عبدالله بن عيسى عاد من رحلة علاجية في لندن بالبارجة «شورم»
الشروقي أول من اكتشف الفرق بين اللؤلؤ الصناعي والطبيعي بالبحرين
خليفة بن سلمان اختار الشروقي عضواً بمجلس المعارف سنة 1957
الشروقي أول من اقترح دورة الخليج الكروية ودرس التحكيم بمانشستر
خطاب الترحيب بمقدم ولي العهد السعودي سنة 1936 كتبه الشروقي
اتحاد كرة القدم رأى النور بجهود محمد بن خليفة والشروقي عام 1952
الخطوط الجوية البريطانية بدأت بالوصول لمطار البحرين عام 1950
كتب ـ علي الشرقاوي:
أول عازف للسلام الأميري سنة 1935، أول من اقترح تنظيم دورة الخليج لكرة القدم، أول من درس التحكيم في مانشستر سنة 1956، أول من ساهم مع محمد بن خليفة آل خليفة في تأسيس اتحاد كرة القدم بالبحرين، وأول من اكتشف الفرق بين اللؤلؤ الصناعي والطبيعي بالمملكة، إنه الشاعر والغواص عبدالله بن خميس الشروقي.
يتحدر عبدالله الشروقي من عائلة آل الشروقي الإماراتية، بعد أن اختارت البحرين سكنى لها وبدعت في أعمال الغوص والتجارة وخوض غمار البحر، ومنها أخذ عبدالله تعاليمه في فنون الغوص والطواشة والنواخذة والاتجار باللؤلؤ.
الصحافي والباحث خالد أبو أحمد، أصدر قبل أسابيع كتاباً جديداً بعنوان «الشاعر الأديب والوجيه عبدالله بن خميس الشروقي»، سلط فيه الضوء على جانب من الحياة الحافلة لهذه الشخصية.
قصة آل الشروقي
تتحدر عائلة آل الشروقي من بادية دبي بالإمارات العربية المتحدة، وكانوا أصحاب سفن كبيرة ولهم سمعتهم في عالم البحر الواسع، واشتهروا بالخبرة والحنكة في العمل البحري، وسفنهم الكبيرة يعرفها القاصي والداني، عملوا في الغوص ولهم سيرة ثرية في هذا المجال.
أنعش آل الشروقي الغوص وتجارة اللؤلؤ في البحرين، وبرعوا في النقل البحري، ومن خلال عملهم في البحر كانوا ينقلون البضائع من مكان لآخر في المنطقة الخليجية كلها، واشتهروا بالخبرة في معرفة البحار والتعامل مع تقلباته، واستأجرهم آل خليفة لنقل أغراضهم من الزبارة إلى البحرين، وبعد أن وصلوا المحرق طلبوا منهم أن يقيموا في البحرين ويعيشوا فيها.
وقال آل خليفة لآل الشروقي «أقيموا في البحرين قد نحتاجكم مرة أخرى»، ففعلوا فأعطوهم قطعة أرض كبيرة في منطقة الحد، حيث مازالوا يعيشون في هذه المنطقة البحرية، وشارك أبناء آل الشروقي في مستقبل الأيام مع الآخرين في نهضة البحرين وتطورها في المجالات المختلفة.
البارجة «شورم»
بتاريخ 23 نوفمبر 1919 شهدت منطقتا المحرق والمنامة، احتفالاً كبيراً وتاريخياً استقبالاً للشيخ عبدالله بن عيسى آل خليفة، عندما جاء من لندن عن طريق بيروت ومنها إلى البصرة ثم البحرين، بعد رحلة علاجية.
وعُرف الشيخ عبدالله بن عيسى بمناكفته ومشاكسته للإنجليز، وعندما انتهى من الفترة العلاجية هناك عاد للبحرين ببارجة عسكرية إنجليزية اسمها «شورم»، وهذه الحادثة كانت مثار حديث لسنوات طويلة، لأن الاحتفال والفرحة بعودة الشيخ عبدالله بن عيسى من رحلة العلاج كان كبيراً وابتهجت المحرق والحد بهذه المناسبة.
من الغياب للحضور
قبل أسابيع أتحفنا الصحافي والباحث خالد أبو أحمد بكتاب جديد عن أحد الشعراء بعنوان «الشاعر الأديب والوجيه عبدالله بن خميس الشروقي»، والكتاب محاولة جادة لتوثيق سيرة الشروقي وأدبه وأسرته وعلاقته بالبحر واللؤلؤ، وطبعته هيئة شؤون الإعلام في 200 صفحة بالصور الملونة والوثائق والقصاصات الصحافية.
