كتب ـ عبدالرحمن صالح الدوسري:ينقل د.عيسى أمين في معرض حديثه عن تاريخ المخبرين البريطانيين في المملكة، عن إحدى البرقيات المتبادلة بين المخبرين، إن واردات البحرين سنة 1898 سجلت 88 ألف روبية مقابل 79 ألفاً للصادرات، بعد أن كانت 22 ألف روبية للواردات و21 ألفاً للصادرات سنة 1878.ويقول أمين إن أحد المسؤولين البريطانيين اقترح تخصيص فرقة أمنية محلية عند تعيين معتمد بريطاني بالبحرين، تكلف 3800 روبية سنوياً، بينما خصصت الحكومة البريطانية 18 ألف روبية لبناء دار الاعتماد، و28443 روبية كرواتب ومصروفات لدار الاعتمادية.ويضيف أن بريطانيا خصصت 740 روبية شهرياً لمكدوال أول معتمد بريطاني في المملكة، بينما منحت جاسكن 100 روبية شهرياً لقاء عمله مساعداً للمعتمد السياسي بالبحرين.البحرين مركز تجاري رئيسويقول عيسى أمين «في 24 سبتمبر 1899 كتب المقيم السياسي إم .ج مييد من بوشهر إلى وزير الدولة في حكومة الهند دائرة الخارجية، إنني أرى ضرورة وجود معتمد سياسي في البحرين، نظراً لازدياد مصالحنا واهتماماتنا وتطورها في السنوات الأخيرة بنسبة كبيرة، علماً أن أغلب الأمور التجارية بريطانية، وأرى تطوراً واسعاً في هذا المجال في العقدين المقبلين».وضيف المقيم السياسي في برقيته «بلغت الواردات في عام 1878، 22.29.177 روبية، وفي عام 1898 مبلغ 88.27.650 روبية، وكانت الصادرات 21.81.995 في 1878، قبل أن تصبح 79.10.880 روبية في 1898».ويستدرك عيسى أمين «لنترك هذه الأرقام تتحدث بذاتها، ولأن البحرين تتمتع بالحماية البريطانية أصبحت المركز الرئيس لتجارة الساحل الشرقي من الجزيرة العربية».ويواصل «في عام 1881 كتب المقيم السياسي السابق الكولونيل روس بمدى أهمية البحرين، وأبدى رأيه وتوقعاته في تزايد الاهتمام الدولي بهذه المنطقة وخاصة البحرين، وقال إن مصالحنا في البحرين على قدر كبير من الأهمية، وأنا على يقين أن حكومة الهند تدرك ذلك، وأن الشيخ عيسى آل خليفة بينما كان يصغي لنصائح المقيمين السياسيين في بوشهر، يبدو في الآونة الأخيرة يبدي اهتماماً أكثر لما يقوله الأتراك والفرنسيين».وأرجع روس هذا التغيير في توجهات الشيخ عيسى آل خليفة إلى «وجود وكيلنا السابق الآغا محمد رحيم، وقبل خفض عدد العاملين بالمقيمية في بوشهر سنة 1879، كان المساعد الأول للمقيم يقضي مدة طويلة في البحرين، ولكنه لم يكن على اتصال مباشر مع الحاكم، خاصة أن وكيلنا السابق كان دائماً هو من يتولى هذه الاتصالات».ويضيف روس في برقيته «الشيخ عيسى آل خليفة وتجار البحرين لم يرغبوا في التعامل مع المساعد الأول للمقيم، بسبب منافسته التجارية للكثير من تجار البحرين، وأرى ضرورة استبداله، ولو عينا وكيلاً إنجليزياً لن يتدخل في الأمور التجارية، ويحصر نشاطه في الوكالة، ويشجع استثمارات بريطانية في البحرين، ويلقى الدعم من حاكم البحرين، ما يؤدي إلى ازدياد ثقة الحاكم في النصائح المقدمة من الحكومة البريطانية، ولن يتدخل أحد في شؤون التجار، ويدركون من هو المرجع والعون لهم».دار الاعتماد البريطانيويتابع عيسى أمين سرد مضمون البرقية «من الممكن أن يؤدي وجود المعتمد إلى إصلاح الأحوال في دائرة الجمارك ونهاية للمواجهات بين الشيخ عيسى والبانيان الذين يديرون الجمارك، وإذا ما تم تعيين المعتمد المذكور فإني أرى ضرورة تقديم الدعم المالي له، وهو ما يكفي لتغطية عمله الممتد من رأس مسندم جنوباً حتى الكويت شمالاً، وأنا على يقين أن يكون الاختيار من الدائرة السياسية، وأن يكون متمكناً من اللغة العربية، ولا أقترح تعيين هندي أو آسيوي في هذا المنصب، لأن العرب هنا يحترمون الإنجليز أكثر».