^  السفسطة هي قياس مركب من الوهميات الغرض منه إفحام الخصم أو إسكاته، والسفسطائيون ينكرون الحسيات والبديهيات وغيرها، مما أقره المنطق أو قبلته أحوال المجتمع السليم. يقودني هذا التعريف للسفسطة إلى ما يفعله الإعلام الإيراني ضد كل ما هو عربي وعلى وجه الخصوص ضد الشعب العربي في الأحواز. منذ إنشاء قناة “بريس تي في” التي تعتبر أول قناة ناطقة بالإنجليزية كممثلة للدولة الفارسية في الإعلام الدولي حتى يومنا هذا، اتهمت وماتزال هذه القناة تجدد اتهامات طهران ضد الأحوازيين، وتشن هجوماً مستمراً نحو المعارضة الأحوازية في الداخل والمنفى. هذه القناة تربط المعارضة الأحوازية تارة بتنظيم جندالله البلوشستاني وتارة أخرى بالولايات المتحدة وبريطانيا، وربما يوم غد سيتهم أي أحوازي بالعمالة لصالح الكيان الصهيوني. بثت القناة، وذلك قبل أيام قليلة تقريراً مصوراً تحدث به 6 شباب أحوازيين معتقلين على خلفية التظاهر السلمي ومقاطعة الانتخابات البرلمانية الإيرانية التي مضت، وكذلك المطالبة بالحقوق القومية، بما أن سيناريو التقرير المصور الذي تم عرضه على شاشة القناة يحاول أن يتهم هؤلاء الـ6 بارتكاب جرائم لم يرتكبوها بعد حسب جهات حقوقية أحوازية، وكذلك منظمات حقوقية عالمية معروفة بنزاهتها ومهنيتها على مستوى العالم، حاولت الدولة الفارسية “ومن خلال بث التقرير وتحديداً بتزامن مع اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في سنة 2012 بجنيف” أن تترك تأثيراً مباشراً على اجتماع مجلس حقوق الإنسان فيما يتعلق بالأقليات العرقية والدينية وبالتحديد في تطرق هذا الاجتماع إلى الملف الأحوازي. قدم حينها د.أحمد شهيد المقرر الخاص للأمم المتحدة في الاجتماع تقريراً -مجحفاً بحق الشعب العربي الأحوازي، يتضمن الكثير من الانتهاكات الصارخة التي تطال أبناء الشعوب غير الفارسية وتحديداً العرب الأحوازيين-، شهيد يشير في تقريره لبعض نماذج الانتهاك تجاه مواطني الدولة الفارسية ويضيف فقرة عامة وغير واضحة في التقرير حول الأقليات العرقية والدينية. تزامناً مع الحدث، حاولت إيران -ومن خلال بث أفلام مفبركة في تلفزيونها الرسمي الناطق بالإنجليزية- البعث بوفد رفيع المستوى برئاسة جواد لاريجاني أن تترك تأثيراً سلبياً حول التقرير وتحد من مستوى هذه الوثيقة الدولية الهامة التي يوماً ما ستستخدم ضد نظام طهران، خاصة وأن الدولة الفارسية بأسابيع قبل إعداد التقرير قد ارتكب جريمة شنعاء في الأحواز راح ضحيتها اثنان من الأحوازيين على إثر التعذيب الجسدي والنفسي، ناهيك عن الاعتقالات التي طالت العشرات من الأحوازيين وزجهم فيما بعد في سجون مظلمة وسيئة الصيت. ويبدو أن الإعلام الفارسي عبر التقارير المفبركة بث ما يدعى أنها بعض الاعترافات من بعض أسرى أحوازيين يحاول أن يلقي بعض الشك والغموض حول نشاط أبناء الأحواز في المنفى بغية الحد من تحرك هؤلاء في أروقة المؤسسات الدولية، كما تنوي طهران وعبر الإعلام أن تعكس صورة المواطن الأحوازي كإنسان خطير وإرهابي بالفطرة بغية تشويه صورة القضية الأحوازية، وكذلك الشعب الأحوازي كما تسعى القنوات الإيرانية الناطقة باللغات غير الفارسية أن تستقطب المشاهد في الدول الغربية والإسلامية بغية التأثير على الرأي العام الغربي والإسلامي وتوظيف هذا الرأي العام لصالح سياسات طهران الداخلية والخارجية. مؤسسة الإعلام الفارسي تسعى بكل ما لديها من إمكانات أن تقول للعالم الغربي؛ ما يوجد من مؤسسات وأحزاب أحوازية في أوروبا وكندا والولايات المتحدة وكذلك في أستراليا ما هو إلا بضع عدد من المواطنين “الإيرانيين” غير الصالحين والمتمردين على القانون، ولذلك يجب كبح جماح هذه الجماعات ووضع حد لهم.. والخ. في الإطار نفسه تحاول القناة ومن خلال بث الصور المفبركة والتمثيل أن تدغدغ مشاعر المشاهد وتجعله يصدق روايتها، حين تشوه صورة الإنسان العربي الأحوازي المناضل الذي يطالب بحق الحياة والعيش بكرامة في وطنه، وكذلك تشوه التاريخ النضالي في القضية الأحوازية، بغية إصدار الحكم على المفتري عليه عبر كسب مشاعر الناس قبل إقناع عقولهم. عدم استقلالية الإعلام في إيران الشمولية والمعروفة بتوجهاتها العنصرية والضغينة التي تحملها الدولة الفارسية ومواطنوها من الفرس ضد كل ما هو عربي، وكذلك عدم وجود فرصة الرد على أكاذيب الإعلام الفارسي لدى المعارضة، حيث المعارضة الأحوازية لا تمتلك أي وسيلة رد كقناة تلفزيونية وما شابه إلى ذلك، تجعلنا المعارضة الأحوازية في حالة من الإحراج أمام السفسطة الفارسية، الأمر الذي يتطلب فيها التحرك لجلب الحماية الدولية لقضيتنا بغية الدفاع عن الشعب العربي الأحوازي الذي يذبح كل يوم على يد أزلام الدولة الفارسية. يبدو أن ما علينا الآن ما هو إلا أن نوقف السفسطة الفارسية عند حدها حيث طهران تروج في الإعلام الفارسي العربي، والإنجليزي، أن الأحوازيين مواطنون إيرانيون متمردون على القانون، ويبدو أن من واجبنا أن نقول وبصوت عال؛! علينا أن نقول للعالم وبصوت مرتفع أن إيران دولة محتلة لأرضنا، لا نقبل ولا نعترف بأي تعريف آخر لقضيتنا مهما طال الزمن وتعقدت الأمور، لا يمكن ولا يجوز إسكات شعبنا، وإعدام فرص التخلص من العبودية الفارسية بحق الشعب العربي الأحوازي.