يشتمل المؤلف على سرد تاريخي لحياة الشاعر (1913 - 1968)، وإسهاماته الشعرية وخبرته في مجال اللؤلؤ بشكل عام، ومصائد الأسماك، ودوره البارز في حركة التعليم في البحرين، والعمل البلدي، وتطرق الكتاب أيضاً لتاريخ عائلة الشروقي في البحرين، وإسهامات أجدادهم وآبائهم في نهضة البلاد.
وعبر المؤلف عن فرحته وسعادته بصدور كتابه الجديد، وقال إن كتاب الشاعر عبدالله بن خميس الشروقي، تطرق لفترات شهدت فيها البحرين بداية التطور، حيث كان الشروقي عضواً في مجلس المعارف الأول الذي أنشأه صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء في خمسينات من القرن الماضي، وكان عضواً في هيئة الاتحاد الوطني رقم 63، ومرة أخرى اختاره سمو رئيس الوزراء عضواً في بلدية المحرق، وتعيينه من قبل الدولة في منطقة الحد لصرف جوازات السفر لقربه من المواطنين، حيث كان الشاعر الشروقي يتلمس همومهم ويقف على طلباتهم.
ويؤكد الكاتب خالد أبو أحمد أن سعادته بصدور الكتاب، تكمن في أنه اشتمل على العديد من المعلومات والوثائق النادرة لم تنشر قبلاً، وتؤكد ريادة البحرين في مجال اللؤلؤ في استخراجه من أعماق البحر، وتثمينه وفرزه وبيعه في الأسواق العالمية، إذ كانت البحرين تزخر بالخبرات العالمية في هذا المجال، وبمقدمتهم عبدالله الشروقي، وكانت البيوت العريقة في الكويت وقطر تطلبه ليفرز ما لديها من لؤلؤ وتثمينه، وتوكل إليه عملية بيعه كما هو موضح من خلال الوثائق المنشورة في الكتاب.
وأضاف «الكتاب أيضاً يتطرق لشعر عبدالله الشروقي ومساجلاته الشعرية والاجتماعية، ويتضمن عدداً وافراً مما كتبه الشاعر من شعر نبطي ينشر لأول مرة، بينما زخر الكتاب بجانب آخر من إبداعات الإنسان البحريني في مجال صيد السمك، حيث يقدم دراسة بحثية مترجمة للباحث البريطاني روبرت سيرجنت أسهم فيها عبدالله الشروقي، تتحدث عن مصائد الأسماك في البحرين بالتفاصيل الدقيقة، لتعرف القارئ بأنواعها وأشكالها وطريقة صناعتها، ويتحدث عن منطقة الحد وما تزخر به من فنون بحرية متعددة».
وحول مصادر المعلومات الواردة في الكتاب يذكر المؤلف، أن الكتاب يختلف عن كل كتبه السابقة عن البحرين لكثرة وتعدد المصادر والمراجع والتراجم وتنوعها، وعدد الصور والوثائق.
وأردف «اشتملت المراجع على مقابلات توثيقية مع عدد من الأشخاص، واستند على معلومات تاريخية من كتب وبرنامج تلفزيوني أعده تلفزيون البحرين عام 1985، وعلى قصاصات صحافية منشورة في البحرين وخارجها من صحف ومجلات»، مشيراً إلى أن كتاب الشاعر عبدالله الشروقي سيتم تدشينه في احتفالية كبيرة قريباً، ويتوفر للقراء في المكتبات العامة والخاصة.
وصدر للمؤلف عدد من الكتب هي «ملامح وتاريخ العمل الخيري والتطوعي في البحرين- المؤسسة الخيرية الملكية 10 سنوات في ترسيخ الأمن النفسي والاجتماعي.. قصة نجاح النموذج البحريني في التنمية الصناعية.. شاهد على المشروع الإصلاحي في البحرين»، وكتاب يصدر قريباً تحت عنوان «مع النجوم»، وهو عبارة عن حوارات صحافية أجراها الكاتب مع عدد من نجوم السياسة والإعلام.
شيء من سيرة الشروقي
ولد عبدالله بن خميس الشروقي في مدينة الحد عام 1328 هجرية الموافق لعام 1913 ميلادية، ودرس لدى المطوع في صغره حتى حفظ القرآن الكريم وأجاد الكتابة، ثم التحق بمدرسة الهداية الخليفية بالمحرق ثم بمدرسة أهلية بالمنامة.
