من المعلوم أن الجريمة في معناها العام هي إتيان الفرد سلوكاً مجرماً طبقاً لنص من نصوص العقوبات ولقد تناول قانون العقوبات البحريني صوراً متعددة للسلوك الإجرامي ووضع عقوبات جنائية تتناسب مع شتى الجرائم المختلفة لتحقيق الردع العام والخاص.
وإذا كان قانون العقوبات البحريني قد قسم الجرائم إلى جرائم ضد الأشخاص وجرائم ضد الأموال فإن جريمة إخفاء أشياء متحصلة من جريمة تعد من الجرائم ضد الأموال سواء كانت أموالاً عامة أو خاصة.
وإذا كان الجاني لا يعلم أن الأشياء تحصلت من جريمة ولكنه حصل عليها في ظرف يحمل على الاعتقاد بعدم مشروعية مصدرها تكون العقوبة «الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر والغرامة التي لا تتجاوز خمسين ديناراً أو إحدى هاتين العقوبتين».
مثال ذلك إخفاء لأشياء قد سلمها له أحد الأشخاص من معتادي الإجرام أو المعروف عنه القيام بأعمال غير مشروعة.ونص أيضاً في المادة 399 من قانون العقوبات على أنه (إذا بادر الجاني في إخبار السلطات القضائية أو الإدارية عن مرتكبي الجريمة التي تحصلت منها الأشياء قبل البدء في التحقيق الابتدائي فيها عد ذلك عذراً مخففاً ويجوز إعفاؤه من العقوبة إذا رأى القاضي محلاً لذلك).
مما سبق يتضح لنا أن جريمة إخفاء أشياء متحصلة من جريمة لها ركنيان أساسيان وهما:
أولاً: الركن المادي
ويتمثل الركن المادي في سلوك الجاني من تسلمه لأشياء متحصلة من جريمة مثل جريمة السرقة أو الاستيلاء أو الاختلاس وأن تحقق الحيازة الكاملة له لهذه الأشياء، ففي جريمة السرقة مثلاً أن يتسلم الشخص من الجاني الأشياء التي تم سرقتها وانتقالها إلى حيازته.
إذا فالشرط المفترض في الركن المادي للجريمة أن تكون هناك ثمة جريمة قد ارتكبت ولها متحصلات قد تم تسليمها من الجاني إلى الشخص المخفي لها، ولا يشترط المشرع في المادة 398 أن يكون الشخص المخفي للأشياء قد ساهم في ارتكاب الجريمة بإحدى صور المساهمة الجنائية مثل الاتفاق أو التحريض أو الاشتراك.
ثانيا: الركن المعنوي
ويتمثل الركن المعنوي للجريمة في علم الشخص المخفي للأشياء التي أخفاها أنها متحصلة من جريمة ما واتجاه إرادته رغم علمه بمصدرها إلى قبولها وتسلمها وإخفائها.
لذلك يمكننا القول إن تلك الجريمة تتطلب قصداً جنائياً خاصاً هو العلم بأن هذه الأشياء متحصلة من جريمة مع توافر نية الإخفاء.
كما أردفت المادة 398 بذكر أنه إذا كان الجاني لا يعلم أن الأشياء التي تسلمها لإخفائها قد تحصلت من جريمة ولكنه قد حصل عليها في ظرف قد يحمل على الاعتقاد بعدم مشروعية طريقة الحصول عليها فإن الجهل لا يعفيه من العقوبة.
العقوبة
ولقد وضع المشرع ثلاثة معايير لتوقيع العقوبة في تلك الجريمة وهي:
1. إذا كان من أخفى الأشياء يعلم أنها متحصلة من جريمة فيعاقب بذات العقوبة المقررة للجريمة الأصلية.
2. إذا كان لا يعلم أن الأشياء التي أخفاها قد تحصلت من جريمة ولكنه حصل عليها في ظرف يحمل على الاعتقاد بعدم مشروعية مصدرها فتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر والغرامة التي لا تجاوز خمسين ديناراً أو إحدى هاتين العقوبتين.
3. في حالة إذا بادر الشخص بإبلاغ السلطات القضائية أو الإدارية قبل بدء التحقيق الابتدائي عد ذلك عذراً مخففاً كما يجوز إعفاؤه من العقوبة إذا رأى القاضي محلاً لذلك.
وأخيراً فإن المشرع البحريني قد رأى في جريمة إخفاء أشياء متحصلة من جريمة خطورة من شأنها الإضرار بالمجتمع لذا فقد ساوى في العقوبة بينها وبين الجريمة التي تم التحصل على الأشياء منها لما في هذه الجريمة من استمرارية للاعتداء على الأموال العامة والخاصة كما أنها تمثل تستراً على الجريمة قد ارتكب بإخفاء دليل من أدلتها.