^ أشارت بعض التقارير والتحليلات الإعلامية مؤخراً إلى وجود علاقة ما بين قيام الكيان الإسرائيلي بتوجيه ضرباته الوحشية على غزة مؤخراً، وبين قيام حركة المقاومة الإسلامية “حماس” بفك ارتباطها مع الحليف الإيراني والسوري، وفسر البعض الضربات الإسرائيلية بأنها تدبير إيراني للانتقام من حماس التي نقلت مقرها من دمشق، ووقفت مع المقاومة السورية ضد نظام بشار الأسد، من خلال إعلان إسماعيل هنية خلال خطبته في الجامع الأزهر حيث قال “تحية إلى الشعب السوري البطل الذي يسعى إلى الحرية والديمقراطية “ وذلك في جمعة إنقاذ الأقصى ونصرة الشعب السوري في 24 من فبراير الماضي. والواقع أن الربط بين العدوان الإسرائيلي على غزة وبين الانتقام الإيراني من حماس يحتاج لمزيد من المناقشة للأسباب التالية: أولاً: يصور هذا الربط إيران وكأنها قادرة على التحكم في أطراف الصراع ومعادلاته في منطقة الشرق الأوسط، وأنها ليس فقط تستخدم بعض الأطراف والأحزاب العربية، وبعض النشطاء في مجال حقوق الإنسان، بل إن لديها القدرة على استخدام إسرائيل نفسها لتحقيق أهدافها، بالرغم من أن الواقع يقول بأن إيران دولة محاصرة دبلوماسياً، وتعاني من أزمة اقتصادية طاحنة بعد عدد من العقوبات على المؤسسات الاقتصادية بها، وبعد تراجع العملة الإيرانية لمستويات قياسية في الشهور الماضية. ثانياً: إن العدوان الإسرائيلي السافر على غزة لم يفرق بين “جهادي” أو “حمساوي”، كما لم يفرق بين شيخ وطفل، ولا بين رجل وامرأة، بالرغم من التصريحات الإسرائيلية باستهداف خلية تابعة لحركة الجهاد الإسلامي، كما إن طبيعة الكيان الإسرائيلي الغدر، وليس بحاجة إلى ضغط من إيران ولا من غيرها. ثالثاً: إنه على افتراض أن إيران بإمكانها أن تبدأ صراعاً في فلسطين بين الحركات الفلسطينية وإسرائيل، لكنها لا تستطيع التحكم في مسارها، ولا يمكنها التنبؤ بغايتها، كما إن سؤالاً بالإمكان طرحه: هل يمكن لإيران بالفعل تحقيق أهدافها بالتغطية الإعلامية على الثورة السورية، من خلال سحب البساط الإعلامي منها، لتحتل القضية الفلسطينية الواجهة السياسية والإعلامية، وتتوارى أحداث سوريا بما يمكن نظام الأسد من ممارسة المزيد من القمع لتصفية الثورة، لكن إيران تدرك جيداً -على افتراض صحة التحليل- أن صراعاً مع إسرائيل في هذا التوقيت تصعب محاصرته، وقد يعود بانتكاسة قوية على ما كان يسمى بـ«محور الممانعة”،! المتمثل في حزب الله البناني ونظام الأسد في سوريا. رابعاً: أعتقد أن الصراعات التي تديرها إيران خارج حدودها ما هي إلا محاولات تنفيس يائسة عن الضغوط الداخلية، والتي تنبع من العامل الاقتصادي بالأساس، والضغوط الدولية الناتجة عن أمرين: - الطريقة التي تدير بها إيران ملف الطاقة النووية، والتي لا تروق للقوى الغربية. - الموقف المساند لنظام الأسد باستماتة، وآخرها قافلة الطائرات المحملة بالمساعدات العسكرية والغذائية والتي وصلت إلى الأسد عبر الأجواء العراقية، فيد إيران ملطخة بالدماء السورية، وكل ما تفعله من إثارة للقلاقل هنا أو هناك إنما هو تنفيس عن الإخفاق في انتشال النظام السوري من مستنقع الدم النازف هناك.