وكان من أقرانه الأستاذ أحمد العمران أشهر أساتذة البحرين في القرن الماضي، وعبدالله الشروقي مثله مثل الكثيرين من أبناء البحرين آنذاك عمل بالغوص ثم الطواشة، ونظم الكثير من القصائد النبطية الرائعة حتى توفاه الله عام 1968 بمدينة الحد.
وسجل له التاريخ أنه أول من اكتشف الفرق بين اللؤلؤ الصناعي والطبيعي في البحرين، ولإسهاماته العديدة اختاره الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة عضواً في مجلس المعارف المعاد تشكيله في 13 يناير 1957.
ويقول المؤلف إن شخصية الشاعر عبدالله الشروقي ظهرت بشكل أكثر وضوحاً في منتصف الخمسينات من القرن الماضي، حيث تم اختياره عضواً في هيئة الاتحاد الوطني، ومرة أخرى عينه خليفة بن سلمان آل خليفة في بلدية المحرق، كما تم تعيينه من قبل الدولة في منطقة الحد لصرف جوازات السفر للمواطنين.
وفاز الشروقي في انتخابات بلدية الحد ضمن عدد من وجهاء المدينة، وتوفي عام 1968 بعد حياة حافلة بالعطاء المعرفي والفكري والاجتماعي والاقتصادي.
الكتاب مليء بالصور والوثائق تدلل على مكانة الشاعر والأديب والتاجر عبدالله الشروقي، وأهم رجالات ونواخذة عائلة الشروقي، وهو كتاب يستحق القراءة ووضعه بين أمهات الكتب والمراجع البحرينية.
وتنقل الشروقي من أصغر وظيفة حتى وكيل وزارة، وكان يتحمل كل الأعباء تقريباً بدافع القوة والنشاط وهو بمقتبل العمر، وتزامن عمله في سنوات بدأت تتشكل فيها شخصية البحرين، كدولة أثبتت وجودها بجهود أبنائها البررة أمثال الشروقي.
ومن المعروف أن الشروقي من الرعيل الأول في الخدمة المدنية، ساهم في تطوير العمل البلدي والإداري، ممن أفنوا زهرة شبابهم في خدمة البحرين في كافة المجالات دون استثناء، ونجد من خلال هذه المقابلة الصحافية أنه الأول في مواقف كثيرة.
الشروقي أول من عزف السلام الأميري عام 1935، أول من عمل مع الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة في تأسيس الاتحاد البحريني لكرة القدم، وأول من اقترح فكرة دورة الخليج لكرة القدم، وأول من درس التحكيم لكرة القدم في إنجلترا بمعهد مانشستر عام 1956.
خطاب الترحيب بسعود بن عبدالعزيز
يقول عبدالله بن خميس حسب ما نقل الكتاب «إن ما عايشته من أحداث كثيرة ولي فيها مساهمات، أتذكر زيارة ولي العهد السعودي آنذاك سعود بن عبدالعزيز آل سعود للبحرين، كنت حينها ممن كتبوا الخطاب الترحيبي وطبعته على الورق سنة 1936، وكنت ضمن من جهزوا للاحتفال ومستلزماته، كنت في عز الشباب وكلي همة ونشاط وحيوية، وخلال الزيارة كانت البحرين مبتهجة وسعيدة، ما يوضح مدى قوة العلاقة بين البلدين والشعبين الشقيقين».
وعن آلات الباعة في البحرين يضيف الشروقي «كل الإدارات زودها المستشار الإنجليزي بلجريف بالمطابع، هذا الرجل كان داهية، بالمناسبة بلجريف عمل في السودان مستشاراً أمنياً أيام حكم الإنجليز، وبعدها قدم البحرين بعد أن قرأ إعلاناً في إحدى الصحف الإنجليزية آنذاك بحاجة البحرين لمستشار فكانت الوظيفة من صالحه لما له من إمكانات إدارية، أتذكر عندما عمل بلجريف في البحرين كان لديه حرسه الشخصي واسمه عوافي صومالي الجنسية وكان لاعب كرة قدم ماهر، ومحبوباً من الناس».
تأسيس اتحاد الكرة
وينقل الكتاب عن الشروقي قوله في تأسيس اتحاد كرة القدم «في بداية الخمسينات كانت البحرين تتطلع أكثر لمواكبة التطور، وما كنت أدري أن سيكون لي علاقة بهذا المجال رغم أني لعبت كرة القدم، وذات يوم ذهبت للشيخ محمد بن خليفة آل خليفة في مكتبه، كان حينها مديراً للإقامة والجوازات لأتباحث معه في أمر ما، وبعد أن انتهيت من مهمتي قال لي لماذا لا تساعدني في إنشاء اتحاد لكرة القدم في البحرين؟ قلت له ليس لدي مانع وبالفعل تم ذلك».
