دبي - (وكالات): يأتي قرار السعودية تشكيل تحالف عربي لدعم الشرعية في اليمن ضد المتمردين الحوثيين نتيجة قلقها إزاء التقارب بين واشنطن وطهران، ولإنقاذ اليمن من براثن طهران.
وكان الحوثيون الذين تدعمهم إيران بالسلاح يقتربون من السيطرة على معظم أراضي اليمن عندما أرسلت السعودية طائراتها إلى جارتها الجنوبية التي تتشارك معها حدوداً بطول 1800 كم.
وقال انوش احتشامي خبير الشؤون الإيرانية والخليجية في جامعة دور هام إن «عدم الاكتراث الأمريكي بقلق السعودية واهتمام واشنطن المتزايد بإيران» بين الأسباب التي دفعت الرياض إلى التحرك. وبدأت الحملة الجوية الأسبوع الماضي مع دخول المفاوضات النووية بين إيران والغرب مرحلة حاسمة. وأضاف احتشامي «كلما تقدمت المحادثات النووية أصبحت السعودية أكثر قلقاً حيال عدم اهتمام أمريكا بما يحدث في العالم العربي وتركيزها على إيران». ويأتي التدخل في اليمن عقب مناشدات عدة وجهها الرئيس عبدربه منصور هادي بينما كان الحوثيون والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح تقترب من الإطباق على عدن. وندد هادي الذي لجأ إلى السعودية بالحوثيين. وقال وزير خارجية السعودية الأمير سعود الفيصل إن أمن اليمن «جزء لا يتجزأ» من أمن بلاده والعالم العربي. والحوثيون ليسوا قوة جديدة في اليمن حيث خاضوا 6 حروب مع السلطة المركزية خلال عقد من الزمن. كما خاضوا معارك مع السعودية بين عامي 2009 و2010. وقد هزم الحوثيون عدداً من القبائل خلال أشهر من المعارك قبل اجتياحهم العاصمة صنعاء في سبتمبر الماضي لكن رد فعل السعودية آنذاك لم يتجاوز الإدانة.
وأدى احتمال سيطرة الحوثيين على أقصى الطرف الجنوبي لشبه الجزيرة العربية ومضيق باب المندب الاستراتيجي إلى قيام السعودية بتشكيل التحالف العربي لإنقاذ اليمن من براثن طهران والحوثيين.
وقال حسن براري أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قطر «توصلت السعودية إلى نتيجة صعبة مفادها أن أحداً لن يأتي لنجدتها إذا تمكنت إيران من اتخاذ موطئ قدم لها في اليمن وتأسيس حزب الله يمني نوعاً ما (...) وممارسة دبلوماسية الضغط». وأضاف أن السعودية تشعر «بخيبة أمل» إزاء «فك الارتباط الأمريكي بالمنطقة». كما أشار إلى النزاع المستمر منذ 4 أعوام في سوريا حيث تشعر دول الخليج أن واشنطن لا تريد المساعدة في إسقاط الرئيس بشار الأسد.
بدورها، قالت جاين كيننمونت نائبة رئيس دائرة الشرق الأوسط وأفريقيا في معهد تشاتم هاوس للأبحاث في لندن إن «السعودية تعتبر أن الحوثيين ليسوا أكثر من عملاء لإيران وترغب في بعث رسالة واضحة إلى طهران أنها تواجه صداً قوياً من القوى الإقليمية».
والتدخل العسكري غير المنتظر يؤكد أن خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز مستعد لاتخاذ إجراءات جذرية من أجل حماية مصالح بلاده. وقال احتشامي إن «السعودية لم تعد تكتفي بالتحرك الوقائي». وأضاف أن «المفهوم التقليدي بأن السعودية حذرة وتعمل من وراء الكواليس أصبح من الماضي أكثر فأكثر فهي حالياً من الدول التي تستبق الأمور في المنطقة». وشكلت الرياض أكبر تحالف عربي لمحاربة الحوثيين يضم معظم دول الخليج والأردن والمغرب والسودان ومصر.
كما أن هذا التحالف يعمل بعيداً عن وصاية واشنطن أو حلف شمال الأطلسي. لكن مسؤولاً خليجياً أكد أن المشاركين يرغبون في تغطية دولية لتحركهم.
وقال المسؤول «نعمل من أجل إصدار قرار من الأمم المتحدة كما حدث بالنسبة لمالي، أي ما بعد التحرك». لكن براري قال إنه «تحالف قائم على أقل ما يمكن من الأرضية المشتركة» مشيراً إلى أن «هذه الدول لديها خلافات لكنها تزيحها جانباً عندما يتعلق الأمر بإيران». وأوضح احتشامي أن الأنظمة الملكية العربية ومصر يمكن أن تشكل «كتلة تستمر طويلاً قد تضم تركيا وباكستان كدول سنية مجاورة للمحور العربي». أكد في هذا السياق أن الرياض وأنقرة وضعتا جانباً «مواقفهما المختلفة» حيال جماعة الإخوان المسلمين في مصر و»تعملان عن كثب» لإسقاط الأسد ومحاربة نفوذ إيران في العراق.
في غضون ذلك، تبقى أمام إيران خيارات قليلة بعيداً عن التنديد.
وقالت كيننمونت إن «إيران ربما لا تريد تخريب المفاوضات النووية من أجل اليمن البلد الذي لا يعد محورياً بالنسبة للمصالح الإيرانية».
كما قال احشتامي إن طهران ستواصل استراتيجية تقليدية مستخدمة وكلاء لكسب مزيد من النفوذ، مشيراً إلى أن «الحوثيين هم الذارع الأفضل بالنسبة لها».