ويضيف «نحتاج في حال اختيار الشخص فرقة أمنية محلية ربما تكلفنا مبلغ 3800 روبية سنوياً، هذه الفرقة تتبع الدائرة العسكرية في حكومة الهند، ولن تخضع لأوامر محلية، وعلينا توفير مبلغ 18000 روبية لبناء دار الاعتماد، وأن نقدر وبصورة مبدئية ميزانية شهرية بمبلغ 6223 روبية مصاريف موظفي الإدارة مع المعتمد، ومصاريف سنوية أخرى تقدر بنحو 22220 روبية، للتأثيث والصيانة والسفر والبرقيات والكتب ومصاريف السفينة التابعة لدار الاعتماد.ويقول أمين «بناء على طلب المقيم السياسي أم.ج مييد في 24 سبتمبر 1899 من الحكومة في الهند تأسيس دار للاعتماد في البحرين، وتعيين أول معتمد بريطاني فيها، تبادلت دوائر حكومة الهند والحكومة البريطانية في لندن، البرقيات والرسائل في هذا الشأن، نختار البعض منها نموذجاً للإدارة السياسية.أول معتمد بريطاني بالبحرين ويتحدث عيسى أمين عن البرقية رقم 1755 المبعوثة من سيملا في الهند نوفمبر 1899 من نائب الملك إلى وزير الدولة في لندن جاء فيها «أرجو الاطلاع على الفقرة 83 من رسائلنا السرية رقم 175 في 21 سبتمبر، تجدون فيها أن المقيم السياسي مييد يرشح مكداول ليكون أول معتمد بريطاني في البحرين، مقابل راتب قدره 740 روبية شهرياً، وتوفير 100 روبية بعد إنهاء خدمات المخبر المحلي».ورأى نائب الملك «هذا أقل كلفة من تخصيص 1000 روبية شهرياً لموظف جديد، علماً أننا نحتاج مبلغاً إضافياً للسكن، ما يعني 15 ألف روبية في السنة، هذا إذا ما تمت موافقتكم، أرجو توجيه مكتب الخارجية لتنفيذ الأمر بخصوص مكداول، مع التأكيد أن المقيم السياسي يرى أن جاسكن نائب القنصل في بوشهر، ربما يأخذ بهذه الحالة مكان مكداول في المحمرة».وتضمنت البرقية رقم 19 المؤرخة في 18 يناير 1900 من المقيم السياسي في بوشهر إلى سكرتير الخارجية في كلكتا «عاد المخبر في البحرين إلى بوشهر وهو بصحة سيئة، وأرى ضرورة إرسال جاسكن ولو بصورة مؤقتة إلى البحرين، خاصة أن مكداول في المحمرة غير مناسب، ولم تنته إجراءات إرساله إلى البحرين لغاية الآن، ولو أرسلنا جاسكن إلى هناك، لابد من إعطائه 5 روبيات يومياً نظير عمله، إلى جانب المرتب الشهري لوظيفته كنائب للقنصل في بوشهر، لأن انتقاله إلى البحرين يفقده علاوة عمله في بوشهر وهي 30 جنيهاً سنوياً».وجاء الجواب من سكرتير الخارجية في كلكتا إلى المقيم السياسي في بوشهر بالبرقية رقم 335 بتاريخ 2 فبراير 1900 «جواباً على برقيتكم، تم تعيين جاسكن مساعد معتمد سياسي في البحرين، ومنحه علاوة إلى جانب راتبه تقدر بـ100 روبية شهرياً، على أن تكون هذه الترتيبات بصورة مؤقتة».وجاء في البرقية المؤرخة 1 أبريل 1900 والموجهة من المقيم السياسي في بوشهر إلى وزير الدولة في دائرة الخارجية بالهند «بناء على توصية دائرة الخارجية في الهند والمذكورة في البرقية المؤرخة 2 فبراير 1900، يطيب لي أن أبلغكم بأنني سمحت للسيد ج.س جاسكن مساعدي في بوشهر، بأن يتولى مسؤولية نائب المعتمد السياسي في البحرين بصورة مؤقتة، بعد وفاة آغا محمد رحيم صفر المخبر في البحرين بتاريخ 9 فبراير 1900، ويتسلم جاسكن مسؤوليته الجديدة مساء يوم 10 فبراير 1900، أرجو إبلاغ مسؤولي المالية بذلك».