ويضيف الشروقي «عملت مع الشيخ محمد على تأسيس اتحاد كرة القدم عام 1952، وعينت سكرتيراً لرئيس الاتحاد، ثم نائباً لرئيس اتحاد البحرين لكرة القدم حتى السبعينات، وكانت توكل لي كل المهام الإدارية وأعمال السكرتارية، وكنت أجيد الطباعة على الماكينات الإنجليزية القديمة».
المنتدى الإسلامي في البحرين
يقول الشروقي نقلاً عن الكتاب «كانت الصحف المصرية تصلنا باستمرار، وكنا مشتركين فيها، وأذكر منها جريدة اللطائف المصورة وجريدة الأهرام، وكان الناس يقرؤونها في الأندية الأدبية المنتشرة في مدن البحرين، وفي المحرق كان الشباب والمثقفون يتجمعون في المنتدى الإسلامي قرب بناية المؤيد الكبيرة مقابل بنك البحرين الوطني، يطالعون الصحف والمجلات ويناقشون أمور الثقافة والأدب، وكانت لدى الأستاذ سلمان كمال مكتبة كبيرة وكان مواطنو دول الخليج يأتون للبحرين ليتزودوا منها بكتب وصحف ومجلات تصلنا من مصر ولبنان ودول أخرى».
ويتابع «وبسبب التواصل البحري بين البحرين والبصرة في العراق، كانت تأتي أيضاً الكتب المؤلفة والمطبوعة هناك، ومن بيروت أيضاً تأتي الكتب وغيرها من البلدان، وأن التواصل بين هذه المحاور مكن البحرينيين من الاطلاع على الكتب في كافة المجالات والإصدارات الحديثة من شعر ورواية وغيرها، حيث إن البحرين والبصرة وبيروت والقاهرة بينهم روابط ثقافية وتاريخية قديمة».
مطار البحرين
ويسرد الكتاب على لسان الشروقي حكاية تطور البحرين وازدهارها «كان مطار البحرين عبارة عن أرض مسطحة، وآنذاك لم يكن لدى دول الخليج العربي شركات طيران ولا مطارات، وفي عام 1950 بدأت الخطوط البريطانية في الوصول لمطار البحرين الدولي بالمحرق بصورة منتظمة، وكان اسمها آنذاك (برتش إمبريال آيرويز)».
ويضيف «تجسد التطور في البحرين في كونها ملتقى للطرق البحرية، وكان أهلنا الخليجيون يأتون هنا لأسباب كثيرة منها التسوق والتبضع والتزود بالمطبوعات والسفر من البحرين إلى أي مكان، وكانت المنامة حلقة الوصل بين البصرة والكويت ودبي ومسقط وبيروت وبومباي التي كانت آنذاك مزدهرة بالعرب من تجار اللؤلؤ، وكذا المنامة مدخل لدول الخليج، إذ يعبر القادمون إليها عبر البحرين في الذهاب والإياب، وكانت أهم وسيلة للسفر عبر البحر شركة «أنديال برتش أيرلاين»، كانت لها سُفن وبواخر تنقل الركاب من البحرين إلى البلاد الأخرى وبالعكس، يعني البحرين كانت محطة مهمة في طرق المواصلات البحرية والجوية على السواء».
البحرين محطة ثقافية
ويقول الشاعر الشروقي إن عبور الثقافات المتعددة والمختلفة عبر البحرين والتعامل مع الزوار والتجار بكل جنسياتهم ولغاتهم المختلفة، كان سبباً في تفرد البحرين ثقافياً ومعرفياً، وصادف ذلك استخراج البترول في وقت مبكر سبق كل دول المنطقة، ومنذ الأربعينات كانت البحرين تتطور في المجالات كافة.
دراسة التحكيم في إنجلترا
ويسرد الشروقي قصة دراسته في الكتاب «هذه قصة طريفة بعض الشيء، في مرة من المرات بعثني رئيس البلدية آنذاك الشيخ عبدالله بن عيسى آل خليفة إلى إنجلترا في إطار عمل الإدارة، كنت حينها موظفاً صغيراً وصادف وجودي هناك الشيخ عطية الله آل خليفة، وأيضاً كان مبتعثاً من حكومة البحرين في فترة تدريبية».
