لوزان - (وكالات): بدا أمس أن تسوية ترتسم في أفق المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني وفق دبلوماسيين غربيين، لكن مفاوضاً إيرانياً كبيراً أكد عدم التوصل إلى أي اتفاق وأن هناك مسائل «لاتزال تتطلب حلاً».
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجه في وقت سابق تحذيراً شديد اللهجة من «اتفاق خطير» يجري التباحث حوله بين إيران والقوى الكبرى في لوزان بسويسرا.
وقال نتنياهو في تصريحات نقلتها الإذاعة الإسرائيلية العامة إن «الاتفاق الخطر الذي يتم التفاوض عليه في لوزان يؤكد كافة مخاوفنا وأكثر من ذلك».
وأضاف «محور إيران - لوزان - اليمن خطير جداً بالنسبة للبشرية ويجب التصدي له وإيقافه».
وإسرائيل التي يعتقد أنها تملك السلاح النووي بشكل غير معلن، تعرب عن قلقها باستمرار من الاتفاق الذي يجري التفاوض حوله بين القوى الكبرى وإيران معتبرة أنه لن يمنع طهران من امتلاك القنبلة الذرية.
وفي لوزان، بدا أن إحدى النقاط التي تم التفاهم في شأنها تتصل بعدد أجهزة الطرد المركزي التي تتيح تخصيب اليورانيوم والتي وافقت إيران على خفضها إلى 6 آلاف وربما أقل من ذلك، بحسب مصدر غربي. وتملك إيران حالياً نحو 19 ألف جهاز تشغل نصفها.
من جهة أخرى، يبدو أن طهران وافقت على تصدير كامل مخزونها من اليورانيوم الضعيف التخصيب أو جزء منه والذي يقدر بنحو 8 آلاف طن. لكن مصادر إيرانية اعتبرت أن هذه المعلومات «تكهنات صحافية».
وأوضح دبلوماسي آخر أن موقع فوردو تحت الأرض المجاور لمدينة قم سيتوقف عن تخصيب اليورانيوم، ملمحاً إلى أن الموقع قد يستمر لأغراض أخرى.
لكن دبلوماسيين آخرين لاحظوا أن هذه التسوية ليست نهائية والأمور قد تتغير.
غير أن مفاوضاً إيرانياً كبيراً نفى هذه المعلومات في شكل قاطع، وقال «لم يتم التوصل إلى أي اتفاق وهناك مسائل عالقة لاتزال تتطلب حلاً. بدل محاولة إشاعة هذا المناخ، على الأطراف المعنيين أن يتخلوا عن مطالبهم المبالغ فيها ويتخذوا قراراً استراتيجياً ويقولوا إذا كانوا يريدون الاتفاق أو الضغط».
وقال دبلوماسي إيراني في وقت سابق إن «تفاصيل المفاوضات هي داخل قاعة التفاوض ولا يسمح لأحد بتسريبها إلى الخارج».
وتدارك «لكن قواعد المفاوضات تبقى احتفاظنا بالتخصيب وامتلاكنا عدداً كبيراً من أجهزة الطرد المركزي وعدم إغلاق أي موقع وخصوصاً موقع فوردو».
وقضية تخصيب اليورانيوم في صلب الملف النووي الإيراني. فالقوى الكبرى تريد التأكد من عدم حيازة إيران قنبلة نووية عبر الحد من أنشطتها النووية في شكل كبير، مقابل رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها.
ورفع العقوبات وقضية البحث والتطوير في المجال النووي هما الموضوعان الرئيسان اللذان مازالا يطرحان مشكلة حتى الآن، كما أكد دبلوماسيون إيرانيون وغربيون.
وتطالب إيران برفع كامل للعقوبات الدولية المفروضة عليها وخصوصاً الإجراءات التي أقرتها الأمم المتحدة، بينما تريد الدول الغربية أن يتم ذلك تدريجياً.
كما تصر طهران على أن تتمتع بإمكانية البحث والتطوير في القطاع النووي وخصوصاً لتتمكن من استخدام أجهزة للطرد المركزي أحدث وأقوى من أجل تخصيب اليورانيوم في الوقت المناسب.
لكن الدول الغربية وإسرائيل ترى أن تطوير أجهزة الطرد المركزي سيسمح لإيران بتقليص الوقت اللازم لإنتاج كميات من اليورانيوم المخصب كافية لإنتاج قنبلة ذرية.
ويبدو أن ثمة خلافاً بين الطرفين حول الفترة الزمنية التي لا تستطيع فيها إيران استخدام أجهزة طرد أكثر تطوراً. في هذا الوقت، تتواصل المفاوضات الشاقة في لوزان.
وباستثناء الوزيرين الروسي سيرغي لافروف والبريطاني فيليب هاموند اللذين ينتظر وصولهما في وقت لاحق اليوم، فإن وزراء خارجية الدول الأخرى في مجموعة 5 + 1 كانوا موجودين في المدينة السويسرية.
وآخر الواصلين كان وزير خارجية الصين وانغ يي الذي حضر إلى القصر المطل على بحيرة ليمان حيث تجري كل المحادثات. وقال الوزير الفرنسي لوران فابيوس «لايزال هناك عمل كثير للقيام به».
وعلى غرار الأمريكي جون كيري والألماني فرانك فالتر شتاينماير، قرر فابيوس تغيير جدول أعماله للبقاء في لوزان. وقال مصدر إيراني «إذا تمكنا من تسوية المشاكل المتبقية اليوم أو بحلول يومين أو ثلاثة، فسنتمكن من البدء بصياغة نص. لكن في الوقت الراهن نحن لانزال نتباحث».
والموعد المحدد للتوصل إلى اتفاق نهائي يشمل كل الملحقات التقنية لهذا الملف المعقد، هو 30 يونيو المقبل لكن نهاية مارس الجاري تشكل «مرحلة بالغة الأهمية» تتيح استمرار المفاوضات وفق عدد كبير من الدبلوماسيين.
ولا أحد يعرف بعد الشكل الذي سيتخذه هذا التفاهم، في حال تم التوصل إليه. هل سيكون «لائحة» من الثوابت التي تطال النقاط في صلب التفاوض؟ وهل سيكون وثيقة غير معلنة وغير موقعة لكنها تحدد بشكل دقيق الأهداف التي يجب بلوغها؟ وقال مصدر إيراني إن التفاهم قد «يأخذ شكل إعلان يدلي به كل الأطراف».
وقال علي واعظ الخبير في المركز الفكري مجموعة الأزمات الدولية «أعتقد أن الخيار المرجح هو أن يقدموا إعلاناً ويقولوا إنه تم التوصل إلى اتفاق حول النقاط الأساسية وإنهم سيمضون الأشهر الثلاثة المقبلة في كتابة مسودة هذا الاتفاق وخطة تنفيذه».