دعت البحرين لتخصيص يوم عالمي يجتمع فيه قادة العالم لمكافحة الإرهاب وتطويقه والحد من انتشاره، بينما أكد نائب رئيس الوزراء الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة، أن البحرين تقف صفاً واحداً مع تونس، لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لحماية أمنها من أخطار إرهابية تهدد استقرارها.
وقال خالد بن عبدالله لدى مشاركته نيابة عن صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، في المسيرة الدولية لمناهضة للإرهاب في تونس أمس تحت شعار «بوحدتنا ننتصر على الإرهاب» وتقدمها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي «جئنا من البحرين إلى تونس الشقيقة حاملين معنا رسالة ملك رحيم وشعب متسامح طالما عرفا بدعوتهما للسلام ونبذهما للعنف والإرهاب، واتخاذهما الحوار منهجاً في الحياة، بهدف تجنب اتباع أية حلول أخرى، من شأنها أن تزهق الأرواح وتسفك دماء الضحايا الأبرياء وتدمر الممتلكات العامة والخاصة».
وأضاف خلال مشاركته عدداً من زعماء الدول ورؤساء الحكومات وممثليهم من مختلف أنحاء العالم، في مسيرة أعقبت العمل الإرهابي الآثم في متحف باردو الأسبوع الماضي وسقط إثره عشرات القتلى والجرحى، أن البحرين مؤمنة تماماً أن السلام قيمة إنسانية سامية، ولابد من نشرها وإحلالها في العالم أجمع لما فيه خير وصالح البشرية.
ونقل الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة لدى لقائه الرئيس التونسي بمجلس النواب التونسي حيث انطلقت المسيرة الرسمية الخاصة برؤساء الدول المشاركة، صادق تعازي ومواساة جلالة الملك المفدى وحكومة البحرين وشعبها، جراء عمل إرهابي جبان استهدف ترويع الآمنين وإثارة الفتنة في أوساط الشعب التونسي الشقيق.
وأعرب عن شكره وتقديره للرئيس التونسي على توجيه الدعوة للبحرين للمشاركة في هذه المسيرة الدولية، ما يبرهن على ما وصلت إليه العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين من مستوى متقدم على صعيد التنسيق والعمل المشترك، مؤكداً تضامن البحرين التام مع كافة خطوات تونس المتخذة لحماية أمنها واستقرارها الداخلي.
أشاد نائب رئيـس الوزراء باللقاء بيــن جلالـــة الملك المفــدى والرئيس التونسي في مقر إقامة جلالته بمنتجع شرم الشيخ في إطار مشاركته بالقمة العربية، وتأكيده حرص البحرين على تقوية العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، وسبل تطورها وازدهارها بما يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين، والتأكيد على ما يربط البلدين من علاقات الأخوة والتضامن العربي، وأهمية العمل العربي المشترك، ودعم الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب بكافة أشكاله على نحو يرسخ الأمن والاستقرار بالمنطقة العربية.
وقال خالد بن عبدالله «تدعو البحرين العالم بأسره إلى تخصيص يوم عالمي لمكافحة الإرهاب، يجتمع فيه قادة الدول ورؤساء الحكومات في دول باتت تعاني من ويلات العنف والإرهاب، بما يؤكد إصرار العالم على رفضه لهذه الأعمال المنبوذة لما تشكله من مخاطر تهدد الأمن والسلم الأهليين للمجتمع الدولي، عبر اتخاذ الإجراءات اللازمة لتطويقه والحد من انتشاره، ووقف التلاعب بأرواح الآمنين في كل مكان تحت راية الدين».
وأضاف «لا دين يدعو أتباعه إلى القتل والدمار باسمه، بل على العكس جاءت الأديان متممة لمكارم الأخلاق وداعية للسلام وناظمة للعلاقات بين البشر».
وأعرب عن بالغ أسفه لما آلت إليه المنطقة من تجاذبات على أساس ديني، وما نتج عنه من تعصب فكري وتشدد مذهبي، ونشوء ولاءات واهية مزعومة لا تنتمي للوطن، وتدعو إلى الانكفاء على ذاتها واعتبار المخالف لها عدواً لدوداً واجب المحاربة والقتال.
وأوضح أن الأعمال الإرهابية مثلما هي غريبة على المجتمع التونسي، هي غريبة على المجتمع البحريني، مستدركاً «البحرين حينما استشعرت خطراً يداهمها داخلياً معززاً بمطامع خارجية محيطة بها، سارعت لسن تشريعات لحمايتها أمنها واستقرار مجتمعها، بينها قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية المصدق من العاهل المفدى وأقره مجلسا النواب والشورى عام 2006».
وعد هذا القانون المنسجم مع الاتفاقات والتعهدات الدولية الملتزمة بها البحرين، أحد أكثر القوانين مواكبة لمنع الجريمة ومكافحة كافة الأشكال المتطورة للإرهاب، بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المملكة وأمنها للخطر، أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو أمن المجتمع الدولي.