ويواصل «يوماً ما كنت في ميدان كرة أقف لمشاهدة مباراة، وكان مجموعة من الإنجليز يلعبون الكرة وكنت أقف أشاهدهم، فطلبوا مني تحكيم المباراة قلت لهم أوك، سلموني الصفارة فخلعت بدلتي ودخلت الملعب، وحكمت المباراة فأعجبوا بإدارتي في التحكيم، ووقفوا وتحدثوا معي وتعرفوا علي وشكروني وقالوا لي إنك مؤهل أن تكون حكم كرة قدم لأنك أدرت المباراة بشكل يدل على صلتك بالتحكيم، فقلت لهم لا ليس لدي صلة بالتحكيم لكني لعبت كرة القدم والذي يلعب الكرة بكل تأكيد يلم بأساسيات التحكيم الكروي، فقدموا لي اقتراحاً أن أنال دورة في التحكيم ببريطانيا فوافقت فوراً».
رجع الشروقي إلى البحرين ثم عاد مرة أخرى لإنجلترا وحضر دورة لتحكيم كرة القدم في معهد مانشستر للتحكيم «امتحنت وحصلت على شارة تمكنني من ممارسة هذا النشاط الرياضي، وكنت محتفظاً بها لفترة طويلة لكن للأسف أولادي في البيت أضاعوها، وفترة غيابي في إنجلترا أثرت على العمل لأني كنت أحمل أعباءً كثيرة إدارية وعملية ومهام السكرتارية ومنها طباعة الخطابات والرسائل والمذكرات الخاصة بالعمل، لذا وصلت وانكفيت على العمل لأعوض فترة غيابي في إنجلترا بالدورة التدريبية».
بدايات تدفق النفط
عن بدايات النفط يقول الشاعر الشروقي «بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية جاءت أول شركة للتنقيب عن النفط في البحرين، وكان رئيس الشركة أسترالي الجنسية اسمه مستر هومس، رجل كريم سكن قرب بيت يتيم في المنامة، وفي أيام الأعياد كان يجلس على زولية ومعه كمية كبيرة من الفلوس ويعطي أطفال الحارة روبيتين، وكانت مبلغاً كبيراً في بداية ثلاثينات القرن الماضي».
ويضيف «هذا الأسترالي أخذ امتياز الشركة وباع حقوقها لشركة نفط البحرين بابكو، واستلم حقوقه وغادر البحرين، وأتذكر أول مدير لشركة بابكو كان مستر أسكنر، طبعاً البحرين كانت صغيرة المساحة وكنا نعرف أسماء الأجانب في الشركات الكبيرة».
بدايات التعليم في البحرين
ويسرد الشروقي في طيات الكتاب «بعد الحرب العالمية الثانية جاء الإنجليز إلى مدينة البصرة في العراق ونزلوا فيها وعمروها وطوروها وأنشئوا فيها مطاراً، كان الأول في العراق، ولم يكن في منطقة الخليج مطارات ولا وجود لشركات طيران، مدينة البصرة كانت عامرة بالنشاط الاقتصادي والتجاري والثقافي، كانت فيها قنصلية إنجليزية، وعندما جاءها الإنجليز عملوا على التبشير بالدين المسيحي، وكانت العراق الدولة الخليجية الأولى التي يبدأ فيها التبشير الكنسي وهؤلاء المبشرون جاؤوا من أمريكا بمساعدة الإنجليز».
ويقول «من البصرة مباشرةً جاؤوا إلى البحرين عام 1898 وفتحوا أول مستشفى وهو مستشفى الإرسالية في ذات العام، ومن خلال وجودهم في البحرين بدؤوا عملهم في ممارسة التعليم كمدرسة تبشير، وبعد فترة انتبهت الحكومة لهذا الشيء فتم إنشاء مدرسة الهداية الخليفية في المحرق، ومدرسة ثانية باسم الهداية الخليفية في المنامة، وأنا شخصياً درست فيها، لكن ناس المحرق لم يعترفوا بمدرسة الهداية في المنامة واعترفوا فقط بمدرسة الهداية الخليفية في المحرق ويعتزون بها غاية الاعتزاز».
مدرسة الهداية الخليفية بالمنامة
يقول الشروقي في الكتاب «تقع في المنامة ولا تزال موجودة حتى الآن، لكن تغير اسمها لمدرسة «أم المؤمنين»، لأنها تقع في حارة يسكنها الأخوة الشيعة، وكان أساتذتها من سوريا، وأتذكر آخر مدير لهذه المدرسة فلسطيني من غزة كانت في تلك الأيام تحت حكم الإنجليز، وكان المدير صديقاً للأسرة لأن بيتنا كان قريباً من المدرسة وكان المعلمون في المدرسة يعزموننا على وجباتهم في المناسبات ورمضان والأعياد».