^ مؤسسة راند الأمريكية البحثية المتخصصة عندما قدمت دراستها الشهيرة لمكتب وزير الدفاع الأمريكي دعت إلى دعم الجماعات والقوى السياسية الإصلاحية في العالم العربي من قبل الحكومة الأمريكية بشكل غير مباشر ومن خلال منظمات غير حكومية. ولذلك نرى الاهتمام بل والهوس الأمريكي بدعم مؤسسات المجتمع المدني من خلال الصندوق الوطني للديمقراطية الذي ساهم بتمويل الجمعيات في البحرين بمبلغ قارب نصف المليون دولار خلال فترة قياسية. كما تثبت العديد من الوثائق الرسمية الأمريكية أن هناك اهتماماً بإقامة علاقات مع جمعيات سياسية محددة دون غيرها، ولذلك أعلنت الخارجية الأمريكية في العام 2006 أنها تمكنت من التأثير على عدد من الجمعيات السياسية وأقنعتها من خلال سفيرها في المنامة بضرورة المشاركة في العملية السياسية وإنهاء حالة المقاطعة للانتخابات التشريعية التي استمرت من العام 2002 وحتى العام 2006. واللافت أن التوصية لم تحدد من هي القوى السياسية الإصلاحية، وبالتالي تظل هذه القوى مجهولة إلى أن تحدد واشنطن هويتها، وتختار القوى السياسية التي يمكن أن تكون إصلاحية سواءً كانت من هذا التيار أو ذاك. وهو ما يعطينا تفسيراً عن سبب التغيّر المفاجئ في العلاقات والنظرة الأمريكية تجاه الإسلاميين في العالم العربي قبل الربيع العربي التي كانت قائمة على العداء، واختلافها الآن وتحولها إلى علاقات صداقة وود. نلاحظ التمويل والدعم السياسي هنا، وهي تعطينا قناعة بأن التوصية التي قدمتها مؤسسة راند للأبحاث تم تطبيقها بدقة من قبل الإدارة الأمريكية، ومازالت. في هذه التوصية تم إقرار الآتي: “ممارسة الضغوط على الأنظمة الاستبدادية العربية عبر وسائل الإعلام للاستجابة إلى الإصلاحات”. هذا نص من التوصية الثانية التي قدمتها مؤسسة راند، وهي تعطينا فهماً ومبرراً كافياً لأن نفهم سبب الاهتمام الأمريكي بإنشاء قناة الحرة، وتأسيس مجلة شبابية يتم توزيعها على مئات الآلاف من الشباب العربي، وحتى البحريني بالمجان من خلال البريد! واشنطن استطاعت استغلال الإعلام جيداً خلال أزمة البحرين، وخلال الربيع العربي كانت الهجمة الإعلامية قوية بهدف إحداث حالة من حالات الضغط السياسي الدولي على الدولة البحرينية. ولذلك كانت معظم وكالات الأنباء والفضائيات الإخبارية الدولية والصحف وغيرها تتحدث بطريقة سلبية عن الأحداث في المنامة. وأذكر خلال فبراير 2011 عندما زرت المركز الإعلامي الأمريكي لقارة أوروبا في العاصمة البلجيكية بروكسيل كانت مديرة المركز تتحدث عن قدرة المركز في تغيير اتجاهات وسائل الإعلام الأوروبية خلال أقل من ساعة بفضل شبكة واسعة من العلاقات مع الأفراد والمؤسسات الذين يملكون القدرة على التأثير في اتجاهات الرأي العام.