفيذها والحساب الختامي» إلا أن صندوق البلديات المشترك يخالف صراحةً المادة المذكورة أعلاه، بل إن وجــود الصنـــدوق مــن الأساس مدعاة للاستغراب في ما يتعلق بالاستقلالية التي يدعيها القانون وفق المادة الثانية من قانون البلديـــات: «يكون للبلدية شخصية اعتباريـــة، وتتمتـــع بالاستقلاليـــة المادية والإدارية».
ولفت إلى أن تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية قد تطرقت إلى هذا الملف من حيث آلية توزيع إيرادات الصندوق المشترك أنه تشوبها الكثير من المخالفات لاسيما أن تقرير رقابة أداء الميزانية الذي مع الأسف لا يعرض على المجالس ولا تحصل المجالس على نسخة منه ولا حتى لمجرد الاطلاع عليه! إن عدم عرض التقرير على المجالس البلدية يجعل علامات الاستفهام تثار دائماً حول كيفية إدارة هذا الصندوق، خاصة عندما يتم صرف مبالغ منذ سنوات بدون علم المجالس وعلى أمور لا تخضع لملكية الوزارة ويتم استرجاعها -أي المبالغ- قبل فترة بسيطة جداً وفي الوقت نفسه تدعي الوزارة أنها تعاني من شح الموارد المالية الأمر الذي بالضرورة سيؤدي إلى ضعف أداء الوزارة من حيث تنفيذ المشاريع، وهنا نقف متسائلين هل وضع ديوان الرقابة المالية والإدارية هذا الأمر في الحسبان، ولا نعلم ما تخفيه الأيام من مواضيع أخرى.
وأشار إلى أن آلية التوزيع ومنذ زمن طويل لم يصدر بشأنها قرار من مجلس الوزراء وتم الاعتماد على سلطة المركز في وزارة البلديات والتخطيط العمراني والتي هي جهة تنسيق ورقابة ولا تملك أكثر من ذلك بحسب نص المادة (20) من المرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2001 لقانون البلديات والتي وضعت حدود صلاحيات وزارة البلديات والتخطيط العمراني وأكدت أنها جهاز تنسيقي ورقابي فقط لا غير.
وأضاف المرباطي أن هناك خلطاً من حيث توزيع الأموال المتدفقة في الصندوق، ومنها على سبيل المثال أن الوزارة لم تفرق بين أموال الخدمة للبلديات، وما يتم استحصاله من رسوم بلدية. حيث إن الرسوم البلدية هي التي نصت عليها المادة رقم (35) من المرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2001 لقانون البلديات وفيها: تتكون موارد البلديات من: (أ) الرسوم التي تحصلها مقابــل الانتفاع بالمرافق والخدمات التي تولى إدارتها أو الإشراف عليها بمقتضى أحكام هذا القانـــون أو أي نظام يصدر استناداً إليه أو إلى أي قانون آخر ينص على استيفاء رسوم البلدية. (ب) المبالغ التي تحصلها من بيع وإيجار واستملاك أملاكها. (جـ) الاعتمادات المخصصة لها في الميزانية العامة للدولة. (د) التبرعات والهبات والوصايا التي يقرر المجلس البلدي قبولها. وتودع جميع إيرادات البلديات من الرسوم البلدية على المحال والأماكن التجارية والصناعية وكذلك إيجارات أملاك البلدية من المباني التجارية في صندوق مشترك ينشأ لهذا الغرض وتوزع إيراداته بين البلديات بقرار من مجلس الوزراء بحسب اللائحة التنفيذية المادة (77).
وقال إن استقراء المادة سالفة الذكر جاء ليؤكد بما لا يدع شبهاً لضالة الشك فيه، أن الإيرادات المحصلة من الرسوم والإيجارات هي حكماً يتم توزيعها على البلديات الخمس فقط، ولم ينص القانون خلاف ذلك. وإن كل مصروفات الخدمة للبلديات ومنها الرواتب وما تقوم به الوزارة من مصاريف إدارية ومصاريف على «احتفالات ومعارض» إلى آخره هي تندرج تحت الميزانية العامة للدولة، وإن لم يتم ذلك فإنها تصطدم مع صحيح القانون.
وأضاف لذلك وضع قانون البلديات ولائحة التنفيذية ضمانة واضحة أن يتم إصدار قرار من مجلس الوزراء بتوزيع الإيرادات على البلديات الخمس: (ينشأ صندوق مشترك لدى أحد البنوك التـــي يحددهـــا الوزير المختص بشؤون البلديات يسمى «صندوق الموارد البلدية المشتركة» تودع به جميع إيرادات البلديات من الرسوم البلدية على المحلات والأماكن التجارية. ويتم توزيع إيرادات هذا الصندوق بين جميع البلديات بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناءً على اقتراح من الوزير المختص بشؤون البلديات بالتنسيق مع رؤساء المجالــــس البلدية)، وبناءً على المادة المذكورة هل تم التنسيق بين الوزير ورؤساء المجالس البلدية لتنفيذ أحكام المادة (77) من اللائحة التنفيذية لقانون البلديات؟.
ودعا المرباطي الوزارة لإعطاء المجالس نسخاً من تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية، حيث من حق المجالس ممارسة دورها الرقابي كون أن الأموال المشتركة في صندوق واحد ولا تختلف المجالس من عملية الرقابة على أداء هذا الصندوق حتى ولو كانت المشاريع الممولة من خارج حدود البلدية كمنطقة سترة أو توبلي مثلاً، إضافة إلى ذلك أن ديوان الرقابة أيضاً قد يسأل عن إذا ما كان هناك قرار صدر من مجلس الوزراء بشأن عملية توزيع إيرادات الصندوق؟ ونحن بدورنا نتساءل إذا غاب التنسيق مع رؤساء المجالس وقرار مجلس الوزراء، فكيف تقوم الوزارة بتوزيع أموال الصندوق وفق أحكام المادة (77) من اللائحة التنفيذية.