صنعاء - (الجزيرة نت): تستميت ميليشيات جماعة الحوثي وحليفها الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح من أجل الدخول إلى مدينة عدن الجنوبية والسيطرة عليها، رغم مضي أكثر من أسبوع على عملية عاصفة الحزم التي تساند اللجان الشعبية وأبناء المدينة في حماية العاصمة المؤقتة للبلاد من السقوط بيد الانقلابيين.
وبقدر السهولة المفاجئة التي سقطت بها العاصمة اليمنية صنعاء بيد جماعة الحوثيين قبل شهور بقدر استعصاء مدينة عدن العاصمة المؤقتة الحالية للبلاد عليهم وعلى حليفهم الرئيس المخلوع، رغم إصرارهما على إخضاعها لما لها من رمزية سياسية. وعلى الرغم من كثافة العمليات الجوية التي تستهدف الأرتال العسكرية للحوثيين، وضرب القواعد الجوية ومواقع الصواريخ الاستراتيجية ومخازن السلاح في صنعاء ومحيطها وعدة محافظات يمنية، فإن اندفاع القوات المعادية لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي يبدو انتحارياً حيث تتكبد خسائر كبيرة في المعدات والأفراد. ويقول المحلل السياسي رشاد الشرعبي - الذي كان عالقاً في المدينة بسبب هجوم الحوثيين وقوات صالح عليها من 3 محاور - إن إصرار الانقلابيين على دخول عدن «بهذه الصورة الكارثية يؤكد سعيهم لفرض حقائق على الواقع واستكمال سيطرتهم على كافة أراضي اليمن ضمن إجراءاتهم الانقلابية المستمرة منذ 21 سبتمبر 2014».
وأرجع الشرعبي «استماتة الحوثيين وقوات صالح لاقتحام عدن إلى سعيهم من أجل الشرعية التي يمثلها الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي احتجزوه في منزله بصنعاء قبل أن ينجح في الفرار منهم، ثم لاحقوه في عدن ويريدون بعد أن غادرها أن يستمروا في ملاحقة هذه الشرعية والقضاء عليها». وأضاف «هم يعتقدون أنهم سيخوضون حوارات سياسية ومفاوضات للحل ولكن بعد أن يكون الواقع متغيراً بالميدان باستكمال السيطرة على بقية مدن الجنوب والوسط والشرق، وحينما تسقط عدن سترضخ لهم حضرموت والمهرة وسقطرى وستصبح مأرب في قبضة حصار خانق لقواتهم». ورجح الشرعبي أن تكون «رغبة الانتقام لدى المخلوع صالح من عدن وأبناء الجنوب بمن فيهم الرئيس هادي ومقربون منه، تتحكم بهوسه الجنوني باقتحام عدن وكسر شوكة أهلها المقاومة والرافضة لانقلابهم على الشرعية». من جانبه، يرى الكاتب صادق الروحاني أن استماتة الحوثيين وصالح في محاولة اقتحام عدن «تعود لما لمدينة عدن من رمزية سياسية، فهي العاصمة المؤقتة لليمن الآن بعد احتلال صنعاء، وهي وفقاً للدستور اليمني العاصمة الاقتصادية والصيفية للبلاد، بينما صنعاء هي العاصمة السياسية والشتوية، فالسيطرة على العاصمتين يعني أن الشرعية باتت بيدهم بعد فرضهم سلطة الأمر الواقع بالقوة المسلحة».
ويرى الروحاني أن صالح «يريد تكرار سيناريو حرب صيف 1994، حيث كانت التحذيرات له تفيد بأن عدن خط أحمر، وكانت الضغوط كبيرة عليه، ولكنه كان يعمل على حسم الموقف سريعاً، وفعلاً تم حسم المعركة ميدانياً ودخلت قواته عدن، ووضع الإقليم والعالم أمام الأمر الواقع، فاعترف العالم بالواقع الجديد، والآن لدى صالح والحوثي هذا التفكير وهذه الاستراتيجية لذلك يستميتون في دخول عدن رغم أن الأمر والظروف مختلفة جذرياً».
وأشار الروحاني إلى «هدف آخر وراء إصرار صالح والحوثي على اقتحام عدن والسيطرة عليها، وهو أنهم يرون أن الرئيس هادي قدم استقالته، وبذلك انتهت شرعيته، وبالتالي فقد أصبح هادي من الماضي كما يطمحون ويرغبون، ولذلك يجب السيطرة على المدينة وإخضاعها بالقوة».
واعتبر المحامي خالد الآنسي الناشط في الثورة اليمنية عدن «عنواناً للشرعية والوحدة، وصنعاء عاصمة التمرد والانفصال». وقال في تصريحات صحافية «إن عدن اليوم برمزيتها السياسية والشعبية هي المشروع الأكبر لكل اليمنيين، وأبناؤها اليوم يقاتلون لأجل الحرية، في حين أن من يحاولون إسقاطها من ميليشيا الحوثي وقوات صالح هم المشروع الطائفي ويقاتلون لأجل العبودية والاستبداد».