^ لم يُعد اليوم الحديث عن أن هناك ممن ينتسب للإسلام ينتقص من الصحابة ويطعن فيهم ويقلل من قدرهم بل يتطاول على كبارهم ضرب من الخيال، ولا يمكننا أن نقول بأنهم فئةٌ طوت عليها صفحات الزمن وغابت بين صفحات التاريخ، بل هم اليوم بيننا نسمع كلامهم ونراقب سلوكهم، بل نتأذى من أقوالهم وأفعالهم. الصحابة الذين زكاهم الله في كتابه وأعلى من قدرهم، ورضي عنهم، ووصفهم بأحسن الصفات (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود... الآية)، وامتدح الله المهاجرين الذين أخرجوا قسراً من ديارهم وتركوا أموالهم ابتغاء لرضوان الله ونصرة دينه، والأنصار الذين أحبوا من قدم إليهم واستقبلوهم بقلوب مفتوحة نقية، وقد قال صلى الله عليه وسلم في مدح الصحابة: “خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم”، وهذه الشهادة بالخيرية مؤكدة لشهادة رب البريّة: (كنتم خير أمة أخرجت للناس)، وقال صلى الله عليه وسلم: يا ابن الخطاب وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم”. ثم بعد هذا كله وغيره من النصوص يأتي ممن لم يبلغ معشار ما بلغوه من الفضل ونقاوة الصدر لينتقص من قدرهم، ويسبهم، ويثير القلوب عليهم، ويتخذ كل الوسائل للطعن فيهم، ويتتبع النصوص فيترك المحكم الذي يدل على مكانتهم ويتعلق بالمتشابه والنصوص الموهمة، وذلك للوصول إلى أغراضه النفسية الخبيثة، وهو بذلك لم يتصف بما وصفه الله به عباده في كتابه (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان)، ولم يلتزم بما أمره نبيه في سنته: “لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم و لا نصفيه “، قال ابن مسعود رضي الله عنه قال: “إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه وابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه صلى الله عليه وسلم يقاتلون عن دينه”. إذن بعد هذا لماذا الطعن في الصحابة؟! الطعن في الصحابة يَنُم عن حقد دفين في نفوس مريضة، فالقدح في الصحابة ليس قدحاً فيهم فقط بل هو قدح بالنبي صلى الله عليه وسلم وفي شريعته، فكيف يكون حواريّ النبي وخلفاؤه وأمناؤه شر الخلق، وهو تكذيب له في بيان فضلهم. إن الطعن فيهم طعن في شريعة الله فهم الواسطة بيننا وبين النبي صلى الله عليه وسلم شهدوا التنزيل وعرفوا التأويل، فإن أسقطت عدالتهم فلا يثبت عندنا نقل لا من كتاب ولا سنة، لذلك لابد أن تنص القوانين على عقوبات أقسى في حث من يتجرأ على النيل منهم أو انتقاصهم