وأعلن خالد بن عبدالله تضامن البحرين الكامل ومشاطرتها تونس ودعمها لإجرائها المتمثل في مصادقة حكومتها قبل أيام على مشروع بقانون بشأن مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال، والمندرج في إطار تطوير المنظومة القانونية المتصلة بمحاربة الظاهرة الإرهابية والتصدي لمختلف العوامل المساعدة على وجودها، وخاصة العامل المتعلق بمصادر التمويل.
وشهدت العاصمة التونسية أمس مسيرتين الأولى شعبية والثانية خاصة بضيوف تونس من وفود رسمية لرؤساء الدول والحكومات أو ممثليهم، وانطلقت المسيرة الشعبية قبيل الظهر من حي باب سعدون، والتحمت بالمسيرة الثانية الخاصة بالضيوف المنطلقة من مجلس النواب بعد منتصف النهار.
بعدها توجهت المسيرة إلى مدخل متحف باردو، حيث جرى تدشين نصب تذكاري لضحايا العملية الإرهابية الأخيرة، فيما تفقد رؤساء الوفود المشاركة متحف باردو وما تعرض له من عمل مشين.
وكانت تونس تعرضت لعمل إرهابي يوم 18 مارس الجاري، تمثل باستهداف زوار متحف باردو غرب العاصمة التونسية، وبلغت حصيلة ضحاياه 23 قتيلاً وحوالي 50 جريحاً.
وسارعت قيادة وحكومة البحرين إلى شجب هذا العمل، وتقديم تعازيها للقيادة والحكومة والشعب التونسي الشقيق، بينما أدانت وزارة الخارجية وبشدة الهجوم الإرهابي، مؤكدة أنه عمل جبان يستهدف عرقلة جهود حثيثة تبذلها تونس لتعزيز أمنها واستقرارها.
وخلال اجتماعه مع رئيس وزراء تونس السيد الحبيب الصيد الذي تقدم مودعيه لدى مغادرته مطار تونس قرطاج الدولي، أكد الشيخ خالد بن عبدالله أن «تونس جزء لا يتجزأ من الوطن العربي بأسره وأمنها مهم بالنسبة إلى هذه المنطقة التي تشهد في هذه الأوقات الصعبة ظروفاً عصيبة جعلت من بعض دولها تنصرف عن تحقيق التنمية المستدامة المرجوة وتلبية المتطلبات الأساسية لمواطنيها إلى الانشغال بالأوضاع الأمنية».
وشدد خالد بن عبدالله على ضرورة «إعادة الأمور إلى نصابها ولم الشمل والوحدة الوطنية»، مشيراً إلى أن «الأعمال الإرهابية تخلف شرخاً في النسيج المجتمعي في كثير من الأحيان لركون جماعاتها إلى اصطفافات دينية ومذهبية وإيديولوجية متشددة لا تعترف بالوطن بوصفه كياناً جامعاً، بل بما تؤمن به وحدها ووحدها فقط، حيث لا مكان عندها للمخالف».
ونقل نائب رئيس الوزراء إلى السيد الصيد خلال لقائهما بالجناح الرئاسي في المطار قبيل المغادرة تحيات قيادة وشعب البحرين وتعازيهم الخالصة إثر الحادث الإرهابي الأليم الذي تعرض له متحف باردو في وقت سابق من الأسبوع الماضي وراح ضحيته عشرات القتلى والجرحى الأبرياء.
وأعرب خالد بن عبدالله لرئيس الوزراء التونسي عن «أمنيات البحرين الصادقة في أن تشهد تونس برئاسة السيد الباجي قائد السبسي مزيداً من النمو والازدهار»، مؤكداً أن «الإرهاب لا دين له ولا هوية، وهو خطر يتهدد أمن واستقرار الشعوب العربية جمعاء».
وأكد ضرورة أن «لا تثني مثل هذه الأعمال الجبانة إصرار القيادة في البلد الشقيق على مواصلة العمل على تحقيق مزيد من المكتسبات التي نالها الشعب التونسي، والعمل في الآن نفسه على قطع كافة السبل التي تساهم في تغلل تلك الأفكار المتطرفة البغيضة في مجتمعاتنا الآمنة».
وأشار خالد بن عبدالله إلى أن «العالم وقف وقفة شجاعة لمناصرة تونس في مسيرتها (بوحدتنا ننتصر على الإرهاب) وشجب حادثة باردو التي لن تزيد الجمهورية الشقيقة إلا كل القوة والعزم على المضي قدماً في مساعيها لمكافحة الإرهاب ونبذ العنف وبمساندة دولية».
ولفت إلى أن «تونس نجحت في كسب التأييد والتضامن معها عبر إشراك العالم ليس في فيما بعثه هذا التجمع الحاشد من رسالة مفادها أن تونس بلد يحتضن السلام وأن شعبها ينبذ هذه الأعمال الغريبة على شعبه المسالم المطمئن، بل في جعل هذه الحادثة الجبانة قضية يتبناها ويشجبها ويدينها الجميع».
وجرت للشيخ خالد بن عبدالله مراسم وداع رسمية، حيث اصطف حرس الشرف الرئاسي لتوديعه.